Mar 22, 2018 2:12 PM
خاص

الإنتخابات تحت مجهر التيار الوطني الحر:
الحسابات تفرّق العشاق والمصالح تجمعهم

المركزية- يرصد مراقبو المشهد الانتخابي الذي بدأت معالمه تكتمل، وإن ببطء، بعين الدقة والترقب التيار الوطني الحر في خياراته الانتخابية، خصوصا أن استحقاق 6 أيار المقبل هو الأول الذي يجري على أساس القانون النسبي، وهو اول استفتاء شعبي منذ 9 سنوات. وإذا كانت هذه الصورة تفسر التريث الحزبي في حسم الخيارات الانتخابية، فإنها من دون أدنى شك تأتي معطوفة على صراع شرس ستشهده اللوائح على كسب الصوت التفضيلي، في ما يعتبر نكهة أكثرية طعمت بها النسبية المستحدثة في لبنان.

على أن الحسابات الانتخابية ليست بطبيعة الحال، العامل المقرر الوحيد في التموضعات التي ستسبق يوم الاقتراع. ذلك أن مصادر سياسية مطلعة تؤكد عبر "المركزية" أن منازلات أيار المقبل ستكون بمثابة استفتاء شعبي للخيارات السياسية التي ركن إليها التيار العوني منذ ابرام التسوية الرئاسية في تشرين الأول 2016. وفي وقت يؤكد عارفون بالكواليس الانتخابية أن التيار الوطني الحر يعي أهمية الاستحقاق، فإنهم لا يخفون أنه متمسك بالتسوية التي أبرمها مع الرئيس سعد الحريري منذ نحو عام، بوصفها ضمانة لاستمرارية العهد، القائم على الانسجام بين التيارين الأزرق والبرتقالي، في انعكاس مباشر للعلاقة الطيبة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة. وفي هذه الخانة تدرج المصادر تحالف "التيارين" في دائرة بيروت الأولى (الأشرفية- الرميل- الصيفي- المدور)، في إطار لائحة تضمهما إلى حزب الطاشناق، الذي يتمتع-كما المستقبل- بحضور شعبي كبير في محلة المدور، يجعل الصوتيين السني والأرمني عاملا مقررا في نتائج الانتخابات. ويواجه تحالف ركني الحكم ائتلافا عريضا يضم الكتائب والقوات ووزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون، إلى عدد من الشخصيات المستقلة، بما من شأنه جعل أولى دوائر العاصمة ساحة لمعركة غير سهلة .

وقد نجح التياران في مد تحالفهما البيروتي إلى عروس البقاع زحلة، حيث يسجل أنصار الرئيس الحريري الكتلة الناخبة الأكبر، وهو ما يجعل أي اتفاق ينسجه التيار الأزرق ورقة قوية في يد الطرف الآخر، وهو في هذه الحال، التيار الوطني الحر وحزب الطاشناق اللذان يواجهان لائحة أتاحها التحالف الكتائبي- القواتي، إضافة إلى أخرى تعد لها رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف، وأخرى يعكف النائب نقولا فتوش على تأليفها بدعم من الثنائي الشيعي.

وكما مع تيار المستقبل، كذلك مع القوات اللبنانية، حيث راهن كثيرون على نجاح الرابية ومعراب في تحويل ما سمي "التفاهم المسيحي"  إتفاقا انتخابيا يلقى صدى ايجابيا في صناديق الاقتراع. غير أن الغرق في دهاليز قانون الانتخاب الجديد وحساباته الضيقة فرملت هذه الاندفاعة. إنطلاقا من ذلك، يغرد التيار العوني وحيدا في أحد أهم معاقله السياسية، دائرة كسروان جبيل، حيث يقدم لائحة يرأسها العميد المتقاعد شامل روكز في مواجهة تلك التي ترعاها القوات، وثالثة التم فيها شمل عدد من القوى المعارضة (كالكتائب والنائبين السابقين فارس سعيد وفريد هيكل الخازن)، إضافة إلى لائحة يتوخى من خلالها حزب الله، حليف التيار التقليدي، ايصال مرشحه من بعلبك حسين زعيتر إلى مجلس النواب، في افتراق انتخابي نوعي أحدثه الاعتراض العوني على خيار زعيتر.

وإذا كان بعض المراقبين ربط هذا الافتراق الانتخابي بالسجال الأخير بين الرابية وعين التينة، فإن العونيين قفزوا فوق هذا الخلاف في دائرة بعبدا حيث مدوا يدهم إلى الثنائي الذي سيختار المرشحين الشيعيين، في محاولة لخوض المعركة مقابل تحالف القوات- المستقبل- الاشتراكي، ولائحة ألفها الكتائبيون والأحرار مع بعض وجوه المجتمع المدني.

إلا أن كل هذا لا ينفي أن الافتراق الأهم عن القوات سجله العونيون في دائرتي المتن الشمالي والشمال الثالثة (زغرتا- بشري- الكورة- البترون). ففي الأولى، يحرص التيار على خوض ما يمكن اعتبارها معركة إثبات وجود في إطار مواجهة طاحنة ضد معارضه الشرس، رئيس الكتائب النائب سامي الجميل، في معقله الأهم. على أن الحسابات الانتخابية عطلت أي التقاء بين طرفي تفاهم معراب، وهو ما لم يترك أمام التيار إلا خيار التعاون مع الخصم التاريخي للكتائب والقوات على السواء، الحزب السوري القومي الاجتماعي.

أما في دائرة الشمال المسيحية، حيث تدور مناورات ذات طابع رئاسي لا تخفى على أحد، فيبدو رئيس التيار جبران باسيل في خضم مواجهة شرسة جدا مع الكتائب والقوات لكسب مقعد ماروني في البترون، مستفيدا من جرعة دعم زرقاء من 11 ألف ناخب سني، بفعل الاتفاق مع تيار المستقبل، الذي لن يلتقي معه في عكار، بعدما التقى بيت الوسط ومعراب في هذه الدائرة، كما في بعلبك الهرمل، في مواجهة حزب الله.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o