Dec 06, 2019 3:44 PM
أخبار محلية

باسيل يشارك في الحوار الأورو متوسطي يورميد في روما: لبنان بطل العالم في النزوح واللجوء من الـدول المجاورة
الفوضى المعدة له في الخارج ستكون نتيجتها حتما كما الأزمة السورية

المركزية ـ  شارك وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في مؤتمر "يوروميد" بروما، والقى كلمة قال فيها: "يقع لبنان على عدة تقاطعات إقليمية ودولية، دينية وعقائدية، عرقية وإثنية، ثقافية وقومية، وتتداخل فيه إمتداداتها لتجعل منه بلدا يتفاعل وينفعل مع الأحداث، يتأثر بها ويؤثر فيها. لبنان، الواقع على هذه الخطوط، بإمكانه أن يكون نقطة قطع أو وصل: أولا بحسب ما يريده هو لنفسه، إذ يختلف اللبنانيون على ذلك، إلا أن معظمهم يريدونه جسرا وليس واديا، وثانيا بحسب ما يرسمه الآخرون له، وهم على هذا مختلفون أيضا باختلاف مصالحهم وأهوائهم. فلبنان، بموقعه الجغرافي وتكوينه الداخلي وتراكمه الحضاري هو عربي الهوية ومشرقي الإنتماء، شرقي النزعة وغربي الهوى، وخليط كل هذا في الفكر. البعض يريد أن يأخذه شرقا بإدارة الظهر لهواه، والبعض الآخر يريد أن يأخذه غربا بإدارة الظهر لإنتمائه، ونحن نريده جسر تواصل بين الشرق والغرب وحضنا لكل فكر خير وقبول للآخر. ولبنان، بمكوناته الميثاقية ومرتكزه التعددي، هو على خط الصراع والحوار الإسلامي - المسيحي - اليهودي والسني - الشيعي. ونحن نريده مركزا لحوار الأديان وتفاعلها الإيجابي وليس تصادمها السلبي.
ولبنان، بتمركزه الجيوسياسي التاريخي، هو في قلب الصراع العربي - الإسرائيلي وعلى طرف حله، وكذلك العربي - الفارسي، وخصوصا السعودي - الإيراني والعربي - التركي، ونحن نريده مرتكزا للحلول العادلة، المؤمنة للحقوق والضامنة للأمن والسلام".

أضاف: "هكذا، فإن لبنان الذي لا يقاس حجما بالدول العظمى يبقى له دور من جهة في تغذية صراعاتها بين أميركا وروسيا مثلا برسم الخطوط الحمراء بينهما على حدوده أو داخلها، ودور من جهة أخرى في حسن الجوار مع أوروبا مثلا، التي نريدها أن تكون الميزان الدقيق، لكي نلغي خطوط التماس عندنا فتتحول خطوطا مفتوحة، كما المتوسط، في التجارة والنفط والثقافة والسياحة وكل أشكال التواصل".

وتابع: "لقد أنتجت خطوط التقاطع هذه إحتكاكات عديدة في بلدنا ومحيطه، وأنتجت أزمات وحروبا، وخلفت دمارا ودماء وكان للبنان دوما ضرر منها، ولم يستفد يوما من مصائب غيره، بل دفع ثمن الصراعات المزمنة لجوءا فلسطينيا على أرضه ودفع ثمن التسويات الموقتة نزوحا سوريا يتغلغل في نسيجه، حتى أصبحت نسبة النازحين واللاجئين حوالى 40% من شعبه، كأن نقول إن أميركا تستقبل 130 مليون نازح، وقد وصل عددهم الى حدود ال200/كلم2، كأن نقول إن إيطاليا تستقبل 60 مليون نازح. وقد أضحى لبنان بذلك بطل العالم في النزوح واللجوء فكرمته الدول بإعطائه كأس الضيافة العالمية من دون أن تروي عطشه قطرات الماء المقدمة له. وقد زاد على المصيبة انقسام اللبنانيين في ما بينهم، وللأسف بفعل إمتداد الخارج الى داخلهم، فما أحسنوا إدارة الأزمة ولا حموا الحدود ولا حصنوا الداخل من تداعياتها الأمنية والإجتماعية والإقتصادية التي زادت عن ثلاثين مليار دولار".

وأردف: "فقد خسر اللبنانيون أعمالهم في وطنهم التي ذهبت بإتجاه الأجانب وبتشجيع من المجتمع الدولي تحقيقا لغايته بالإندماج المجتمعي المرفوض من قبلنا. كنا قد نبهنا أن هذا النزوح الإقتصادي الجامح سيؤدي الى تقويض الإقتصاد اللبناني، وبرهاننا على ذلك هو ما تشهده الحدود اللبنانية - السورية من حركة ناشطة للنازحين العائدين الى بلدهم بفعل الإنهيار الإقتصادي في بلدنا. وقد حمل هذا الإنهيار اللبنانيين من مختلف المناطق والطوائف والتوجهات السياسية على الإنتفاضة، وعن حق، على السلطة السياسية التي أوصلت سياساتها الخاطئة في المال والإقتصاد، والمتمادية منذ ثلاثين عاما فسادا مستشريا في المؤسسات الى هذا الدرك المعيشي الذي بدأ يدفع باللبنانيين وضيوفهم الى خارج البلاد".

