Dec 18, 2020 4:54 PM
تحليل سياسي

حراك بطريركي لتحريك الجمود الحكومي..استقصاء لتحديد العقد
الراعي من بعبدا: عون غير متمسك بالثلث وضروري التفاهم وفق الدستور
باسيل من بكركي: لوحدة المعايير وجعجع: مشكلة لبنان في النخبة الحاكمة

المركزية- في زمن القحل السياسي والفراغ الحكومي وانقطاع كل اشكال التواصل بين المكلفين بإخراج حكومة الانقاذ الى النور، اطلّت مبادرة بطريركية لتفتح نافذة امل على امكان احداث خرق في ملف التشكيل، فتعوّض عن الزيارة الفرنسية الرئاسية لبيروت التي اطاحت بها جائحة كورونا، فقضت على رهان بعض المتفائلين بانها كانت لتحدث كوة في الجدار الحكومي الصلب. تحرك البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بقوة على الخط المسيحي، وبعدما استشرف العقبات التشكيلية من الرئيس المكلف سعد الحريري، حط في بعبدا اليوم في مهمة استقصائية لتحديد مكمن العقد، فأكد ان رئيس الجمهورية ميشال عون لا يريد الثلث المعطل، ليطلب بعدها من رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل ان يوافيه الى بكركي استكمالا للمسار الاستقصائي فكان ما اراد، لكن ليس تشكيليا ما دام باسيل اعلن اثر اللقاء " المعزوفة نفسها" وحدة المعايير، ما يضعف الرهان على تغيير المعادلة المتحكمة بهذا المسار.

مسعى بطريركي: وسط انعدام التواصل بين المعنيين بملف تأليف الحكومة، وأبرزهم رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، قررت بكركي التدخل لمحاولة ردم الهوة بين الطرفين وتسهيل التشكيل لانقاذ لبنان من الازمة الاخطر التي يواجه في تاريخه المعاصر.

الراعي في بعبدا..لا ثلث؟: فغداة استقباله الحريري في الصرح بعد ان دعاه الى زيارته، انتقل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي الى بعبدا اليوم حيث زار الرئيس عون وقال بعد اللقاء "رئيس الجمهورية مصمم على حضور قداس عيد الميلاد حتى قبل حضوري لدعوته، وتمنيت ان نعيّد بوجود حكومة فلا يجوز الانتظار". واضاف "لم يعد باستطاعة شعبنا التحمل ولا يمكننا الا النظر اليه وهو متعب ويتفرج على جراحه وهذا سبب أساسي لتشكيل حكومة تتحمل مسؤولياتها وهي من المؤسسات الدستورية التي يجب ان تكون حاضرة". ورأى أن "مهما كانت الأسباب والظروف يجب ايجاد حل والتفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وإنتاج حكومة تبدأ بالإصلاحات وعلى رأسها إعادة اعمار بيروت". وشدد على وجوب "أن يجلس لبنان على كرسيه والا يكون غائباً ومن هنا علينا انتاج حكومة بأسرع وقت ولا يجوز ان نخسر مؤسساتنا واحدة تلو الأخرى ونصاب بالشلل، وهذا ليس بسبب "كورونا" فحسب". ولفت الى أن "في الدستور المبدأ الأساسي ان يحضر الرئيس المكلف تشكيلته ويأتي الى رئيس الجمهورية للتشاور ولا علاقة لي بالتفاصيل، هم من يناقشونها”. وأردف، "لم ألمس بحديثي مع الرئيس انه متمسك بالثلث المعطل ونحن لا نريد ذلك وهناك اتفاق ورأي عام بإنتاج حكومة من غير السياسيين إنما من اختصاصيين". وكشف عن انني "لا اعرف كل الأسماء المطروحة، وليس دوري ان أقيم فأنا أحترم حدودي، وهذا دور عون والحريري."  وقال:نريد الاحترام للسلطات القائمة بحكم تكوين تفكيرنا وروحانيتنا وتربيتنا ونحترم كل حامل سلطة ونصارح من لنا معه شيء بشكل شخصي. لا نقبل المس بكرامة أي انسان كإنسان، فكيف إن كان رئيساً للجمهورية"؟

