Apr 14, 2018 4:27 PM
تحليل سياسي

ضربة اميركية- بريطانية- فرنسية على ســوريا تحفظ "ماء وجه" ترامـب
اهداف محددة ولا ضحايــا ومواقف تنديد ودعم تبعا للمواقع السـياســية
رئيسا الجمهورية والحكومة الى القمة وبعدها... عون الى قطر والحريري باق

المركزية- قبل بزوغ خيوط الفجر الاولى، جسّدت واشنطن وحليفتاها فرنسا وبريطانيا تصميمها على "معاقبة" النظام السوري على "فعلته" الكيميائية، بسلسلة غارات منسقة منظمة وسريعة شنها الطيران الحربي الأميركي بالإشتراك مع أربع طائرات تابعة للقوات الجوية البريطانية وطائرتين فرنسيتين على مواقع تابعة للجيش السوري في دمشق وحمص استهدفت مواقع مرتبطة بقدرات الرئيس السوري بشار الأسد في مجال الأسلحة الكيميائية، انتهت خلال خمسين دقيقة، في وقت كان الرئيس دونالد ترامب يوجه كلمة متلفزة من البيت الابيض يعلن فيها اصدار اوامره بضرب اهداف في سوريا في عملية مشتركة بالتنسيق مع بريطانيا وفرنسا، التي اعلن رئيسها إيمانويل ماكرون إنه أمر بتدخل عسكري في سوريا جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة وبريطانيا في هجوم على ترسانة الأسلحة الكيماوية للنظام السوري، بعدما كان اجرى اتصالا بنظيره الروسي فلاديمير بوتين امس حذره فيه من عمل متهور وخطير، فيما اعلنت رئيس ​الحكومة البريطانية​ ​تيريزا ماي​ ان "الضربة في سوريا كانت صائبة"، مشددةً على "ان من الضرورة ان يكون هذا الهجوم رسالة حول عدم إستخدام السلاح الكيميائي".

في الميدان: في الميدان، أفادت المعلومات بأن الغارات الليلية استهدفت عدداً من المقار العسكرية بينها مطار المزة العسكري ومراكز أبحاث للمواد الكيميائية تابعة للنظام السوري. واشارت وسائل اعلام اميركية الى أن قاذفات "بي 1" الأميركية، شاركت في هذه الضربات على مواقع النظام السوري وأن سفينة حربية واحدة على الأقل في البحر الأحمر شاركت في الضربات واستخدمت صواريخ من طراز "توماهوك" في الغارات. اما وزارة الدفاع البريطانية، فأفادت إن أربع طائرات من طراز تورنادو راف شاركت في الضربة السورية. كما استخدمت صواريخ ضد مبنى عسكري يقع على بعد 24 كيلومترا غربي حمص، حيث من المعتقد أن سوريا تخزن فيه مركبات أولية لأسلحة كيميائية. وعرض الجانب الفرنسي ما وصفه بطائرات حربية من طراز رافال تقلع، للمشاركة في عملية استهدفت منشآت الأسلحة الكيميائية السورية.

وفيما اعلنت وكالة "سانا" الرسمية وقوع عدد من الجرحى جرّاء الغارات موضحة ان محور مكافحة الإرهاب تصدى للعدوان الثلاثي على سوريا واسقط عدداً من الصورايخ التي استهدفت الأراضي السورية، اكد الجيش الروسي عدم وجود اي قتلى بين المدنيين او العسكريين، في "الضربة الثلاثية".

...وفي المواقف: اجمعت معظم الدول الحليفة للولايات المتحدة الاميركية على الترحيب بالضربات العسكرية، مبررين التأييد بأن استخدام النظام للسلاح الكيميائي في دوما منذ اسبوع تخطى الخطوط الحمر، وان اي تجاوز في المستقبل لهذه الخطوط لن يمرّ من دون عقاب. وفي حين اعلنت رئيس ​الحكومة البريطانية​ ​تيريزا ماي​ "ان موسكو ودمشق لم تلتزما بتعهدات تدمير مخزون السلاح الكيميائي"، اعلنت فرنسا على لسان وزير خارجيتها جان ايف لو دريان "ان اهداف الضربات الدولية تحققت، وليست هناك نيّة لشنّ مزيد من الضربات في هذه المرحلة، لكن على الحكومة السورية ان تدرك انها لو تجاوزت "الخطوط الحمراء" مرة اخرى ستكون هناك ضربات جديدة". وحظيت الضربات ايضا بتأييد حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي يعقد اجتماعاً طارئاً بعد الظهر في مقره في بروكسل لمناقشة التطورات السورية، إذ اعتبر امينه العام ينس شتولتنبرغ أنها "ستقلص قدرة النظام على مهاجمة الشعب السوري بالأسلحة الكيميائية.

