Feb 12, 2024 7:40 AM
مقالات

إيران تلجم محركات امتداداتها الإقليمية؟

سجل وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان الزيارة الاولى له للبنان هذه السنة. وهي الثالثة له منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة علما انه زار بيروت خمس مرات العام الماضي.

فايران تسجل زيارات على هذا المقدار من الوتيرة للبنان لوزير خارجيتها على نحو معلن، بغض النظر عن زيارات لمسؤولين ايرانيين امنيين او عسكريين على نحو غير معلن، بمعدل زيارة على الاقل كل ثلاثة اشهر ما لم يستدع الوضع زيادة هذه الزيارات. ومع الزيارات الكثيرة لوزراء خارجية دول اوروبية عدة للبنان في الاشهر الثلاثة الاخيرة تحرص ايران على تأكيد حضورها اكثر فاكثر وامساكها بلبنان الذي تحدث باسمه عبد اللهيان بقوله بعد لقاء نظيره اللبناني "أنّ "إيران ولبنان يؤكدان أنّ الحرب ليست الحلّ ونحن لم نكن نتطلع إلى توسيع نطاقها" انما من دون بيان مشترك عن الجانبين يعبر عن ذلك ويخلص الى محادثات ندية جرت بين الطرفين.

وعلى رغم الشكوك الكثيرة التي تحوط بزيارات الديبلوماسي الايراني المتكررة للبنان على خلفية استخدام ايران على نحو علني وفاضح لبنان منصة لها من اجل تنفيذ مصالحها واستغلال لبنان لاهدافها، كما الشكوك بالنوايا الايرانية فان هذا لا يحول دون ملاحظة مؤشرات جديدة في ما اعلنه الديبلوماسي الايراني على رغم المخاوف من التباسات في فهم ما يقصده وما لا يقصده.

كان قول المرشد الإيراني علي خامنئي قبل يومين مستبقا زيارة عبد اللهيان او جولته اذا صح التعبير باعتبار انه انتقل الى سوريا وقد يزور العراق كذلك، إن الفلسطينيين "قادرون" على إدارة الحرب مع إسرائيل "وحدهم"، مضيفاً أنهم "لم يتلقّوا ضربة شديدة حتى اليوم" على قاعدة لماذا هذا الاستنتاج اليوم وليس قبل اربعة اشهر وهل يعني عدم الحاجة الى تدخل ايران والتنظيمات الموالية لها لمشاغلة اسرائيل. وغلف خامنئي هذا القول بحملة معهودة على الولايات المتحدة ودعمها لاسرائيل.

في مطار بيروت تحدث عبد اللهيان بحسب بعض المراقبين بصيغة الماضي واقفال ملف. قال "نحن وبصوت عالٍ ومنذ بداية هذه الأزمة، أعلنا أن الحرب ليست هي الحل… وان حزب الله والمقاومة في لبنان قامت بكل شجاعة وبكل حكمة بإيفاء دورها الرادع والمؤثر، واننا نترحم على ارواح جميع شهداء المقاومة الفلسطينية وفي المنطقة ولا سيما في لبنان، واود ان ابلغ التحيات الحارة لإيران، حكومة وشعباً الى لبنان جيشاً وحكومة وشعباً وأيضاً الى المقاومة في لبنان".

ولم ينس ان يختم عبد اللهيان مؤتمره الصحافي في مطار بيروت وقبل لقائه ايا ممن اتى للقائهم في لبنان وليس بعد لقائه معهم "ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستستمر في دعمها القوي للمقاومة وللبنان، ونحن نعتبر ان أمن لبنان من أمن ايران والمنطقة". وهذه نقطة تعد خطيرة في رأي القوى السياسية اللبنانية خارج الثنائي الشيعي لربط امن لبنان بامن ايران .

دلالات هذا الموقف تنتظر بحسب مراقبين سياسيين اتضاح افق ما انتجه تواصل بين الولايات المتحدة وايران تحدث عنه عبد اللهيان وحرص على ابراز وجود رسائل بين بلاده وواشنطن وما اذا كانت ايران تعهدت إبطاء او اخماد محركات التنظيمات الموالية لها الداعمة لغزة او تحت شعارها، على ان يكون التعهد علنا وعلى نحو صريح وواضح وعلى اي اساس لا سيما بعد الردود الاميركية على استهداف البرج 22 على الحدود الاردنية السورية. اذ تتحدث بعض المعلومات على ان هذا الاعتداء شكل منعطفا مهما نتيجة تجاوزه خطوطا حمراء لم تكن ايران نفسها ترغب في تجاوزها بحيث يمكن ان تهدد في حال استمرارها، بوصول اللهيب اليها على رغم استبعاد استهدافها بالضربات الاميركية. اذ ان اللعب بالنار او على حافة الهاوية له حدوده التي تلقت ايران صداه فتراجعت في الايام القليلة الماضية الصواريخ الحوثية في البحر الاحمر او الصواريخ من التنظيمات العراقية الموالية لايران على القواعد الاميركية في العراق وسوريا لان " الفلسطينيين قادرون على ادارة الحرب وحدهم " كما قال خامنئي.

في الايام السابقة انصبت كل زيارات الموفدين الديبلوماسيين من وزراء الخارجية وسواهم على تحذير لبنان من توسع الحرب انطلاقا من الجنوب على غير ما فتيء اهل السلطة يروجون من استبعاد لهذا الاحتمال بناء على المعطيات المتوافرة لديهم. المعطيات التي كانت قائمة حتى الامس لدى الموفدين الغربيين ان اسرائيل جاهزة لتوسيع الحرب في اتجاه لبنان وانها لا تستمع الى النصائح والدعوات لعدم القيام باستكمال الحرب على غزة وحتى بالهجوم على رفح التي تصاعدت التحذيرات المتتالية في شأنها. والتصلب الذي تظهره اسرائيل في رفح كما ادارة الظهر للاميركيين وعدم الرد على ما تطلبه الادارة الاميركية يعني ان لبنان قد لا يكون في منأى عن الصخب الاسرائيلي. فيما ايران كما قال عبد اللهيان "منذ بداية هذه الأزمة، أعلنا أن الحرب ليست هي الحل" ليصل الى " ان التطورات في غزة اليوم تتجه نحو الحل السياسي". فهذا الكم من ايجابيات "الرؤية الايرانية" اضافة الى ان قول عبد اللهيان من المطار: "نحن اليوم نشهد ان مقاومة النصر في فلسطين قد وضعت على الطاولة مشروعاً سياسياً بحضور حماس" تشكل جملة معطيات جديدة على المشهد الايراني ورسائله من بيروت بالذات.

فهل قراءة مواقف الديبلوماسية الايرانية انها اطفاء لمحركات الامتدادات الايرانية في المنطقة في محلها ام لا؟

روزانا بو منصف - النهار

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o