Feb 22, 2019 4:15 PM
خاص

قراءة "دستورية" في قرار إبطال نيابة ديما جمالي
مرقص: حبذا لو قبِل المجلس المزيد من الطعون

المركزية- بعد ثمانية شهور على إجراء الانتخابات النيابية، أعلن رئيس المجلس الدستوري القاضي عصام سليمان إبطال نيابية ديما جمالي (كتلة المستقبل)، بفعل الطعن الذي قدمه المرشح الخاسر طه ناجي (على لائحة النائب فيصل كرامي)، على أن تجرى الانتخابات الفرعية في طرابلس في خلال شهرين من تاريخ إعلان هذا القرار، على أساس القانون الأكثري، علما أنه لم يبطل أي نيابات في دائرتي بيروت الأولى والثانية، ولا في المتن وزحلة وبعلبك- الهرمل. كيف يقرأ خبراء القانون قرار المجلس الدستوري؟

رئيس منظمة "جوستيسيا" المحامي الدكتور بول مرقص قال لـ"المركزية" "يرتكز المجلس الدستوري في حكمه، في إبطال نيابة، على الفقه الدستوري الفرنسي، الذي يقضي بتوافر شرطين: الاول ان يكون هناك مخالفة جسيمة وعيب فادح في العملية الانتخابية والثاني ان تفسد هذه المخالفة او العيب النتيجة الانتخابية. وبالتالي، إذا تحقق ذلك يذهب الى إبطال نيابة أحدهم. وفي هذه الحالة يكون أمام خيارين: اما ان يعلن فوز المرشح الاخر الخاسر او يطلب اعادة الانتخاب. مع العلم ان المجلس غير مقيد وله سلطة تقديرية واسعة. فإذا كان واضحا وصريحاً ومتحقِقاً دون اي التباس، يعلن فوز المرشح الخاسر، اما اذا كان ثمة شكوك في صحة العملية الانتخابية كما جرى في طرابلس، يطلب إعادة إجراء الانتخابات لضمان نزاهتها وخلوها من اي عيب. فهو ليس مقيدا بأحد الخيارين الا بمقدار ما يكون مقتنعا بأحدهما طبقا للوقائع المعروضة امامه". 

وأضاف: "في حالة النائب جمالي، كيف كان بإمكان المجلس الدستوري ان يعرف عدد المقترعين، لربما كان عدد المنتخبين اكثر من عدد المدرجين على اللوائح، او لوائح الشطب اقل من عدد المقترعين، في ظل خلو المغلف المشكو منه من لوائح الشطب ومن المستندات اللازمة  لتبيان هذا الامر وتمكين المجلس الدستوري من التدقيق به. لأن مهمة لجنة القيد الابتدائية كانت التدقيق في صحة المستندات الواردة من قلم الاقتراع والتدقيق في الملاحظات الواردة على محضر القلم، بمعنى هل استخدم العازل؟ هل استعمل الحبر؟ ولجنة القيد تتخذ تدبيرا عند الاقتضاء، ولا صلاحية لها بإعادة الفرز".

اذاً، كي يكون الفرز صحيحا يجب توافر مستندين كما أوضح مرقص: "الاول محضر الفرز والثاني لائحة الشطب. هذه امور اجرائية نص عليها قانون الانتخاب رقم 44. لذلك، وطالما ان المجلس لم يتمكن من التحقق من ان هذا المغلف يحتوي على المستندات اللازمة، كي يتمكن من معرفة نسبة المقترعين نسبة الى عدد الناخبين، ارتأى اولا ان يبطل النيابة، ويفرض إعادة الانتخاب كما تنص عليه المادة 31 من قانون انشاء المجلس الدستوري رقم 250/ 93 ".

