Mar 07, 2020 3:41 PM
تحليل سياسي

الدولة تتعثر ولا تسدّد ديونها في سابقة خطيرة: لبنان الى المجهول!
"إجماع" سياسي-مالي "يغطّي" قرار عدم الدفع.. حزب الله فرض خياره مجددا؟
دياب يتحدث للبنانيين والشارع يستعد لمواجهة اجراءات موجعة..وظلال "كورونا" تتوسع

المركزية- يحبس اللبنانيون أنفاسهم في انتظار كشف رئيس الحكومة حسان دياب، النقاب رسميا، عن القرار الكبير الذي اتخذه مجلس الوزراء في شأن سندات اليوروبوند، ليس فقط لكون "تعثّر" الدولة وعدم سداد ديونها للخارج للمرة الاولى في تاريخها الحديث، يشكّل سابقة خطيرة ستترك تداعياتها السلبية على تصنيف لبنان وصورته وسمعته، بل لأن تردّدات هذه المغامرة - سيما في حال لم تترافق مع اتفاق مسبق مع الجهات الدائنة- ستطال المواطن بالمباشر، في يومياته، لتفاقم معاناته المالية والاقتصادية والمصرفية، وتضيف اليها اجراءات "موجعة" يكثر الحديث عنها. وفيما تدل كل المعطيات الميدانية والشعبية على ان الشارع لن يسكت عن هذه التدابير، تبدو البلاد ذاهبة فعلا نحو المجهول، خاصة وان خيار "التعاون مع صندوق النقد الدولي" الذي يمكن ان يساعد –ولو بالحد الادنى- بيروت ماليا في ظل إحجام الدول المانحة عن ذلك، مرفوضٌ من قبل الثنائي الشيعي الذي يرفع في وجهه "لا" ناهية، لا تشي المعلومات المتوافرة، بأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون او دياب، قادران على كسرها...

تحصين القرار: قبيل القرار-الحدث الذي يعلنه الرئيس دياب من السراي عند السادسة والنصف في حضور جميع وزراء حكومته، شارحا الى اللبنانيين والعالم، خلفياته وتفاصيله، وربما ايضا الخطة التي ستعتمدها الحكومة في المرحلة المقبلة، للتعاطي مع الدائنين من جهة، وللخروج من الازمة الاقتصادية – المالية ككل من جهة ثانية، عُقدت اجتماعات مكثفة في قصر بعبدا، لوضع اللمسات الاخيرة على الموقف الرسمي من "اليوروبوند"، من الناحية الاقتصادية – المالية، والتحضير، بالتعاون مع الاستشاريين القانوني والمالي، لما سيليه خاصة اذا ما قرر الدائنون "التصعيد" قضائيا في الخارج ضد الدولة. الا انها خُصّصت ايضا لتحصين "القرار" سياسيا.

اجماع على التخلّف: وفي هذه الخانة، يصب الاجتماع السياسي – المالي الذي عقد قبل الظهر في القصر برئاسة عون وحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة وعدد من الوزراء اضافة الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامه ورئيس جمعية المصارف سليم صفير وعدد من المستشارين. وقد انتهى باعلان قرار المجتمعين وبالاجماع، "واستناداً إلى الخيارات والتصورات المتاحة، الوقوفَ إلى جانب الحكومة في أي خيار ستعتمده في مجال إدارة الديون، باستثناء دفع الديون المستحقة، مع الاشارة إلى أنه تم التركيز على اعتماد وتنفيذ الخطة الشاملة المتكاملة، المبنية على إصلاحات مالية وإدارية ومصرفية تتزامن معها خطة نهوض اقتصادية واجتماعية، كما وردت في البيان الوزاري"، وفق ما جاء في بيان مكتوب تلاه المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير. وعُرضت في الاجتماع الأوضاع المالية والظروف المحيطة قبل تاريخ استحقاق سندات اليوروبوندز والتي تم تداولها ومناقشتها خلال الاجتماعات واللقاءات المتتالية التي انعقدت برئاسة رئيس مجلس الوزراء مع حاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف، وفريق عمل من الاختصاصيين والخبراء والاستشاري المالي (Lazard) والاستشاري القانوني (Cleary Gottlieb Steen & Hamilton) والاستشاري في مجال التواصل (Highgate) المتخصصين بإدارة الديون السيادية.

مجلس الوزارء: واثر الاجتماع، التأم مجلس الوزراء عند الواحدة لبحث الوضعين المالي والاجتماعي عموما والموقف من سندات اليوروبوند لحسمه خصوصا، حيث افيد انه قد يتم اللجوء الى التصويت، وان لا ضرورة لتأمين إجماع وزاري حول الخيار الذي سيعتمد.

