Jun 27, 2020 7:21 AM
صحف

الحكومة تطالب بصلاحيات إستثنائية: إعلان حرب على مجلس النواب؟

المفارقة العجيبة الغريبة، أنّ المواطن اللبناني المستنزف في كل مفاصل حياته، واللاهث خلف لقمة عيش لتأمينها الى اولاده، يطرح في موازاة السيناريوهات الانحدارية التي تنتظره، تساؤلات وجودية عن حاضره ومستقبله ومصير بلده، فيما السلطة ما زالت في الصف الخلفي، تكتفي فقط بتشخيص الأزمة وتوزيع المسؤوليات في كلّ اتجاه، وتمعن في الهروب الى الامام عبر افكار وطروحات تدرك سلفاً انّها مرفوضة، كمثل الفكرة التي هُرِّبت في مجلس الوزراء بطلب صلاحيات استثنائية للحكومة.
مراهقة سياسية
هذا الطرح، وعلى الرغم من سقوطه السريع، رفضته مصادر مجلسيّة مسؤولة جملة وتفصيلاً. وقالت لـ"الجمهورية": "بعدما فشلوا في ايجاد سبل المعالجة للأزمة، يسعون الى تعطيل مجلس النواب، فمثل هذه الطروحات الفارغة، ما هي الّا محاولة هروب من هذا الفشل، وتغطية لحجم المأزق الذي يتخبط به اصحاب هذا الطرح، وهو إن دلّ على شيء فعلى خفّة ومراهقة سياسيّة فاضحة، في مرحلة تستوجب الحد الأعلى من النضوج".
واذ اشارت المصادر الى "انّ فرصاً عديدة أُتيحت للحكومة لتمارس صلاحياتها واتخاذ ما هو مطلوب منها من قرارات وخطوات انقاذية، وهي نفسها فوّتتها، والمجلس النيابي كان الى جانبها ورافداً لها وقام ولا يزال بدوره المسهّل لها ومهّد الطريق امامها لتدخل الى ساحة الانتاج والانجاز، فلم تفعل"، لفتت الانتباه الى انّ "جوهر طلب صلاحيات استثنائية للحكومة، هو هروب من خطأ الى خطيئة، وبالتأكيد انّه صادر عن ولادة الفتاوى غبّ الطلب، وهو من حيث الشكل والمضمون، وقبل ذلك من حيث المبدأ، مرفوض كليّاً من قِبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهو لا يسمح على الإطلاق بالمسّ بالمجلس النيابي، او الايحاء بأنّه مقصّر او متقاعس او منكفئ عن القيام بواجباته، او الانتقاص من صلاحياته ومحاولة تعطيله تحت أي عنوان. لقد جرّبوا في الماضي وفشلوا، وليخيّطوا الآن بغير هذه "المسلّة، وليلعبوا خارج هذا الملعب".
جابر
وفي السياق نفسه، وحول طلب وزيرة العدل ماري كلود نجم منح صلاحيات استثنائية للحكومة، قال عضو "كتلة التحرير والتنمية" النائب ياسين جابر لـ"الجمهورية": "أليس الأولى بالحكومة قبل أن يطلب بعض وزرائها صلاحيات تشريعية استثنائية، أن تباشر بتطبيق القوانين التي سبق أن شرّعها مجلس النواب، ويدخل كثير منها في إطار الإصلاحات المطلوبة من الخارج، مثل تعيين هيئات ناظمة للطيران المدني ولقطاعي الكهرباء والإتصالات؟".
من جهة ثانية، لفت جابر الى أنّ اللجنة النيابية الفرعية المكلفة درس قانون الشراء العام والتي يرأسها، "تعمل لإنجاز هذا القانون سريعاً، ومن المُفترض أن تقرّه وتحيله على الهيئة العامة في غضون شهرين"، مشيراً الى أنّ "هذا القانون يُشكّل نقلة إصلاحية في موضوع المناقصات، وهي مطلوبة من المجتمع الدولي والجهات المانحة".
الصايغ
وقال عضو اللقاء الديموقراطي النائب فيصل الصايغ لـ"الجمهورية": منذ الطائف لم يحصل مثل هذا الامر، ونذكر انه أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم ينجح هذا الامر، فضلاً عن انّ طلب صلاحيات استثنائية لهذه الحكومة لا يمكن الركون إليه، فهي في الاساس فشلت في ممارسة صلاحياتها وفشلت في كل المعالجات وفي كل الاختبارات التي مرّت بها، فشلت في التشكيلات القضائية وفي التعيينات المالية والادارية وفي الاصلاحات ومكافحة الفساد، وفي إيجاد معالجات للأزمة، وفي موضوع التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ولم تقدّم ما يوحي بالثقة بها فكيف بعد كل هذا الفشل يمكن أن تمنحها صلاحيات استثنائية؟
روكز
وقال النائب شامل روكز لـ"الجمهورية": أنا شخصياً مع منح صلاحيات استثنائية ولكن ليس لهذه الحكومة، بل لحكومة مستقلة، تمتلك الخبرة ولديها قدرات وإمكانات وتمتلك شجاعة اتخاذ القرار.
