Apr 27, 2020 1:33 PM
خاص

التراشق بتهم الفساد من فوق السطوح إدانة للطبقة السياسية كلها!
لا حل الا بحكومة حيادية تقود الانقاذ الاقتصادي والمحاسبةَ الشاملة

المركزية- بأدلّة دامغة لا غبار عليها موثّقة بالصوت والصورة، ثبُت في الساعات والايام القليلة الماضية كم ان شعار "كلّن يعني كلّن" الذي رفعته ثورة 17 تشرين منذ "اندلاعها" في مساء ذلك اليوم المفصلي في تاريخ لبنان الحديث، ثَبُت كم انه كان في مكانه. فأمام انفجار الوضع الاقتصادي – المالي مع تخطي الدولار عتبة الـ4200 ليرة، وإزاء عجز السلطة المتمثلة بحكومة 8 آذار، عن ايجاد الحلول القادرة على لجم جماح العربة اللبنانية المُسرعة نحو الهاوية القاتلة، سارع الفريقُ الحاكم الى البحث عن كبش محرقة يحمّله مسؤولية ما يحصل ويرمي تبعات إخفاقه عليه. فوقع خياره على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وقد وجد فيه العهد والحكومة دواءً ناجعا لاثنين "غسل يديهما من الازمة" و"تنفيس الاحتقان الشعبي العارم وغضب الناس على المصارف التي تحجز اليوم أموالهم". وبحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية"، لم تكتف السلطة، بسلامة بل عادت عبر أركانها، وآخرهم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، امس، الى القنص على السياسات المالية السابقة الخاطئة في نظرها، وقد استهدف باسيل تيار المستقبل خصوصا، ومَن تعاقبوا على الحكم منذ التسعينيات، عموما، بخطابه، معتبرا انهم استفادوا من هذه الهندسات، ومتحديا اياهم ابراز نظافة كفهم وآدميتهم.

فما كان من الفريق الآخر، الا ان ردّ بهجوم من العيار الثقيل. التيار الازرق والحزب التقدمي الاشتراكي، نبشا اوراق "البرتقالي" السوداء لا سيما في الكهرباء. وقد غرد اليوم عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار  قائلاً: "بالـ ٢٠١٢ كان جبران باسيل وزير طاقة، وصارت بوقتها فضيحة سرقة مليارات الليرات من المازوت، ورفض حضرة جنابو يعطي المدعي العام المالي إذن بملاحقة المشتبه بهم وجميعهم في فلكه.. يتفضل اليوم يطلب ملاحقتهم.. بلا ضحك عالعالم.. الفساد منكم وفيكم والكهرباء أكبر دليل"... وكان رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط  قال امس ان "حسان دياب -رئيس الحكومة- لا شيء"، مضيفاً "إن العماد عون استأنف سياسة الإلغاء التي بدأها عام 88". واذ اشار الى ان "لبنان لا يسيطر على حدوده ومطاره وموانئه" أكد أن "حاكم مصرف لبنان غير مسؤول عن 60 مليار دولار مهدورة في الكهرباء". كما لفت الى أن الثورة لم تفشل، لكن قوى الممانعة دخلت على الخط، وتابع "لن نقبل بإلغائنا من قبل حزب الله أو غيره، كما لا يحق للمتهمين بالفساد أن يوجهوا اتهامات لنا".

والحال ان "حفلة" نشر الغسيل "الوسخ" هذه، وتراشُقُ مَن كانوا يتشاركون الحكومة و"التسوية" عينها حتى الامس القريب، بتهم الفساد وسرقة المال العام، ومن فوق السطوح، إنما يشكّلان "ادانة" مباشرة للطبقة السياسية "كلّها يعني كلّها"، وبلسانها هي، ويستوجبان تحرّكا سريعا من قبل القضاء، لو كنا في دولة تحترم نفسها، دائما وفق المصادر... القوى السياسية كلّها اذا في دائرة الاتهام والشبهات، ومحاولةُ "التضحية" برأس شخص واحد لإرضاء الناس، لعبة مكشوفة لن تمرّ. الحل، بتنحي الحكومة العاجزة حتى عن فتح ملفات "فساد خصومها"، والغارقة في خلافات بين مكوناتها، والإتيان بمجلس وزارء اختصاصي حيادي مستقل، ينكب على معالجة الازمة تقنيا وعلميا، ويقود، مع سلطة قضائية نزيهة تشبه رئيسَ مجلس القضاء الاعلى ونقيبَ المحامين، عمليّة تدقيق ومحاسبة تشمل "كل" مَن استسهل مد اليد على جيوب الناس، بعيدا من الكيديات والحسابات الشخصية الحزبية الضيقة.. اما الدوران في حلقة الجنون السياسي غير المبالي بمعاناة الناس، اذا استمر، فسيقود الى سيناريوهات خطيرة لا تحمد عقباها، اقتصاديا وماليا ونقديا واجتماعيا.. وأمنيا.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o