نحو الخيار الاصعب؟: وبحسب المعلومات، فإن خيار سداد جزء من الدين او فوائده، الذي كان يميل اليه الفريق الرئاسي ورئيس الحكومة، في حكم الساقط "الا اذا"، بعد ان رفضه بقوة الثنائي حزب الله – حركة امل. وباتت بالتالي، الخيارات محصورة بين تخلّف "منظّم" او غير منظّم عن السداد، مع ترجيح الثاني لكون الهامش الزمني الضيق الفاصل عن استحقاق 9 آذار لا يتيح تفاوضا مع حملة السندات، وهو في الواقع، الخيار الاصعب والاعلى كلفة.

الثنائي فرض ما يريد؟: وليس بعيدا، تعرب مصادر سياسية عبر "المركزية" عن عدم ارتياحها لكيفية مقاربة السلطة لملف اليوروبوند. فهي لم تبن قرارها على اعتبارات موضوعية مالية – حسابية، بل دخلت "السياسة" على هذا الخط ايضا. وتقول ان "الثنائي الشيعي يرفض تسديد حقوق مالكي السندات، ويرفض اي اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يمكنه أن يمسك بايدي اللبنانيين لفتح الأبواب لاحقا امام اسواق المال والسندات لتوفير ما يحتاجه لبنان من مليارات الدولارات لتصحيح الوضع المالي المختل". وفي حال فرض توجّهه هذا على الحكومة، فإنه لن يكون فقط يتهدد باخراج البلاد من المنظومة المالية العالمية الدولية، بل ايضا سيكرّس هيمنته على الحكومة اللبنانية بما يعمّق الهوة أكثر بين بيروت والدول المانحة الغربية منها والعربية. 

الثوار يستعدون: في المقابل، يعدّ الثوار العدة لمواجهة اي تدابير قد تمسّهم في حين يتردد انها ستشمل زيادة في الضرائب ستطال الـtva والبنزين(...)، ويشددون على ان العلاج يجب ان يأتي باسترداد الاموال المنهوبة والمهربة وبمحاربة بؤر الهدر والفساد في الكهرباء والاتصالات وبمكافحة التهريب على الحدود وعبر المرافق الشرعية ايضا. وفي هذا الاطار، وقبيل الرسالة التي يوجهها دياب الى اللبنانيين، بدأ عدد من المواطنين يتجمّعون أمام السراي، وتم تعزيز الاجراءات الامنية في وسط بيروت تحسبا.

اجراءات الوقاية: اما الهمّ الصحي، فيكبر ايضا في ظل اعلان وزير الصحة حمد حسن دخول البلاد مرحلة تفشي فيروس كورونا وارتفاع عدد المصابين به بشكل لافت امس. وفي السياق، أصدر الوزير حسن مذكرة تتعلّق بالتشخيص المخبري لـ"كورونا" جاء فيها: "بما أن الحالات المشتبهة بالإصابة بفيروس الكورونا المستجد في ازدياد مستمر، وبما أن الطلب على التحاليل سوف يتخطى قريباً القدرة الاستيعابية لمختبر مستشفى الحريري الحكومي الجامعي، يطلب من جميع المستشفيات الجامعية في لبنان المباشرة بإجراء هذه التحاليل. على أن تحال الحالات الإيجابية، وحتى إشعار آخر، إلى مستشفى الحريري للعزل أو المعالجة وفقاً للآلية المتبعة حالياً".. وتطبيقا للاجراءات الاحترازية التي اوصت بها اللجنة الوزارية المختصة امس، تم تمديد العمل اليوم بقرار اقفال المدارس وقصور العدل (...) وأصدر وزير السياحة رمزي المشرفية، تعميما طلب فيه من أصحاب ومستثمري الملاهي والنوادي الليلية والمراقص العامة على الأراضي اللبنانية كافة، بالإقفال بدءا من تاريخ اليوم ولغاية يوم الأحد في 15 الحالي ضمنا". في الموازاة، أعلنت نقابة المهندسين في بيروت ان "الظروف الصحية المتعلقة بكورونا، لا تسمح بإجراء انتخابات ممثلي الفروع في هيئة المندوبين وممثلي الفروع لعضوية مجلس النقابة الذي كان مقرراً غداً وبالتالي تمّ اتخاذ قرار بتأجيل هذه الانتخابات".

قتيل للحرس: اقليميا، ذكرت وكالة فارس للأنباء أن "العضو البارز في الحرس الثوري الإيراني فرهاد دبيريان "استشهد" في سوريا الجمعة، من دون ذكر تفاصيل عن كيفية موته". ووصفت الوكالة المقربة من الحرس الثوري دبيريان بأنه "أحد المدافعين عن مقام السيدة زينب في العاصمة السورية دمشق وأنه تولى من قبل قيادة محور مدينة تدمر في الحرب على الإرهاب". وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن "قائدا كبيرا بالحرس الثوري الإيراني اغتيل في منطقة السيدة زينب جنوبي دمشق". اما في شمال سوريا، وفي وقت تسري في ادلب مفاعيل الهدنة التي ارساها اتفاق روسي – تركي، أمر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خفر السواحل بمنع المهاجرين في تركيا من عبور بحر إيجه.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o