اجواء اللقاء: الى ذلك، لفتت وساط متابعة للقاء عون – الراعي، الى ان الرئيس عرض امام البطريرك لآخر المعطيات الحكومية مؤكدا ضرورة تشكيل حكومة قادرة على الاصلاح والعمل والسير بالتدقيق الجنائي. واشارت الى ان الرئيس عون وضع الراعي في أجواء الصيغ التي تم تداولها وأكد أنّ هدفه تشكيل حكومة منتجة وفاعلة تكون باستطاعتها مواجهة الأمور الراهنة داخليا وإقليميا. واوضحت مصادر اللقاء  ان البطريرك الراعي تمنى على الرئيس عون أن يستأنف التواصل مع الحريري وقد أبدى استعداده لذلك وقال الراعي "إذا مطلوب مني شي أنا حاضر" فيما قال رئيس الجمهورية ألا مشكلة مع الحريري و"يمكننا التواصل في أي لحظة".

باسيل في بكركي: اما باسيل الذي حضر الى بكركي في الثالثة بعد الظهر بناء على طلب الراعي فقال: تشرّفت بتلبية دعوة البطريرك لأنه يحمل همّ اللبنانيين والحكومة وعرضنا للموضوع الحكومي من خلفيّة الرغبة في أن تكون هناك حكومة وتوافقنا على المواضيع كافة وضرورة تشكيلها بسرعة. واضاف "توافقنا على أن تكون الحكومة قادرة على تحقيق الإصلاح وعلى المعايير الواحدة في التأليف ولليوم لم نضع أي شرط أو مطلب سوى التعامل بالتساوي والتأليف على أساس الدستور والتوافق الوطني". واردف "عندما تصبح هناك نية باعتماد معايير واحدة فعندها تتشكّل الحكومة".وتابع باسيل: عرضنا لموضوع المرفأ وضرورة وجود الشفافيّة ومن حقّ اللبنانيين أن يعرفوا لماذا جاءت هذه المواد الى لبنان ومن استعملها ومن سرقها ومن أهمل في السماح بإبقائها وكيف انفجرت؟ ولفت "الى اننا تطرّقنا الى السياسات التي تؤدي الى تهجير المسيحيين وكيف يمكن مواجهتها ومهما عانينا يمكننا النهوض من جديد على أمل أن يتمكن لبنان من الخروج من محنته".

نحو ايجابية؟: وفي وقت يبدو ان اللقاءات البطريريكية قد تفتح ثغرة في الحائط المسدود، قال عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار: اذا كان فعلا البطريرك الراعي لمس من الرئيس عون انه لا يريد الثلث المعطل فتكون الامور ايجابية في الايام المقبلة. واضاف في حديث تلفزيوني " هناك مسعى يقوم به البطريرك الراعي بين عون والحريري والرئيس المكلف ينتظر رد رئيس الجمهورية على تشكيلته ليبنى على الشيء مقتضاه".

لا حكومة في الافق: في المقابل، أكد عضو تكتل لبنان القوي النائب ماريو عون ان "التفاهمات الداخلية تبقى الاساس في ما نشهده من تطورات على الساحة المحلية حيث يتطلع كل طرف الى الامساك بالحكم في مرحلة ما بعد انفجار المرفأ وفق حساباته السياسية"، لافتا الى "اننا أمام كباش كبير بين الاطراف"، مشيرا إلى "أننا في وضع صعب جدا وامام أزمة مفتوحة وتاليا، لا حكومة في الافق". وفي حديث إذاعي، حذر عون من "فتن داخلية على خلفية الازمات التي نعيشها، خصوصا في ملف التحقيق في انفجار المرفأ حيث يحاول البعض اقصاء (قاضي التحقيق) القاضي فادي صوان في تحد كبير ووقاحة في التعامل مع هذا الواقع الذي نعيشه".

