Mar 19, 2019 3:05 PM
خاص

عندما تتحول تظاهرات المعارضة الفرنسية شغباً:
"السترات الصفر" تطيح المكتب السـياحي اللبناني

المركزية- في أعرق النماذج الديموقراطية  في التاريخ الحديث، اختارت "المعارضة" الشارع والعنف وسيلة للتعبير عن موقفها المناوئ  لسياسات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاقتصادية. ولأن لبنان "بكل عرس إلو قرص"، فإنه لم يسلم من موجات الاحتجاجات العنفية الأخيرة، فكان للمكتب السياحي اللبناني ، الذي تحتضنه جادة سانت هونوريه، وعلى بعد 400 متر من القصر الرئاسي الفرنسي، نصيبه من أعمال التكسير والتخريب، على ما أعلنت مصادر مقيمة في باريس عبر "المركزية"، كاشفة أن سفير لبنان في باريس رامي عدوان سارع إلى الاطلاع على الأضرار، في وقت وعد وزير السياحة أفيديس كيدانيان والمديرة العامة لـ"السياحة" ندى السردوك  بأن يتم إصلاح الأضرار في أقرب وقت، حرصا على الرسالة السياحية للبنان في الخارج.

من رحم ما يعتبرها المعارضون "معاناة اقتصادية"،  سببها لهم رفع الأسعار على المحروقات، في محاولة من السلطات الفرنسية لتخفيض نسبة إستهلاك المحروقات، ولدت حركة "السترات الصفر" التي غزت الشوارع الفرنسية بالاحتجاجات. على أن أعمال النهب والشغب التي بادر إليها المتظاهرون لم توفر أجمل جادة في العالم على الاطلاق: الشانزليزيه. فكانت مظاهر العنف والشغب التي طالت  قوس النصر في باريس، وسواه من المعالم الأبرز في "مدينة الأنوار".  أمام هول المشاهد والشغب (التي عادت وبدت أكثر عنفا السبت الفائت)، بادر ماكرون إلى احتواء غضب الجماهير، فدعا إلى حوار إقتصادي تحضره المعارضة  مع حكومة شريكه في الحكم، رئيس الحكومة إدوار فيليب. وفي وقت تريثت السترات الصفراء في التجاوب مع المبادرة، أدت موافقة الحكومة على إبطال الضرائب على المحروقات إلى تراجع الاستجابة الشعبية لدعوات القيمين على الحركة إلى النزول إلى الشارع، ما جعل أيام السبت  تمر هادئة على الباريسيين، وإن كانت التظاهرات لم تتوقف بالكامل، طبقا لما يطمح إليه ماكرون والدائرون في فلكه.

تبعا لذلك، وفي محاولة لاستعادة زخم الانطلاقة، حشدت السترات الصفر كل قواها في خلال الاستعدادات لتظاهرات السبت الفائت لـ"تأكيد أن المطالب التي ترفعها الحركة لا تزال قائمة"، على ما أكد عدد من المحتجين لوسائل الاعلام، علما أن هذه الأخيرة- تماما كما المكتب السياحي اللبناني- لم تصمد أمام العنف الذي ركنت إليه "السترات الصفر"، حيث طالت أعمال التكسير والتدمير أهم المتاجر والمقاهي ذات الطابع العالمي.

وفي انتظار الجولة 19 من التظاهرات، المتوقعة السبت المقبل، تدعو مصادر مراقبة عبر "المركزية" إلى رصد ردة فعل السلطات الفرنسية. ففي وقت طالب ماكرون عبر "تويتر" باتخاذ الاجراءات الكفيلة بمنع الانزلاق إلى العنف مجددا، كشفت وسائل الاعلام الفرنسية أنه لم يخف على وزير الداخلية كريستوف كاستانير امتعاضه من بلوغ الحركة الاعتراضية مستويات غير مسبوقة من العنف. غير أن العارفين يشيرون إلى أن عزل كاستانير من منصبه مستبعدة، باعتبار أن الأولوية الرئاسية لحفظ الأمن والسلامة العامة، فيما فرنسا في غنى عن أزمة سياسية جديدة.

أما على الصعيد التشريعي، فيمثل كاستانير ووزير الاقتصاد برونو لومير الخامسة والنصف عصرا بتوقيت بيروت أمام مجلس الشيوخ، للخضوع للمساءلة في شأن أحداث السبت، بناء على دعوة وجهت إليهما الأحد. مساءلة تضعها أوساط مراقبة في إطار دور السلطة التشريعية في الرقابة على الحكومة. وفي انتظار ما سينتهي إليه هذا المسار، معطى وحيد يبدو أكيدا: زيارة ماكرون إلى بيروت قذفت إلى مزيد من التأجيل!

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o