وأكد مرقص "ان المجلس استمع الى 12 قاضياً (ليس فقط في هذه القضية انما في الانتخابات ككل) وضابطين واكثر من مدير في الادارة العامة وفي بعض الاحيان كان يتبين للمجلس الدستوري ان بعض هؤلاء لم يكن مدرباً ومتمكناً كفاية من اجل إدارة العملية الانتخابية. وعلى سبيل المثال، كان ثمة 500 الف صوت او ناخب من غير المقيمين، احتُسِبوا مرتين ودُمِجوا مع المقيمين في لبنان، (اي احتسبوا مرة في لوائح الشطب وأخرى من الخارج) فهذه اخطاء مادية لفت اليها المجلس الدستوري، وتبين عدم تمكن الادارة الانتخابية من القيام بعملها على اكمل وجه. بالاضافة الى أن بعض المسؤولين كانوا يوقعون بعض المحاضر دون التدقيق في المعلومات الواردة".

وأعطى أمثلة عن بعض المخالفات: "في زحلة المعلقة، تبين ان هناك نحو 315 الف اسم ولم تتنبه لجنة القيد الابتدائية ولا لجنة القيد العليا الى ذلك". لكن في بيروت اضطر المجلس الدستوري الى استدعاء ممثلي شركة المعلوماتية للتأكد من عدم ادخال أصوات بعد إقفال أقلام الاقتراع، وتبين فعلا ان آخر قلم اختتم نحو الساعة الثامنة ليلاً ولم يُضَف اليه شيء، كما تبين ان ثمة خطأ مادي في مدرسة زهرة الاحسان جرى تصحيحه، لكن لم يتبين ان في بيروت عيبا اساسيا فادحا من شأنه ان يفسد النتيجة".

وتتعدد الأمثلة عن إبطال نيابات، سواء في لبنان او في فرنسا، كما قال مرقص: "ففي فرنسا مثلا عام 2012 أبطل المجلس سبعة نيابات من أصل 108 طعون، وفي لبنان عام 2009 بعد نحو 9 شهور من الدراسة لم يبطل المجلس اي نيابة. وقبل ذلك في لبنان عام 1996 استغرقت الدراسة سبعة شهور وكان الانتخاب اكثريا بسيطا وليس نسبيا معقدا وقد ابطلت نيابات اربعة نواب، فكيف بالحري اذا كان القانون نسبيا معقدا والطعون كثيرة (18 طاعناً) والمطلوب النظر في 250 قلما وثمة تأخير في فرز الاقلام وتسليم اللوائح وتبليغ المعنيين، إذ على المجلس الدستوري ان يبلغ المطعون بنيابته كي يجيب ويدلي بإفادته، واستغرقت وقتاً ومجهوداً".

وعن انتقاد هذه القرارات قال: "يجوز انتقادها قانونيا شرط قراءتها بحرفيتها وقراءة المخالفات المدونة في ذيلها انّما عدم التسرع والقفز الى انتقادات سياسية قبل قراءة هذه القرارات او استعمال عبارات توحي وكأن المجلس الدستوري عليه الوفاء للسياسيين، او رد الجميل Devoir d’ingratitude، بل العكس، لأن القضاة في المحاكم العليا وفي المجالس الدستورية يتعهدون بنكران الجميل، حتى لا يكون في ذمتهم اي مطلب من السياسيين. لذا المطلوب من الكتل السياسية والاحزاب ان تكلف مستشاريها القانونيين بالتعليق على هذه القرارات وانتقادها قانونياً وليس سياسياً، اذا وجدت اي شوائب تعيب هذه القرارات. علما انها مبرمة وغير قابلة لأي طريقة من طرق المراجعة وملزِمة للسلطات كافة.

وعن التدخلات السياسية قال: "لا اعتقد ان هناك تدخلات سياسية، اولا لأن لدي ثقة شخصية برئيس وبمعظم أعضاء المجلس ان لم يكن كلهم، ثانيا واستطراداً كليّاً لان السلطة التي عينت هؤلاء لم تعد هي نفسها، ثالثا في العموم، يجب خفض مستوى التوقعات من المجالس الدستورية في قضايا إبطال النيابات، ليس كل طعن يؤخذ به. اما انا شخصيا فتمنيت لو أن القرارات آلت الى مزيد من الإبطالات".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o