Aug 08, 2020 3:51 PM
تحليل سياسي

السلطة تغسل يديها من الأمونيوم... والشارع يعلّق "المشانق" في "يوم الحساب"
الخارج يخيّب رهان الحكام: فصل بين المساعدات الاغاثية الطارئة والدعم المالي!
دائرة الاستقالات النيابية تتّسع.. ووثائق تؤكد معرفة دياب ووزراء بمتفجرات المرفأ

المركزية- بعد صمت رسمي مدوٍّ استمر اياما، لم تخرقه الا بعض المواقف الشكلية "الهزيلة"، تبدو السلطة لملمت قواها وانتقلت من التخبط المخيف الذي اصابها بعيد انفجار العنبر 12، والذي تجلّى في خوف أركانها من مقابلة الناس في الشارع خلافا للرئيس الفرنسي، انتقلت الى موقع جديد، الا وهو محاولة غسل يديها من أمونيوم المرفأ. فخلع عنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس "الكرافات" واللباس الرسمي و"دردش" مع الاعلاميين بلا منبر، مبعدا عنه مسؤولية زلزال 4 آب، مشيرا الى ان "لا صلاحيات في يده في هذا الملف"، وكذلك فعل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي برّأ نفسه من المادة القاتلة، الى حد كاد يقول انه لا يعرف حتى اين يقع مرفأ بيروت! في المقابل، التحقيقات المحلية مستمرة. وفيما الايام الخمسة التي حددها مجلس الوزراء لتحديد المسؤوليات في الانفجار باتت في يومها الثالث، وبعد توقيف عدد من المسؤولين في المرفأ والجمارك، السؤال الذي يفرض نفسه هو "هل ستتم التضحية بمدراء عامين ومسؤولين من الصف الثالث من دون الوصول الى الرؤوس الكبيرة، علما انه بات مثبتا  ان جميع من تعاقبوا على السلطة منذ الـ2014 كانوا على علم بوجود مواد متفجّرة في العنبر"؟

عودة التحرّكات: على اي حال، الناس ليست في وارد السكوت عن الجريمة، وهي لا تثق بالتحقيقات المحلية. ولان تفاصيل الجريمة "جنائيا" لا تهمّها، بقدر كونها نتاج فساد سياسي عمره سنوات تتحمّل القوى السياسية كلّها مسؤوليتَه، فإنها عادت الى الشارع اليوم، وتداعت الى تحرّك شعبي واسع انطلق عصرا في ساحة الشهداء تحت شعارات متعددة منها "يوم الانتقام" و"يوم الحساب" و"علّقوا المشانق".

استقالات: في الموازاة، وبما ان ما جرى في 4 آب "زلزال"، فإنه ترك تداعياته في الخريطة السياسية ايضا، وبدّل معالمها. وفي السياق، أعلن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، بعد جنازة الأمين العام للحزب نزار نجاريان اليوم، استقالة نواب الحزب من البرلمان. ودعا "كل الشرفاء الى الاستقالة من مجلس النواب والذهاب فورا الى اعادة الامانة للناس ليقرروا من يحكمهم من دون ان يفرض احد عليهم اي امر". وستحذو النائب بولا يعقوبيان حذو الكتائب الاثنين، بعد ان كان النائب مروان حمادة اول من قدّم استقالته الاربعاء، في حين اعلن النائب ميشال ضاهر اليوم انسحابه من تكتل لبنان القوي.

احتضان خارجي: وسط هذه الاجواء، الاحتضان العربي والغربي للبنان في محنته، يتوسّع. ومع ان الدبلوماسيين الذين يتصلون ببيروت ويصلونها، يؤكدون ان دعمهم هو للشعب اللبناني الجريح لا للسلطة السياسية، فإن الرئيس عون ونصرالله وجدا فيها فرصة يجب استغلالها وقد قرأ فيها الاول "فكّا للحصار" على الحكومة... على اي حال، تساعد مواقف من زاروا بيروت اليوم في وضع الامور في اطارها الصحيح... وفي السياق، ركّز كل من الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط و نائب الرئيس التركي فؤاد اوكتاي كما رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الذين جالوا على المسؤولين اللبنانيين اليوم، على الوقوف الى جانب لبنان واللبنانيين، مؤكدين ارسال بلادهم مساعدات طبية واستشفائية وغذائية ومادية للمساعدة في اعمال الاغاثة والانقاذ وفي رعاية مَن فقدوا منازلهم، مبدين استعدادا ايضا للمساعدة في اعمال اعادة الاعمار وفي التحقيقات. وقد قال المسؤول الاوروبي ميشال بوضوح من بعبدا "لستم لوحدكم والاتحاد الاوروبي معكم بالافعال لا الاقوال وهناك نية وتأكيدات على مساعدة لبنان بإعادة الاعمار"، داعيا في المقابل "الى الشفافية والاصلاحات".

