Jan 16, 2020 3:50 PM
اقتصاد

زمكحل في جولة فرنسية ومهمة اقتصادية في باريس:
نحتاج خطة إنقاذية استثنائية وحالة طوارئ دولية

المركزية- قام رئيس تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم فؤاد زمكحل بزيارة استثنائية إلى العاصمة الفرنسية باريس حيث اجتمع مع نواب من المجلس الوطني الفرنسي في مقرّه العام، وأيضاً مع نواب مجموعة الصداقة اللبنانية - الفرنسية برئاسة النائب لويك كيرفران، ونائب رؤساء هذه المجموعة النائبة ناديا إسايان، والنائبة ويندا رويار، وعدد من النواب الفرنسيين.

وتحدث زمكحل في عدد من المقابلات الإعلامية أبرزها مع محطة «France 24» و «Monte Carlo Doualiya»  و TF1 و  RT France وRadio Orient  عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمالية والنقدية التي يمر بها لبنان.

وشدد زمكحل خلال تلك الاجتماعات "الهادفة إلى دعم ومساعدة لبنان في هذه الأوقات الصعبة، على ضرورة مساعدة ومعالجة خطورة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والنقدية، التي يمر بها لبنان في أقرب وقت"، وأكد لعدد من الشخصيات الرسمية الفرنسية التي التقاها أن "أزمتنا كارثية ومصيرية، ولا يستطيع لبنان أن يتخطاها من دون دعم دولي وخصوصاً فرنسي لمواجهتها".

وشخّص الأزمة الاقتصادية والاجتماعية على الشكل الآتي: إننا نعيش اليوم "تسونامي" مخيفا وعنيفا.. أزمة اقتصادية، اجتماعية، نقدية ومالية لم يشهدها لبنان قبلاً. علماً أن الأجواء المحيطة غير إيجابية للغاية، كما أنه لا توجد سيولة عند أصحاب الشركات، ولا الموظفين ولا المورِدين ولا عند الزبائن، فالحلقة الاقتصادية باتت غير مكتملة وجامدة من كل النواحي، وكل حلقة منها على حافة الهاوية. من جهة أخرى، لا توجد سيولة بالعملات الأجنبية عند أحد، وحتى لو وُجدت فبكميات ضئيلة، ومن المستحيل تصديرها من أجل تأمين أدنى الحاجات المستوردة. ليس علينا أن نكون متفائلين أو متشائمين لكن واقعيين، هذا يعني أنه في القريب العاجل، سيتعرّض البلد إلى نقص حاد في كل المواد المستوردة. وسيكون هذا النقص كارثياً للقطاعات الصحية، الاستشفائية، الصناعية، التجارية، وغيرها. وإذا بات الوضع الراهن كما هو عليه لسوء الحظ، فإننا نتوقع إقفال وإفلاس شركات عدة وصرف عدد كبير من العمال والموظفين وزيادة البطالة الى أرقام تاريخية، وأزمة اجتماعية ليس لها في لبنان مثيل منذ الحرب العالمية الأولى.

وتابع زمكحل خلال اجتماعه مع النواب الفرنسيين في المجلس الوطني الفرنسي قائلاً: أشدد على أن المشكلة الأساسية التي تعاني منها البلاد هي: أزمة سيولة بامتياز وشحّ بالعملات الأجنبية، وانخفاض في التدفق الخارجي، وانحدار الثقة بين الشعب والدولة، وبين المجتمع الدولي والدولة، وبين المغتربين والدولة. وهذا الانهيار في الثقة ستكون له مخاطر وانعكاسات سلبية على المدى القصير المتوسط والبعيد. كيف يُمكن الثقة بسلطة وإدارة أوصلت البلاد الى دين عام كان مقداره نصف مليار دولار، إلى نحو 86 مليار دولار من دون بناء أي بنية تحتية، لا بل تراجعت وانهارت أصول وموجودات للدولة؟ وكيف يُمكن الثقة بسلطة وإدارة أو سياسة لن تستطيع حل مشاكل النفايات لسنين عديدة، وطمرت اللبنانيين بالميكروبات والأمراض؟ وكيف يُمكن الثقة بسلطة وإدارة لن تستطيع إطفاء الحرائق عندما كان يحترق لبنان، في حين أن طائرات إطفاء الحريق كانت مجمّدة لدواعي الصيانة؟ وكيف يُمكن الثقة بسلطة وإدارة صرفت أكثر بكثير من مدخولها لسنين عديدة وتابعت سياسة التسوّل من المجتمع الدولي، ومن ثم الاتفاق على صفقات وتوزيع الأرباح بين جميع الافرقاء؟