وأوضح انّ موافقته المبدئية هي على مَنح صلاحيات استثنائية للحكومة المستقلة التي يريدها، لأنّ هذه الصلاحيات ضرورية للتعجيل في إصدار التشريعات الضرورية التي تساهم في معالجة الازمة.
الطبش
وقالت عضو كتلة المستقبل النائب رولا الطبش لـ"الجمهورية": إذا صحّ ما قرأناه اليوم في الصحف عن أنّ وزيرة العدل طلبت من رئيس الحكومة، خلال جلسة مجلس الوزراء أمس، توجيه كتاب الى مجلس النواب والطلب فيه صلاحيات استثنائية للحكومة والسماح لها بالتشريع لمدة 4 أشهر، فإنه يُعدّ إعلان حرب على مجلس النواب، خصوصاً أنّ الأخير يقوم بواجباته على أكمل وجه، ولجانه خلية نحل لا تهدأ، وقد عقد أكثر من هيئة عامة مُتحدياً الظروف الصحية في البلاد، حرصاً على انتظام عمل المؤسسات الدستورية.
كما يمكننا قراءة الطلب بأنه ردّ على ما قام به مجلس النواب، خصوصاً لجنة تقصي الحقائق المالية، لناحية تصحيح أرقام لبنان المالية الرسمية، والتي أظهرت خللاً كبيراً وثغرات فضائحية في خطة الحكومة التي خرجت بها الى الداخل والخارج.
أضافت: كما يمكننا أن نفهم الطلب من زاوية انزعاج الحكومة من عمل مجلس النواب ورقابته، وكأنها تحاول الإفلات من رقابة المجلس ومتابعته الدقيقة والموضوعية لعمل الحكومة. وهل يمكننا أن نفهم، أيضاً، بأنّ الحكومة قد خسرت أغلبيتها العددية في مجلس النواب، وتخشى السقوط في أي لحظة؟
السرايا
وفيما لاحظ المراقبون انّ طرح الصلاحيات الاستثنائية جاء على أثر مطالبة رئيس المجلس النيابي الحكومة بإعلان حالة طوارىء مالية، لم تؤثِر أوساط السرايا الخوض في طرح الصلاحيات الاستثنائية برغم إشارتها الى أن ليس هناك ما يمنع هذا الطلب، الّا انها في المقابل بَدت وكأنّها ليست متحمّسة لحالة الطوارىء.
وقالت أوساط السرايا لـ"الجمهورية": الحكومة تتعرّض لظلم من كل الاتجاهات، الازمة كبيرة جداً، ولم تكن هي السبب بها، بل ورثتها وتبذل جهداً كبيراً جداً في محاولة احتوائها، وهي ماضية في هذا السبيل، ولن يثنيها عن ذلك كل محاولات العرقلة التي تتعرّض لها خصوصاً من أولئك الذين تَسبّبوا بهذه الازمة ويحاولون ان يتنصّلوا منها الآن.
امّا عن حالة الطوارىء المالية، فتجيب أوساط السرايا أنّ الحكومة هي أصلاً في حالة طوارىء منذ نيلها الثقة، وثمّة تدابير وإجراءات ستظهر عاجلاً.
ورداً على سؤال عن ارتفاع الدولار، قالت الاوساط: لقد اتخذ قرار بتدخّل مصرف لبنان في السوق، وكان من المفترض أن تتأتّى عنه نتائج ايجابية يلمسها المواطن، ولكن يبدو انّ هذا التدخل لم يكن بالمستوى المطلوب، والمطلوب من حاكم مصرف لبنان ان يتحمّل مسؤوليته في هذا المجال.
ولفتت الى ما يجب الانتباه إليه انّ الدولار اصبح لعبة سياسية مكشوفة، ووفقاً للمعلومات التي لدينا فإنّ حجم التداول بالدولار في السوق ليس بنسبة عالية وأرقام كبيرة، وهذا ما يؤكده مصرف لبنان ونقابة الصرافين، ما يعني انّ الارتفاع الحاصل في سعر الدولار قطعاً ليس نتيجة العرض والطلب، بل هو رَفع سياسي، ورفع تَهويلي في وجه الحكومة يمارسه مأجورون من جهات سياسية على مواقع التواصل.
وعمّا اذا كان هذا الأمر سيدفع رئيس الحكومة إلى الإستقالة؟ قالت المصادر: هذا ما يريده من يسعى الى التخريب، فالرئيس حسان دياب يدرك حجم التحدي، وقراره ألّا يلين أو يرضخ أمامه، وبالتالي هو ماض في تحمّل مسؤولياته.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o