Dec 14, 2019 3:53 PM
تحليل سياسي

استشارات الاثنين: باب حلّ للازمة السياسية الحكومية ام دخول فـــي المجهول؟
اتصالات مكثفة نهاية الأسبوع.. وخوري في معراب باحثا عن دعم "قواتي" للحريري
الضبابية تحوط شكل "التركيبة" وهويّة المُكلَّف..هيل في بيروت..وطهران في الدوحة!

المركزية- بدل ان تشكّل استشارات الاثنين محطة ينطلق منها مسار إخراج لبنان من الازمة السياسية والاقتصادية التي يتخبط فيها منذ أشهر.. يبدو ستؤسّس لمأزق جديد أشد تعقيدا ستُرمى البلاد في أتونه، مُغرِقة لبنان المنازع، اكثر، في دوامة الشلل والاستنزاف التي من الصعب التكهن في حدودها الزمنية، وفي سبل كسرها. السبب الجوهري غير المباشر للواقع السلبي هذا، هو الامعان في خرق الدستور والتنكيل بقواعده، واللعب بأصول التكليف والتأليف. اما الاسباب المباشرة، فتتمثل في تطورات اليومين الماضيين. فغداة ابلاغ التيار الوطني الحر، الرئيس سعد الحريري انه لا يمكنه تجاوز الميثاقية في التكليف والتأليف، وتشديد بعبدا على انها تريد حكومة تكنوسياسية، استكمل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله امس، عملية تطويق زعيم "الازرق"، قائلا له ما معناه "بعد تكليفك لكل حادث حديث. تشكيل حكومة لن يكون سهلا"، قبل ان يؤكد له تمسكه بتركيبة تجمع المكونات كلها. لكن الاهم أنه ذكّره بالغالبية النيابية التي يملك فريقُه ورقتها، في رسالة واضحة بأن اي تركيبة يضعها لا تلاقي شروطه، سيكون مصيرها السقوط..امام هذه المعطيات التي زرعت دربه سلفا بالعوائق والمطبات، العيونُ على بيت الوسط. فهل يبقى سيّدها، مصرا على خوض المغامرة، ام يقرر الانكفاء؟ ام يطرح اسم مرشح سواه؟ الاحتمالات كلها واردة. علما ان معلومات "المركزية" تفيد ان الرجل اذا كُلّف، سيقوم سريعا، اي في غضون ايام لا أكثر، بحمل صيغة وزارية الى بعبدا. فاذا رُفِضت، لن يتردد في رد التكليف الى أصحابه، والاعتذار عن التأليف.

اتصالات مكثفة: تحفل نهاية الاسبوع بحركة اتصالات سياسية ناشطة ستدور بقوّة، في العلن وخلف الكواليس، ستحدد مصير الاستشارات اولا- والتي يُرجح ان تبقى قائمة في موعدها "الا اذا" - وثانيا، هوية الرئيس المكلف الذي ستفرزه نتائجها. فالكتل والاحزاب كلّها ستجتمع قبل الاثنين لحسم خياراتها.

خوري في معراب: وفي خانة اللقاءات هذه، برزت اليوم الزيارة التي قام بها الوزير السابق غطاس خوري الى معراب موفدا من الرئيس الحريري حيث استقبله رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. بطبيعة الحال، اراد بيت الوسط الوقوف عند موقف القوات من التكليف والتأليف عموما، ومن تسمية الحريري خصوصا، باحثا عن احتضان قواتي له وذلك بعد ان عرّاه التيار الوطني الحر من غطائه "المسيحي". الا ان اللقاء الذي أتى بعد قطيعة طويلة، لم يخرج منه خوري بجواب واضح، حيث ابلغه جعجع ان قرار التسمية، سيبتّه اجتماع "الجمهورية القوية" خلال ساعات. وبعد اللقاء قال خوري: هناك تفاهم عميق مع جعجع سابق في الشأن الحكوميّ وان شاء الله يستمر، ومتروك له أن يبدي رأيه في موضوع تسمية رئيس الحكومة عبر اجتماع "الجمهورية القوية" أو عبر التسمية في الاستشارات الاثنين. واضاف "الرئيس الحريري يبحث عن انقاذ الدولة وحتى الساعة لم يكلف لنبحث بالحكومة"، مشيرا الى ان "لا شيء يمنع لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحريري". وتابع "الوضع صعب ويحتاج تضافر الجميع وهناك في الشارع من يؤيد الحريري والحل بأخذ رأي الجميع في البلد، والحريري لا يضع تعقيدات، بل حدد نظرته للحكومة ويجب اخذ مطالب الناس بالاعتبار". وقال "قسم من الشارع مؤيّد للحريري وقسم آخر ممكن أن يكون رافضاً له لكن هناك آلية للتغيير في البلد ويجب اتباعها".

التكتل يحسم: أما جعجع، فقال "ملف تشكيل الحكومة ما زال في بدايته للأسف لأنّ هناك مَن يُريد أن يُعيد التاريخ نفسه، والمطلوب من القوى التي تضع يدها على القرار، ان تكف يدها قليلا لنتمكن من انقاذ البلاد". واضاف "الموضوع الميثاقي غير مطروح اليوم والاهم نوعية الحكومة التي ستشكل"، معتبرا ان "اذا رفضنا الرئيس الحريري يجب ان نرفض ايضا عون وبري، لان المعادلة المطروحة هي هذه، لكن ذلك لا يعني اننا سنسميه"، ومشيرا الى ان "صداقتنا مع الحريري شيء وتشكيل حكومة إنقاذ في مرحلة استثنائية شيء آخر مختلف تماماً ولسنا مستعدّين للذهاب باتجاه حكومة من غير الإختصاصيين وفي كافة الأحوال لن نشارك في الحكومة". وتابع "اذا كانت الحكومة من اختصاصيين لكن سمتهم القوى السياسية فهذا يعني اننا لم نفعل شيئا". وأردف: عبّرنا عن موقفنا لموفد الحريري، وسنترجم موقفنا هذا في الاستشارات النيابية وسنجتمع كتكتل لتحديد من سنسمي الاثنين ولم نتخذ قرارنا بعد.

