Feb 18, 2020 5:59 AM
صحف

شكوك في إمكانية تأمين التمويل لخطة الكهرباء... والملف يصعق علاقة "أمل" بـ"التيار الوطني الحر"

خصص رئيس الحكومة حسان دياب، جانباً كبيراً من وقته في السراي أمس، لمعالجة أوضاع الكهرباء، باعتبارها أحد مزارب الهدر الكبيرة في البلاد، والعجز في الخزينة، حيث تتكلف مؤسسة الكهرباء سنوياً قرابة ملياري دولار، ولهذا الغرض، ترأس اجتماعاً وزارياً، بمشاركة وفد من البنك الدولي برئاسة المدير الإقليمي ساروج كومارجا، جاء في ظل تصاعد الشكوك في إمكان تأمين التمويل لخطة الكهرباء، ولا سيما لجهة إنشاء معامل جديدة لانتاج الطاقة. وفي ظل الظروف التي يمر بها لبنان، ما سيحصل مشاركة الشركات في المناقصات موضع تساؤل، بحسب ما أفادت "اللواء".

ولم يتوفر على الفور معرفة ماهية الأسس التي انتهى إليها الاجتماع، لكن مصادر السراي جدّدت التأكيد على ان وقف العجز في مؤسسة الكهرباء هو أولوية في هذه المرحلة، مع الحاجة إلى تعيين مجلس إدارة جديد وهيئة ناظمة للقطاع، في حين قالت مصادر البنك الدولي ان التعاون مع لبنان مستمر في ما يتصل بقطاع الكهرباء، لكن الأمر لم يصل بعد إلى طرح إمكان تمويل البنك لإنشاء معامل الإنتاج.

وعزت مصادر المؤسسة سبب التباطؤ في طرح مسألة إنشاء المعامل على المناقصة، إلى استمرار الخلاف حول ما إذا كانت الحاجة معملين في دير عمار والزهراني أو إلى معمل ثالث في سلعاتا، يعترض الرئيس نبيه برّي عليه بسبب عدم وجود بنى تحتية في المنطقة ولا خطوط نقل، فضلاً عن انه لا يرى حاجة إلى المرحلة المؤقتة التي اقترحتها الخطة السابقة للكهرباء، بمعنى الاستغناء عن البواخر، والتي لم تتحدث عنها الخطة اصلاً.

"أمل و"التيار": من جهة أخرى كتب يوسف دياب في "الشرق الاوسط": انفجر الخلاف مجدداً بين «حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه برّي، و«التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل، لكن هذه المرّة من باب المقاربات المتباعدة لحلّ أزمة الكهرباء، وتبادل الاتهامات بين الطرفين بعرقلة تنفيذ خطة الكهرباء وتعميق هذه الأزمة التي تكبّد خزينة الدولة خسائر تفوق الملياري دولار أميركي سنوياً، فيما ينشط قطاع المولدات الخاصة لتغطية ساعات انقطاع التيار مقابل رسوم إضافية يتكبدها اللبنانيون.

ورغم شراكة الفريقين داخل «حكومة الإنقاذ» برئاسة حسان دياب، فإن وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني حمّلت زميلها وزير المال في الحكومة السابقة علي حسن خليل مسؤولية عرقلة استكمال الأشغال في معمل دير عمار الثاني وتأخير تشغيله، عازية السبب إلى أن خليل «رفض دفع الأموال المتوجبة لبدء التشغيل تحت عنوان مشكلة الضريبة على القيمة المضافة، رغم موافقة كل الجهات المعنية قبل وصول الملف إلى وزارة المال». واستدعى هذا الموقف ردّاً سريعاً من خليل الذي أكد أن «كل ما سيق من اتهامات مرفوض وفيه تعمية عن الحقائق»، عادّاً أن البستاني «تقول ما هو مطلوب قوله، وسيكون هناك رد مطوّل يفنّد كل ما له علاقة بالكهرباء وحقيقته».

