Dec 23, 2023 2:52 PM
تحليل سياسي

الامطار تغرق لبنان وتذكّر الجميع بأنه أعجز من تحمّل حرب!
الرئاسة تتحرك بعد الاعياد.. الراعي: التوافق "أثناء دورات الإنتخاب"
التعيينات العسكرية "سالكة".. المواجهات مستمرة جنوبا وواشنطن: لضبط النفس


المركزية- في الارض الممزقة بالحروب والدمار، التي تفتك فيها آلة الموت منذ اسابيع، بلا رحمة، قاتلة الاطفال والابرياء، بالرصاص والقذائف او بالمجاعة والبرد، سيولد الطفل يسوع، ليُذكّر الجميع ان رغم الصعاب والتحديات والبطش والظلم، الخلاصُ آت. قد يكون هذا الكلام "شعرا" لا ترجمة عملية فعلية له، الا ان الصلوات التي ستُرفع مِن بيت لحم، جارة غزة المنكوبة، ومِن الاراضي المحتلة التي اتفقت كنائسها على الابتعاد عن المظاهر الاحتفالية هذا العام، سيكون صداها، ولو بعد حين، أقوى من طبول الحرب، وعساها تمدّ الشعوبَ المقاوِمة المتألّمة، بالقوة والارادة، للصمود والاستمرار.  

عجيبة الرئاسة: الشعب الفلسطيني ليس وحده مَن يعاني، فالمصيبةُ اللبنانية كبيرة ايضا، ولم يكن ينقصها الا وصول الاشتباكات المسلحة الى الجنوب في 8 تشرين، لـ"تكتمل". الشعب اللبناني "يسلك في الظلمة" منذ سنوات، وتتكاثر فوق مناكبه، الازمات، الاقتصادية والمعيشية والمالية والسياسية، وكلُّ الحلول لها، تبقى ترقيعا او بلا نتائج، بما ان مفتاح الخروج من الحفرة، يتمثل في انتخاب رئيس للجمهورية، فهل سيرى اللبنانيون "النورَ" مع ولادة "المخلّص"؟ وهل تحقق هذه الولادة، "عجيبةَ" انجاز الاستحقاق الذي يدور في الحلقة المفرغة ذاتها منذ أشهر؟

تحرّك الخماسي: بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية"، فإن "الخماسي الدولي" المتابع الملف الرئاسي، سيتحرّك مجددا تجاه لبنان في الاسابيع المقبلة. غير ان نجاحه في تحقيق خرق، يتوقّف على مدى استعداد القوى السياسية اللبنانية، وتحديدا الثنائي الشيعي، للتوافق على اسم رئاسي جديد، يكون "وسطيا" فعلا وتوافقيا فعلا، وعلى مدى جهوزيته للتخلي عن دعم مرشح واحد فقط هو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية... ووفق المصادر، يستعجل "الخماسي"، وتحديدا القطريون والفرنسيون (الذين يعملون على ترميم علاقتهم مع حزب الله بعد مواقف الرئيس ايمانويل ماكرون الاخيرة التي اعتبر فيها ان حزب الله ارهابي)، يستعجلون الانتخاب، بما انهم يريدون ان يكون لبنان حاضرا على طاولة المفاوضات التي ستنطلق بعد سكوت المدافع في غزة للتوصل الى تسوية للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي. كما يعتبرون ان الانتخاب ضروري لتحصين الاستقرار ولتحصين السيادة خاصة في الجنوب اللبناني، حيث بات ساحة لكل مَن يملك سلاحا في لبنان، وابرزهم حزب الله، وكأن القرار 1701 لم يكن! 