اما خليجياً، فأعلنت كل من السعودية وقطر والبحرين تأييدها الضربات، معتبرة انها جاءت رداً على "جرائم" النظام السوري، فيما رحّبت ايضاً تركيا بالضربات، واشار المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم ماهر اونال إلى "ان بلاده تلقت معلومات مسبقة بخصوص الضربات العسكرية ضد النظام السوري"، موضحاً في تصريح "ان الضربات العسكرية عقاب على استخدام الأسلحة الكيميائية، وتحذير جدي من اجل منع الأسلحة الكيميائية التي استخدمها الأسد ضد شعبه".من جهة اخرى، دعا العراق في بيان لوزارة الخارجية "الزعماء العرب لاتخاذ موقف واضح تجاه التطورات الأخيرة في سوريا خلال القمة العربية المزمعة في السعودية غداً". اما الخارجية المصرية فطالبت بإجراء تحقيق دولي شفّاف في هذا الشأن.

مواقف منددة: في المقلب الاخر، استدعت الضربات العسكرية ردود فعل منددة من حلفاء النظام السوري، ابرزهم الرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​ الذي اعتبر "ان ضرب سوريا عدوان واضح ضد دولة ذات سيادة"، لافتاً الى "ان ضرب واشنطن وحلفائها المنشآت العسكرية والمدنية في سوريا يمثل انتهاكا للقانون الدولي".وقال رئيس غرفة العمليات في هيئة الأركان الروسية الفريق سيرغي رودسكوي، "ان موسكو قد تدرس تزويد سوريا ودول اخرى بأنظمة "إس 300" الصاروخية". اما الصين الاقرب الى روسيا من اميركا في الملف السوري، فقال المتحدث باسم خارجيتها "ان بكين تعارض باستمرار استخدام القوة في العلاقات الدولية"، مشددةً على ضرورة احترام سيادة واستقلال ووحدة اراضي الدول الأخرى". وحذرت ايران الداعم الإقليمي الأبرز للأسد، من "عواقب اقليمية" للضربات.

عون.. جنوح للتورط: وكما في الخارج كذلك في الداخل، حيث انهمرت المواقف من الضربة الغربية على سوريا، وسارع الأفرقاء  كل من جهته وموقعه السياسي، إلى استنكار الضربة الثلاثية. وفي تعليق على الحدث، اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان "ما حصل فجر اليوم في سوريا لا يساهم في ايجاد حل  سياسي للازمة السورية، والحوار حاجة ضرورية لوقف التدهور والحد من التدخلات الخارجية التي زادت الازمة تعقيدا. واعتبر ان لبنان الذي يرفض ان تُستهدف اي دولة عربية باعتداءات خارجية بمعزل عن الاسباب التي سيقت لحصولها، يرى في التطورات الاخيرة  في سوريا جنوحاً الى مزيد من تورط الدول الكبرى في الازمة السورية، مع ما يترك ذلك من تداعيات. بدوره، علق رئيس مجلس النواب نبيه بري على الضربة الغربية بما يلي: "رحم الله الجواهري عندما قال: دمشق صبرا على البلوى ... وعند أعوادك الخضراء بهجتها كالسنديانة مهما ساقطت ورقا." وفيما دانت وزارة الخارجية والمغتربين، في بيان، القصف الصاروخي والغارات الجوية ، معتبرة أنهما يمثلان إعتداءً صارخاً على سيادة دولة عربية وانتهاكاً للمواثيق والأعراف الدولية. وأكدت أن موقف لبنان المبدئي كان ولا يزال مع حظر استعمال السلاح الكيميائي من أي جهة وضرورة معاقبة مستعمليه، وكذلك منع استخدام وامتلاك كل أنواع اسلحة الدمار الشامل لا سيما السلاح النووي الذي تملكه اسرائيل تحديداً، ومنع استعماله في أي نزاع عسكري". أصدر حزب الله، بيانا اعلن فيه"وقوفنا الصريح والثابت الى جانب الشعب السوري وقيادته وشعبه الباسل ونشيد بتصدي قوات الدفاع الجوي في الجيش العربي السوري للعدوان ونؤكد ان الحرب التي تخوضها أميركا ضد سوريا وضد شعوب المنطقة وحركات المقاومة والتحرر لن تحقق أهدافها..."

لبنان الى القمة: وتحت وطأة الضربة الثلاثية لسوريا، تنعقد في السعودية غدا القمة العربية الـ29، التي يحضر الملف السوري بتطوراته بندا اساسيا في مناقشاتها. وعصرا يتوجه الرئيس عون ورئيس الحكومة سعد الحريري والوفد المرافق على متن طائرة واحدة الى المملكة للمشاركة في القمة، على ان يشارك الرئيس عون ايضا في الغداء الرسمي الذي يقيمه الملك سلمان بن عبد العزيز ظهر غد، قبل ان يعود الى بيروت مساء ليتوجه منها الى قطر كما اشارت "المركزية" للمشاركة في حفل افتتاح المكتبة الوطنية تلبية لدعوة من اميرها تميم بن خليفة آل ثاني.اما الرئيس الحريري، فيبقى في المملكة لحضور مناورات عسكرية بمشاركة عدد من الدول الحليفة  الى جانب الملك سلمان بن عبد العزيز.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o