Sep 24, 2018 2:55 PM
خاص

"النأي بالنفس" معبـر الزامي لالغاء الطائفيـــة السياسيـــة
هل يتخلى حزب الله عن مشروعه "الفارسي" ويلتزم "اعلان بعبدا"؟

المركزية- في مراسم إحياء ليلة العاشر من محرم في باحة عاشوراء في الضاحية الجنوبية، أطل الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله عبر الشاشة، متحدثا في السياسة الدولية والاقليمية والمحلية. خطابه يومذاك لم يخرج عن المعهود والمألوف في سياسة الحزب المعتمدة منذ نحو ثلاث سنوات والمرتكزة الى المهادنة والدعوة الى التهدئة تثبيتا للاستقرار. بيد ان غير المألوف، كما تقول مصادر سياسية لـ"المركزية" تمثل في مطالبته "القوى السياسية اللبنانية بغالبيتها بألا تنأى بنفسها عما يجري في سوريا لأن مصير لبنان يصنع في ساحات المنطقة،" متسائلا: "هل إن لبنان مفصول فعلا عن احداث المنطقة؟ إن ما يجري في المنطقة هو شأن مصيري لكل اللبنانيين، وهو أكثر أمر مرتبط بحاضرهم ومستقبلهم...وماذا لو أن داعش سيطر على سوريا، ما كان مصير لبنان؟". تستغرب المصادر دعوة نصرالله هذه التي لا ترى فيها سوى ابتداع ذرائع لاستمرار انخراط الحزب عسكريا في الساحات العربية الملتهبة وتبرير خرقه سياسة النأي التي اعلن في اكثر من مناسبة التزامه بها، بدءا من "اعلان بعبدا" الذي اجمع المشاركون في هيئة الحوارالوطني برئاسة الرئيس ميشال سليمان بمن فيهم الرئيس نبيه بري وممثل حزب الله عليه، وصولا الى جلسة مجلس الوزراء التي شهدت اجماعا من الاعضاء بمن فيهم وزراء الحزب على اعتماد سياسة النأي بالنفس والالتزام بها كشرط لعودة الرئيس سعد الحريري عن استقالته في تشرين الثاني الفائت وعلى هذا الاساس تمت التسوية، وبادرت فرنسا على الاثر الى الدعوة لعقد ثلاثة مؤتمرات لدعم لبنان، الا ان حزب الله كعادته تراجع عن الالتزام وواصل القتال في الساحات العربية تنفيذا للاجندة الايرانية في المنطقة.

ومع ان الرئيس بري احد قطبي "الثنائية الشيعية"، وكما قال عام 2013، هو من ابتدع سياسة النأي بالنفس في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لمنع لبنان من الانزلاق في الصراعات الخارجية، الا ان القطب الثاني لم يحوّل التزامه يوما الى فعل، وبقي مصرا على جرّ لبنان الى المحور الاقليمي في مواجهة الدول العربية. ازاء هذا الواقع، وامام تكرار الدعوات وتحديدا من الرئيس بري لالغاء الطائفية السياسية تطبيقا لاتفاق الطائف تشير المصادر الى استحالة بلوغ هذا المنال، ما دام فريق من اللبنانيين يأبى التزام النأي بالنفس، اذ كيف يُعقل ان يقبل سائر اللبنانيين بالغاء الطائفية السياسية في وقت يدفع هذا الفريق لبنان عنوة نحو المحور الفارسي المذهبي المعادي للعرب. وتلفت الى ان الغاء الطائفية يبدأ من نقطة التزام تحييد لبنان والتشدد في تطبيق سياسة النأي بالنفس والابتعاد عن المحاور ليعود لبنان الى تبني المعادلة الاستقلالية الميثاقية التي قام على اساسها عام 1943 اي "ان لبنان مع العرب اذا اتفقوا وعلى الحياد اذا اختلفوا". هذه المعادلة التي وضعها رجالات الاستقلال، بشاره الخوري ورياض الصلح، تفترض العودة اليها والتمسك بها، اذ اثبتت التجربة على مدى سبعة عقود ان لبنان كلما ابتعد عنها، تعرض الى هزات وانتكاسات سياسية. وتعتبر ان ما تضمنه "اعلان بعبدا" الذي تم التوصل اليه خلال عهد الرئيس سليمان لجهة التزام سياسة النأي بالنفس والابتعاد عن الصراعات الخارجية وعدم الدخول في المحاور، لا بد وان يشكل المدخل الرئيسي لولوج لبنان الى حقبة الغاء الطائفية السياسية.

وتؤكد المصادر ان عدم التزام حزب الله اجندة لبنان وتقديم مصلحة "الولي الفقيه" عليه، والامثلة اكثر من ان تحصى، يشير بوضوح الى ان "الثنائي الشيعي" غير راغب في الغاء الطائفية السياسية في لبنان على رغم مواقفه العلنية الداعية الى ذلك، او في الحد الاقصى يريد الغاء الطائفية وفق مشروعه الخاص، اي ما يناسبه من هذا الالغاء. وتختم: ان الشرط الاساس للولوج الى الغاء الطائفية يبدأ بتطبيق اعلان بعبدا الذي بات وثيقة من وثائق الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية، وفي ما خلا ذلك، ستبقى كل الدعوات حبرا على ورق.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o