لا شك في أن مشاكلنا الداخلية كبيرة، في الوقت نفسه، لا نستطيع أن نتجاوز هذه الأزمة الاقتصادية الفريدة من نوعها من دون تدخل أو مساعدات مالية دولية على رأسها فرنسا لضخ السيولة والعملات الأجنبية. لكن لا يجوز ضخ السيولة مثل العادات القديمة، وتوزيع الحصص وتكرار الصفقات، لكن الحل الوحيد يكمن عبر تمويل المشاريع فقط، والتدقيق الدولي، ومتابعة وتنفيذ المساعدات الدولية على القليل في المدى القصير.

وطلب من النواب والمسؤولين الفرنسيين "التدقيق والتحقيق في كل التحويلات من لبنان الى الخارج منذ سنوات عدة، من جميع الأفرقاء والمسؤولين الذين عملوا  أو تعاملوا مع الشأن العام، مع مراقبة دقيقة لمصادر الأموال. إن الحل الوحيد يبدأ بإعادة هيكلة لبنان، هو تحقيق دولي شفاف ودقيق عن كل الأموال التابعة لأي شخص عَمِل في القطاع العام او تعامل معه، ومراقبة وتدقيق لمصادر الأموال التي صُدّرت الى الخارج. ولا نستطيع القيام بهذه العملية داخلياً لأسباب عدة ومعروفة، لكن المجتمع الدولي يستطيع القيام بهذه المهمة، وتجميد أي حسابات مشبوهة، وأموال ليست مؤكدة المصدر وغير مبرهن عنها".

واقترح زمكحل على النواب والمسؤولين الفرنسيين خطوطاً عريضة لخطة إنقاذية للبنان بدعم فرنسا والمجتمع الدولي، وقال: إننا بحاجة اليوم إلى خطة إنقاذية استثنائية وحالة طوارئ دولية، تترأسها فرنسا لإنقاذ اقتصادنا وبلادنا:

 - بناء آلية ولجنة توجيهية استراتيجية تتضمّن المجتمع الدولي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبلدان المانحة، وشركات التدقيق المالي الدولية، والمجتمع المدني اللبناني وقطاع الأعمال ومندوبي السلطتين التشريعية والتنفيذية، لضخ الأموال الموعودة من البلدان المانحة، واستثمارها في السوق المحلية في أسرع وقت ممكن، لأننا لا نستطيع الانتظار.

- خلق هيكلية وصندوق دولي بمساعدة وإدارة البنك الدولي، لدعم المستوردين اللبنانيين، والسماح لهم بالتسديد لمورديهم الدوليين بالليرة اللبنانية، حيث يتحمّل الصندوق، مسؤولية صرف العملات وتأمينها إلى الشركات الدولية المصدرة.

- استبدال كل الاستحقاقات المالية على لبنان بقروض طويلة الأجل، بفوائد متدنية جداً، مشروطة بالإصلاحات المرجوة، وخصوصاً بلجنة متابعة وتدقيق لصحة صرف وإستثمار الأموال الممنوحة.

- دعم البنك المركزي بسيولة كبيرة بهدف دعم المصارف التجارية من أجل مساعدة الشركات الخاصة، وإعادة حلقة الاستدانة بفوائد منخفضة ومدعومة. إن تجميد عمليات الديون التجارية والتبادل التجاري والمصرفي يضرب اقتصادنا ضربات قاضية لن يتحمّلها أحد.

- نطلب مساعدتنا بغية ترشيق حجم الدولة لأن إصلاح كلفة القطاع العام هو الإصلاح الأول والأهم. ومن المستحيل إعادة هيكلة الدولة من دون تقليص حجمها وكلفتها الباهطة.

- لم يعد لدينا خيار إلا خصخصة كل مؤسسات الدولة، من أجل استقطاب استثمارات وأموال، وتحسين الخدمات للمواطنين، لكن نطلب مساعدة فرنسا والمجتمع الدولي لتنظيم هذه الورشة الضخمة بشفافية تامة وحوكمة رشيدة، لإنجاح هذا المشروع الضخم.