رهان السلطة يخيب!: وتبلغ الرعاية الدولية للبنانيين المنكوبين، ذورتها غدا حيث اعلن قصر الاليزيه اليوم ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والأمم المتحدة يستضيفان مؤتمراً للمانحين من أجل لبنان. و"المؤتمر الدولي لمساعدة ودعم بيروت والشعب اللبناني" الذي دعا اليه الرئيس الفرنسي وامين عام الامم المتحدة انطونيو غوتيريس غداً عند الثالثة بتوقيت بيروت والذي سيقام الكترونياً، يتمحور حول اربع اولويات: دعم للنظام الصحي -دعم للنظام التربوي -اعادة تأهيل المباني المتضررة جراء الانفجار -دعم غذائي... واضاءت الدعوة ايضا على الفصل بين الدعم المالي للدولة المشروط بتغيير ادائها والشروع في اصلاحات وبين المساعدات الاغاثية، بما يخيب رهانات السلطة وفق مصادر معارضة. اذ أشارت الى ان هذا الدعم الطارئ ومساعدات الاغاثة يجب ان تبقى منفصلة عن التعافي الاقتصادي والمالي للبنان والذي يتطلب تطبيق الاصلاحات المرتقبة من الشعب اللبناني والمجتمع الدولي. كما تم التعبير عن ذلك في اجتماع مجموعة الدعم الدولية الذي انعقد في باريس في ١١ كانون الاول ٢٠١٩.

دعم بريطاني واميركي: الى ذلك، تلقى رئيس الجمهورية اليوم، اتصالا هاتفيا من رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، أكد خلاله الاخير أن "بريطانيا حزينة لما حصل في بيروت، وهي مستعدة للتعاون من اجل دعم الشعب اللبناني الصديق، من خلال ارسال مساعدات عاجلة ومعدات طبية والمساهمة في إعادة اعمار المرفأ والمنازل المتضررة". كما أكد رئيس وزراء بريطانيا ان بلاده "سوف تعمل ما في وسعها بالاشتراك مع الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمانيا لتقديم ما يحتاجه لبنان حاليا، سواء بالنسبة الى إعادة اعمار المرفأ او غيره من المنشآت"، مشيرا الى ان بلاده "سوف تشارك في مؤتمر باريس غدا". في الموازاة، تبلغت الدوائر المختصة في بيروت نص المذكرة التي تقدم بها أكثر من ثمانين عضوا في مجلس الشيوخ الأميركي (الكونغرس) ينتمون الى الحزبين الديموقراطي والجمهوري، الى وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو، وأيد موقعو المذكرة "دعم سياسات أميركية التي من شأنها توطيد العلاقات المتينة والراسخة بين الولايات المتحدة الأميركية ولبنان"، كما ايدوا "الدعم الاولي الذي تقدمت به الوكالة الأميركية الدولية للتنمية بنحو 15 مليون دولار أميركي في مثاية مساعدات إنسانية فورية للبنان".

60 مفقودا: على ارض المرفأ المكنوب، التفتيش عن ناجين او أشلاء، مستمر لا سيما في منطقة "الاهراءات"... وقد أعلنت وزارة الصحة اليوم أن أكثر من ستين مفقوداً ما زال مصيرهم مجهولاً. واشارت معطيات صحافية الى ان الشهيد جو اندون انتشل جثة من تحت ركام مرفأ بيروت فجرا... واليوم، شرح قائد فوج المجوقل العميد الركن جان نهرا خلال جولة للصحافيين داخل مرفأ بيروت كيفية التفتيش عن جثث الشهداء داخل الاهراءات. ورد بعد ذلك على أسئلة الصحافيين، مشيرا الى وجود مفقودين حتى الساعة، وأن جميع العناصر كانت تعمل في شكل حرفي".

رفع الركام: في المقابل، لم تهدأ حركة الطائرات المحملة بالمساعدات الطبية والاستشفائية والغذائية والعينية في مطار بيروت، تماما كما عمليات تنظيف الشوارع ورفع الانقاض بزنود وسواعد اللبنانيين والجمعيات الكشفية والمنظمات غير الحكومية، من دون اي حضور للاجهزة الرسمية.

التحقيقات: في الموازاة، التحقيقات تسير على قدم وساق. وفي حين يعقد مجلس الوزراء جلسة عصر الاثنين في قصر بعبدا للاطلاع على ما توصّلت اليه التحقيقات، نشرت ام تي في صورة تؤكد ان رسالة واحدة وصلت الى المعنيين منذ 6 سنوات الى الامانة العامة للمجلس الاعلى للدفاع حول مواد نيترات الأمونيوم في المرفأ وقد تمت احالتها الى وزيرة العدل ووزير الأشغال في شهر تموز 2020 اي ان رئيس الحكومة ووزيري العدل والأشغال كانوا على علم بوجود المواد المتفجرة.

***

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o