عون يطمئن: من جانبه، وفي حين ابرق الرئيس عون اليوم الى نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون مطمئناً الى صحته ومتمنياً له الشفاء العاجل من وباء كورونا، شكر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لدول الاتحاد الأوروبي عموما ونواب البرلمان الأوروبي خصوصا اهتمامهم بلبنان، وقال "تتركون الكثير من مشاغلكم من اجل الغوص بشكل معمّق اكثر في الأزمة اللبنانية".

النخبة المشكلة: وشدد خلال اجتماع عبر تطبيق "Webex" عقده مع عدد من النواب في البرلمان الأوروبي على "ان المشكلة الأساسية في لبنان هي النخبة الحاكمة التي تتألف من حزب الله وجماعة الرئيس ميشال عون"، معتبراً "ان علينا في اوقات الأزمات توصيف الأشياء على ما هي عليه من اجل التمكن من إيجاد الحلول". واكد "ان ليس لدينا سوى حل واحد  للأزمة، فنحن نعتبر اننا لا يمكن ان نصل إلى اي مكان مع هذه النخبة الحاكمة، فهي التي اوصلت البلاد إلى الهوة ولا يمكنها القيام بغير ما قامت به، لهذا السبب ننادي بأننا يجب الا نخسر المزيد من الوقت والذهاب مباشرة إلى الحل الوحيد وهو الانتخابات المبكرة، خصوصا بعد ان اختلف المزاج العام في البلاد ما بعد 17 تشرين الأول 2019، الأمر الذي افقد هذه النخبة الحاكمة شرعيتها واصبح بإمكاننا القول اليوم فقط انها قانونية، إلا ان هذا الأمر شيء والشرعية شيء آخر"، لافتا إلى "ان الأكثرية النيابية في الوقت الراهن تقاوم اي محاولة إجراء انتخابات ان كانت مبكرة او في موعدها الدستوري". وعن انفجار مرفأ بيروت، اشار إلى "ان هناك تحقيقا محليا يتم في ما خص هذا الانفجار إلا ان في كل مرة يصطدم بعائق ما، وهناك العديد من المطبات التي تعترض طريقه ومساره، فعلى سبيل المثال قام القاضي منذ بضعة ايام باستدعاء رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزراء آخرين من اجل الاستماع إلى إفاداتهم في قضية انفجار المرفأ إلا انهم رفضوا المثول امامه، لذا لا اعتقد ان اي تحقيق محلي من الممكن ان يصل إلى الحقيقة باعتبار ان انفجار المرفأ جريمة كبيرة جدا وليس مجرد خطأ بسيط". وتابع :ا لحل الوحيد الممكن من اجل الوصول إلى الحقيقة ان يكون لنا لجنة تقصي حقائق دولية يؤلّفها الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، ولكي نتمكن من الحصول على لجنة مماثلة يجب على دولة من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن إرسال رسالة للأمين العام طالبة منه تشكيل هذه اللجنة".

لا استماع: وتأتي مواقف جعجع، غداة صرف المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان النظر عن استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي كان مقررا اليوم، وذلك الى أن تبت محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجار، بالمذاكرة التي تقدم بها الوزيران السابقان علي حسن خليل وغازي زعيتر، وطلبا فيها نقل الدعوى من عهدة القاضي صوان، وغداة تعليقه تحقيقاته 10 ايام. 

عون تشكو عثمان: على خط قضائي آخر، اشارت الـLBCI الى ان النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون تقدمت بشكوى لدى القاضي نقولا منصور بحق المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان والعميد حسين صالح بتهمة الإخلال بالواجب الوظيفي وذلك بعدما منعت المديرية العامة لقوى الأمن، مفرزة الضاحية من معاونة عون في تحقيقات الدولار المدعوم.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o