- يجب أن نحاول أن نكون أكثر إبداعاً، ونقترح طريقة لضمان تثبيت العملة وسعر الصرف بطريقة غير مباشرة، أي أن نخفّض تكلفة استقرارها. قد يكون الحل ألاّ تقترض الدولة المزيد بالعملة المحلية، ولكن حصرياً بالعملة الأجنبية بدعم من البنك الدولي. نتيجة لذلك، لن يكون لدى المصارف حوافز لجمع الودائع بالليرة اللبنانية. عملياً، إن إحدى وظائف النقد أي "مستودع القيمة"، ستكون قد اختفت تقريباً. إن عواقب مثل هذا التدبير كبيرة جداً. في الواقع، سيؤدي هذا الإجراء إلى القضاء على المضاربة على الليرة اللبنانية والتي في فترة من الثقة، تضمن للمضارب مكسباً بمئات المئات على حساب الخزينة. أما في فترات عدم الثقة، فإن هكذا إجراء سيُجبر البنك المركزي على إنفاق جزء من احتياطاته لتجنب انهيار الليرة اللبنانية.

- نطلب بناء صندوق لدعم عمليات الدمج وانخراط الشركات لمواجهة الأزمة، ومن بعد مرور العاصفة للنمو والتطور بطريقة مستدامة.

وقال: إننا في أمسّ الحاجة إلى ضخ سيولة في السوق المحلية اليوم قبل الغد، لكن لا نريد أن نقع في الفخ ذاته، ونعيد الأخطاء عينها. نطلب مساعدة فرنسا والمجتمع الدولي لمواجهة وإدارة الأزمة معنا، والتدقيق الدولي في استثمار الأموال ورسم خطة طوارئ، وخصوصاً ملاحقتها وتنفيذها مع فريق من التقنيين اللبنانيين بأدق التفاصيل لأن دولتنا عاجزة عن ذلك في الوقت الحاضر.

رجال الأعمال اللبنانيون: من جهة أخرى، اجتمع زمكحل مع رجال الأعمال اللبنانيين في فرنسا، وشدد أمامهم على أن "الوقت مناسب لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم، من أجل الاستثمار في الشركات اللبنانية، والقطاع الخاص اللبناني الذي هو في أمسّ الحاجة إلى رأسمال جديد ليتابع تنميته الإقليمية والدولية".

ونصحهم "بنقل وتحويل بعض مدخراتهم الموجودة في لبنان إلى الشركات الخاصة، حيث سيكون عائداً على استثماراتهم على المدى المتوسط وتوزيع المخاطر".

وكرّر أمامهم أنه "لا يستطيع لبنان ولا اللبنانيون مواجهة هذه المخاطر وهذه المرحلة الاقتصادية والاجتماعية لوحدهم. أملنا الوحيد هو العمل يداً بيد مع كل المغتربين اللبنانيين حول العالم، لحماية لبنان من الانهيار وإعادة بنائه ونهوضه في أسرع وقت ممكن".

وخلص زمكحل خلال اجتماعاته المتعددة في فرنسا، إلى أن "العِبرة الأساسية التي نتعلمها من هذه الثورة هي الأزمة الاجتماعية الكارثية التي يعاني منها اللبنانيون، وخصوصاً يأس جيل الشباب وخريجي الجامعات الذين برهنوا نضجاً ووعياً فائقاً، وهم فخر وأمل بلادنا". وتابع: إننا بحاجة إلى هذا الجيل الجديد وأفكاره البنّاءة والريادية. وهم الذين سيُعيدون إعمار لبنان واقتصاده بأياديهم البيضاء وعلى أسس متينة وسليمة.

وختم: إن 2020 ستكون سنة تحدّ كبير ومرحلة دقيقة جداً حيال المخاطر المخيفة، كلنا يعلم أشباح الإفلاس والانهيار وزيادة الفقر، والبطالة وصرف العمال وتدهور نسبة العيش، لكن في الوقت عينه نحن أمام فرصة تاريخية من أجل إعادة بناء اقتصادنا وبلادنا على ركائز متينة وإعادة هيكلية بنيوية، والتركيز على جيل شبابنا الذين هم أملنا وفخرنا.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o