وقرأ فريق «أمل» في كلام البستاني، اعترافاً مسبقاً بعجز «التيار الحرّ» عن معالجة أزمة الكهرباء رغم تمسّكه بحقيبة الطاقة، وعدّ عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر أن الفريق الآخر «يمارس حالة انكار كامل، ويتنصل من مسؤولياته التي أوصلت وضع الكهرباء إلى الكارثة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك فريق مسؤول عن مشكلة الكهرباء، لسبب بسيط، وهو أن هذا الفريق لا يؤمن بعمل المؤسسات ولا بتطبيق القوانين، من أجل تعميق معاناة اللبنانيين نتيجة عدم توفر الكهرباء، واستمرار العجز في الخزينة»، مشدداً على أن «إصلاح ملف الكهرباء، يبدأ بمعالجة أزمة تنامي الدين العام ووضع حدّ لعجز الخزينة، وهذا لا يتحقق إلا بتعيين مجلس إدارة لمؤسسة الكهرباء والهيئة الناظمة للقطاع».

ويحاول «التيار الوطني الحر» عدم إضفاء الطابع السياسي على الخلاف القائم مع «أمل»، حيث عاود وزير الطاقة الأسبق عضو «تكتل لبنان القوي» النائب سيزار أبي خليل، اتهام خليل بـ«عرقلة انطلاق العمل في معمل دير عمار»، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوزير خليل هو من تباهى على باب مجلس الوزراء بأنه عطّل استكمال العمل في معمل دير عمار لأسباب مختلفة». وقال أبي خليل: «يبدو أن أسباب التعطيل متعددة، لكنّ أهمها الحفاظ على صفقات شراء المازوت لصالح المولدات، التي تكبّد اللبنانيين 2.5 مليار دولار سنوياً». ولفت إلى أن «ثمة تعاوناً جدياً مع (حركة أمل) داخل حكومة الاختصاصيين، والرئيس بري أبدى اهتماماً كبيراً بالتعاون معنا لحلّ أزمة الكهرباء، وبالتالي فإن اتهامات نواب ووزراء (أمل) لا تقدم ولا تؤخر».

ويعاني لبنان أزمة كبرى في قطاع الكهرباء، حيث تتكبّد الخزينة خسائر تفوق الملياري دولار سنوياً، وقد بلغ عجز الكهرباء 40 في المئة من قيمة الدين العام الذي وصل عتبة الـ85 مليار دولار.

ولا يخفي جابر أن «أزمة الكهرباء هي السبب الأساسي لانهيار الوضع المالي في البلاد، وهذا يتجلّى برفض الفريق الممسك بالملف تنفيذ التعهدات التي قطعها». ولفت إلى أن هذا الفريق «لا يغش اللبنانيين فحسب، بل المجتمع الدولي»، مذكّراً بأن «الدول العشر التي اجتمعت في باريس لدعم لبنان قبل أشهر، طالبت بالإسراع في تنفيذ القوانين المرعية وتعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة الكهرباء والهيئة الناظمة، لكن هناك من يعارض هذا التوجه في الداخل»، عادّاً أن «تعيين الهيئة الناظمة يأخذ الكثير من صلاحيات الوزير، وهذا سيؤدي حتماً إلى وقف الصفقات»، داعياً الفريق المعني بملف الكهرباء إلى أن «يحدد مساره ويثبت جديته في تطبيق الإصلاح في القطاع، لكن هذا الفريق لا يقبل بهيئة تكشف فضائحه». وذكّر جابر بأن «فريق (التيار الوطني الحرّ)، رفض عرضاً قدمته شركة (سيمنز) الألمانية قبل سنتين، لبناء معامل إنتاج جديدة بتكلفة متدنية تدفع على آجال طويلة، وهذا دليل على عدم الجدية بمعالجة الأزمة».

ويبدو أن «التيار الوطني الحرّ» يريد حصر خلافه مع نواب ووزراء «حركة أمل»، من دون أن ينسحب الخلاف على قيادتي الحزبين، وأعلن أبي خليل أن هناك «اتفاقاً كاملاً مع الرئيس بري الذي التزم بشكل واضح بتطبيق خطة الكهرباء لحلّ أزمة القطاع»، محملاً نواب ووزراء «أمل» مسؤولية «التخبيص في إطلاق المواقف». وأضاف: «لا يتوقف النائب جابر عن تسويق الأكاذيب بأننا رفضنا عرضاً قدمته شركة (سيمنز) الألمانية لبناء معامل إنتاج، وأوضحنا هذا الأمر في بيان مفصّل، لكن النائب جابر لا ينفكّ عن تسويق أضاليله». ودعا إلى «مراجعة تصريح رئيس شركة (سيمنز) في الشرق الأوسط، الذي أوضح فيه أنه لم يعرض على الجانب اللبناني بناء معامل للكهرباء، بل جرى مناقشة بعض الأفكار لا أكثر ولا أقل».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o