رسالة الراعي: في الانتظار، دخلت الحركة السياسية في البلاد في شبه عطلة، لن تنتهي قبل مطلع العام. غير ان التطورات كلها حضرت في الرسالة التي وجهها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى اللبنانيين اليوم بمناسبة عيد الميلاد. حيث قال: ما أحوج المسؤولين السياسيّين عندنا في المجلس النيابيّ والحكومة والأحزاب والتكتلات النيابيّة إلى نور كلمة الله الذي ينير الضمائر، لكي يخرجوا أحرارًا من ظلمة مصالحهم الخاصّة والفئويّة، ولكي يخرجوا البلاد من نفق الفراغ الرئاسيّ في أدقّ وأخطر مرحلة من تاريخ لبنان! ونردّد ونقول لهم "إنّكم ترتكبون جرمًا بحقّ رئاسة الجمهوريّة والمؤسّسات الدستوريّة والشعب اللبنانيّ، فيما تتمادون في رهن إنتخاب رئيس الدولة إلى شخص أو مشروع أو هدف مستور، والضحيّة هي الدولة بكيانها والشعب بحقوقه السليبة. لقد رحّب الرأي العام الداخلي والخارجيّ بقرار التمديد لمدّة سنة لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنيّة بموجب القاعدة العامّة: "خلاص الوطن هو الشريعة الأسمى. فكم بالأحرى إنتخاب رئيس للدولة، وحمايتها من تفكّك مؤسّساتها، وتشتيت شعبها، وغياب رأسها عن طاولات المباحثات الجارية في العواصم بشأن هذه المنطقة الشرق أوسطيّة الملتهبة بحروبها ونزاعاتها، ولبنان في طليعتها". وسأل "هلّا قلتم لنا لماذا تريدون خراب الدولة بعدم انتخاب رئيس لها؟ وأنتم تعلمون جيّدًا أنّ لا دولة من دون رئيس! يتكلّمون عن التوافق حول شخص الرئيس. هذا التوافق يتمّ أثناء دورات الإنتخاب المتتالية عملًا بقاعدة الديمقراطيّة. والبرهان مرور سنة وثلاثة أشهر من الفراغ، من دون جدوى"؟ 

التعيينات: سياسيا ايضا، يبقى ملف التعيينات العسكرية في الواجهة. واذ يبدو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مصرا على اجرائها برضى وزير الدفاع او بدونه، سيما ان الامور بينمهما عادت لتتأزم، يبدو ان طبخة هذه التشكيلات بدأت تنضج وستكتمل بزيارة سيقوم بها رئيس الاشتراكي النائب تيمور فرنجية الى رئيس تيار المرده سليمان فرنجية مطلع الأسبوع المقبل، لتسهيل هذا التعيين. وفي المقابل، يستعد التيار الوطني الحر للطعن امام المجلس الدستوري، في قرار مجلس النواب التمديد لقائد الجيش والضباط من رتبة لواء، معوّلا على ان المجلس سيبطله.

في الجنوب: على صعيد آخر، وبينما تتكثف الاتصالات للتوصل الى هدنة جديدة في غزة (يُفترض ان تنسحب على جبهة الجنوب كما حصل في الهدنة الاولى)، مستمرة بـ"صعوبة" في الكواليس، بدفعٍ قطري – مصري – اميركي، الاشتباكاتُ مستمرة عنيفة بين حزب الله والجيش الاسرائيلي. كما ان الاميركيين يتخوفون من مشاريع اسرائيلية متسرعة و"مجنونة"، كفتح جبهتهم الشمالية، وقد تواصل وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن منذ ساعات مع وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت طالبا مجددا، ضبط النفس وعدم توسيع الصراع.. اليوم، قصفت مدفعية الجيش الإسرائيلي صباحا، اطراف بلدتي عيتا الشعب ورامية بعدد من القذائف المباشرة. وأعلن المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي ان "جيش الدفاع اغار خلال ساعات الليلة الماضية وصباح اليوم على أهداف لحزب الله من بينها بنى تحتية عملياتية وبنى تحتية "إرهابية" ومجمع عسكري، كما قصفت قوات جيش الدفاع بالمدفعية نحو الأراضي البنانية". الى ذلك، اعلن حزب الله انه "إستهدف انتشاراً لجنود العدو الإسرائيلي في محيط موقع بركة ريشا بالأسلحة المناسبة". ونعى حزب الله "الشهيد الجريح حسن عبد النبي طليس من بلدة بريتال في البقاع"، كما نعى "علي حسين حرب "جعفر" من بلدة يارون في الجنوب.