ضبابية ومرونة؟: على اي حال، تقول مصادر مطلعة لـ"المركزية" ان اتصالات الحريري ستستمر، وتشمل عين التينة في شكل خاص، اضافة الى القوى السياسية الاساسية كلها، لبلورة افضل الخيارات للمرحلة المقبلة. فهو بطبيعة الحال، لا يطلب تعقيد الازمة بل يريد ايجاد حلّ لها. فهل "سيُحلحلها" ويليّن شروطه كما طلب منه نصرالله؟ ام هل سيسمي شخصية أخرى للتأليف؟ الصورة ضبابية حتى الساعة. لكن سجلت على هذا الخط، مواقف لافتة لكوادر "المستقبل"، دلت الى ان لا شيء محسوما بعد واتسمت ببعض المرونة. فقد قال عضو كتلة "المستقبل" النائب نزيه نجم، في حديث اذاعي "نحن قادرون على الخروج بسرعة مما نحن فيه إذا كانت النوايا صافية وأتينا بأناس هم أهل للثقة، لذلك، نطالب بحكومة اختصاصيين حتى ولو مع ميول سياسية لتعذر إيجاد اختصاصيين غير مسيسين". اما عضو المكتب السياسي في تيار "المستقبل" مصطفى علوش، فأكد ان "لم يتبين بعد الخيط الابيض من الاسود في موضوع تأليف الحكومة، واسم رئيس الحكومة لا يزال مجهولا"، معتبرا ان كلام الأمين العام لحزب الله عن الملف الحكومي كان مقبولا نوعا ما".

لا للاقصاء!: في المقابل، بدا أهل فريق 8 آذار على مواقفهم الحكومية. فقد اعتبر نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان "كل حديث عن شكل الحكومة ومضمونها سابق لأوانه، قائلاً "كل ما تسمعونه عبر وسائل الإعلام أن شكل الحكومة سيكون كذا أو كذا ليس صحيحا، ولم نتفق بعد لا على الشكل ولا على المضمون، نحن ننتظر أن يكلف رئيس للحكومة وبعد ذلك تجري مشاورات معه من قبل الكتل النيابية المختلفة لتحديد شكل الحكومة ومضمونها، بما ينسجم مع خيار المجلس النيابي والكتل النيابية فيه، لأن الحكومة ليست شخصا، الحكومة مجموعة تأخذ قرارا وهي مجتمعة، وبالتالي لا يمكن أن يتم اختيارها على مزاج أحد، وإنما يجب اختيارها على قاعدة التفاهم مع الكتل المختلفة والسياسات المطلوبة". وفي وقت تتجه التنمية والتحرير برئاسة الرئيس بري نحو تسمية الحريري او من يختاره الاخير، قال عضوالكتلة النائب هاني قبيسي"لا اعتراض لدينا على أي اسم يشكل الحكومة العتيدة"، مضيفا "لن نقبل بتقويض المقاومة وعدم ذكر اسمها ببيان وزاري في حكومة تكنوقراط، ولا بحكومة تقصي السياسيين من أحزاب وطنية مقاومة".  

هيل في بيروت: ووسط هذه الأجواء الملبدة، يستعد مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل لزيارة لبنان الاسبوع المقبل. والى استطلاعه مواقف المسؤولين واستماعه الى قراءتهم للتطورات منذ 17 تشرين، سيحمل في جعبته، حثا على تأليف حكومة "إنقاذ" حقيقية، لأن الوضع اللبناني خطير ودقيق لا سيما ماليا. واذا كان الدبلوماسي لن يدخل في شكلها، وفق ما تقول مصادر مطلعة لـ"المركزية"، الا ان حلوله ضيفا على المسؤولين في بيروت، غداة فرض بلاده عقوبات جديدة على حزب الله وشخصيات وشركات تموله وتدعمه من كل المذاهب والطوائف، يشكّل في حد ذاته، رسالة.

باسيل في قطر: في غضون ذلك، اعلن وزير المالية القطري ان بلاده ستقف الى جانب لبنان في ازمته الراهنة. وكان وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل توجّه الى الدوحة في الساعات الماضية للمشاركة في منتدى الدوحة 2019، على ان ينتقل منها الى جنيف للمشاركة في المنتدى العالمي الاول حول اللاجئين الذي يبدأ اعماله الاثنين. وعليه، قد يغيب عن الاستشارات النيابية.

..وظريف ايضا: وكان وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف غادر طهران صباح اليوم متوجها إلی قطر للمشارکة في المنتدی عينه . في المقابل، أعلن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن تقدما طفيفا تحقق في سبيل حل الخلاف الذي نشب قبل عامين ونصف العام مع دول خليجية ومصر. وردا على سؤال عما إذا كان أي تقدم قد تحقق خلال قمة مجلس التعاون الخليجي التي انعقدت الأسبوع الماضي، قال "مجرد تقدم طفيف".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o