لبنان يطوف: وفي ظل هذه الاجواء المشحونة، أتت الامطار الغزيرة التي هطلت منذ مساء امس لتذكّر الجميع بأن بنانا التحتية مهترئة وبالتالي لبنان غير قادر على تحمّل تكاليف اي حروب جديدة! فغضب الطبيعة والتقصير الرسمي ولامبالاة المواطنين بالنظافة، تواطأت مع بعضها البعض، وحوّلت الطرقات الى برك وانهار جارفة، ودخلت السيول الى المنازل والمستشفيات وحجزت الناس في سياراتهم وتسببت بمقتل 4 اطفال سوريين في مزيارة بعد انهيار سقف منزلهم عليهم. فقد تابع ميقاتي مع الوزارات والادارات المعنية موضوع العاصفة المناخية التي يشهدها لبنان والمعالجات القائمة للحد من أضرارها، واطمأن الى ان لا اضرار بشرية جراء العاصفة وأن كل الخطوات الميدانية المطلوبة هي قيد المتابعة. وأجرى في هذا الصدد اتصالا بوزير الاشغال العامة والنقل علي حمية لمتابعة موضوع الاوتوسترادات والطرق التي غرقت بالمياه، اضافة الى جهوزية فرق الوزارة لفتح الطرقات الجبلية المقطوعة بالثلوج. كما أجرى اتصالا بوزير الداخلية والبلديات بسام مولوي واطلع منه على جهوزية البلديات في مختلف المناطق للتدخل حيث يلزم وفتح الطرف وتسهيل حركة المواطنين. كذلك أجرى اتصالين بكل من محافظ بيروت القاضي مروان عبود ورئيس بلدية بيروت عبدالله درويش وطلب ارسال جرافات بشكل عاجل لمعالجة الوضع الطارئ عند مصب نهر بيروت. وأجرى اتصالا بمدير الدفاع المدني العميد ريمون خطار منوها بالجهود التي قام بها عناصر الدفاع المدني منذ ليل أمس لانقاذ المواطنين على الطرق التي تكونت فيها برك المياه.

من المسؤول؟ في المقابل، الاجهزة والوزارات تتقاذف المسؤولية عما حصل. ففي حديث اذاعي، رأى حمية أن "مسؤولية الاعتذار مما حصل في موضوع الكرنتينا لا تقع على عاتقه، لأنها ليست من صلاحيته والموضوع يتعلق ببلدية بيروت وبوزارة الطاقة والمياه"، وقال: "المطلوب توجيه السؤال عما حصل بالأمس في نهر بيروت إلى كل من رئيس بلدية بيروت ووزير الطاقة". وأكد أن "الأمر ليس تقاذف مسؤوليات بل تحديد مسؤوليات، لأن وزارة الأشغال هي وزارة في الحكومة وليست دولة وهي جزء من الدولة". وأوضح أن "القانون رقم 221 الصادر في مجلس النواب ينص على أن صلاحية تنظيم وتقويم مجاري مياه الأنهر هي من صلاحية وزارة الطاقة". وأضاف حمية أنه تواصل مع وزير الطاقة وليد فياض منذ شهر أيلول، وطلب من وزارة الطاقة أن "تقوم بتعزيل مجاري المياه كافة التي تصب في الساحل، والوزير فياض طلب من وزير الداخلية إبلاغ البلديات تنظيف مجاري الأنهر". أما بالنسبة إلى موضوع طريق ضهر البيدر، فلفت حمية إلى إن الوزارة بدأت منذ شهرين بصيانة الآليات وهو يقوم حاليا، بجولة ميدانية على كل مراكز جرف تزلج الثلوج لمواكبة الوضع ميدانيا، مطمئنا إلى جهوزية وزارة الأشغال وجرافاتها مع بدء تساقط الثلوج.

مواكبة الاعياد: من جهة ثانية، انتشرت القوى الامنية على الارض وسجّلت استنفارا لافتا، مواكبة للاعياد والاحتفالات والصلوات في الكنائس، لتأمين أمنها وسلامتها.

***
 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o