وقال: "قد يكون بعض اللبنانيين معتادون على هجرة وطنهم في الأزمات الكبيرة، والبعض منكم يفرح بإدماجهم نجاحا في مجتمعاته، كما اندمج 14 مليون منهم في العالم منذ 150 عاما، وهم يبقون، أينما كانوا في الخارج، رئة لبنان الثانية إلا إذا رحلوا جميعهم فينتهي لبنان ويكون ذلك ضربا لهم ولكم، لأنه يقيكم من الإرهاب ويمتص عنكم الكثير من الصدمات. أما ضيوفه، فمنهم من سيطمح تطورا أو سيطمع تطرفا بالإنتقال اليكم، ولبنان لن يستطيع منعه من نقل مشاكلهم معهم لتحل عليكم، ناهيكم عن أن الفوضى في لبنان، التي يعد لها البعض في الخارج، ستكون نتيجتها حتما كما الأزمة السورية: خرابا للبلد، ودمارا لمؤسساته، ودما لأبنائه، وتطرفا متنقلا، ونزوحا باتجاهكم وستكون في النهاية انتصارا لأهل الأرض وهزيمة لأعدائها. وستكون نتيجتها كذلك إختلالا في الموازين الداخلية، فيما لبنان بلد التوازنات لا يريد المزيد من الإختلال ولا يريد الإنتصار بخرابه، إن كان انتصار البعض من أبنائه على البعض الآخر، أو كان انتصار خارج على خارج من خلاله. فمنطق الخاسر والرابح في لبنان مرفوض ولا يدوم، ومسار حياتنا الوطنية دليل على ذلك".

أضاف: "كما الأحادية في العالم لم تكتب دوما لأحد، فإنها في لبنان لا مكان لها أساسا. ولبنان لا يمكن أن يكون إحتكارا لأحد، بل يعيش بالإنفتاح على الجميع، وأوروبا يجب أن تكون ميزان هذا الإنفتاح، حيث اظهرت شركاتها (eni, total, novatec) أن قطاع النفط والغاز فيه يمكنه أن يكون بابا للاستقرار والإزدهار في المنطقة، بدل ان يكون بابا للصراع والدمار فيها. وكما أمن القرار 1701 الهدوء والإستقرار على الحدود، فإن لبنان بإمكانه إنهاء ترسيمها برا والإنتقال الى رسمها بحرا على قواعد القانون الدولي، من دون تنازل عن أي من الحقوق ومن دون تطاول على أحد، بل يعمل تحت إشراف الأمم المتحدة ومبادئها وبرعاية الولايات المتحدة ونفوذها على إحقاق التوازن في ثرواته لينهض من جديد باقتصاده ويبقى متوازنا في علاقاته. هكذا ينأى لبنان بنفسه عن مشاكل الخارج، على الا يقوم بعض هذا الخارج بتقديم نفسه كمرجعية لبعض الداخل ويشده الى سياسته الخارجية ليدخله في قلب الصراع عوض إبعاده عنه، ثم يعمد الى معاقبة لبنان على عدم نأيه بنفسه".

وتابع: "سيداتي سادتي، أنا هنا لأطلب منكم اليوم، في ظل هذه التشعبات الجيوسياسية، وفي ظل التعقيدات الداخلية التي يعيشها لبنان، أن تساعدوه بإبعاد من يتدخل في شؤونه، لكي يساعد نفسه على البقاء حيا والخروج من أزمته العميقة، من دون فوضى أو تطرف أو اقتتال، بل مثالا للعيش الواحد والتسامح وحاضنا لأبنائه وحافظا لكرامتهم ونائيا عنهم الفساد والحاجة والذل".

وختم باسيل: "جيراننا الأعزاء، يقولون في بلادنا "إذا كان جارك بخير، فأنت بخير". انتبهوا إذ أن شرقنا المتوسطي ليس بخير، وتعد له فوضى جديدة، لا تقعوا في أخطاء من يرون حل المشاكل عن طريق المزيد من الضغط لتفجير المجتمعات، إنها وصفة سريعة لإنتشار العنف والكراهية والإرهاب في أرجاء المتوسط. إن كل مبلغ تنفقوه في تغيير المجتمعات نزوحا وإندماجا هو تفجير لها تطرفا، وكل مبلغ تنفقوه في فرص العمل والتنمية هو إستثمار في السلام إعتدالا. إن بناء السلام لا يكون إلا بالحوار والتنمية. وحده الحوار مع الخارج لا التبعية له يؤمن ذلك، وخلافه أسلحة لن تحمي الحدود. وحده الحوار في الداخل يؤمن ذلك، وخلافه صراع سيدفع الى المزيد من البؤس واليأس والهجرة. وحده الحوار هو السبيل للخلاص، وخلافه خاسر خسران ورابح خسران، والخاسر الأكبر لبنان".

‏لقاءات ومحادثات:  وتأتي مشاركة الوزير باسيل في الحوار لتأكيد دور لبنان في الشراكة الاورومتوسطية والبحث في القضايا المشتركة وابرزها التعاون البيئي والاقتصادي ومواجهة مشكلات الهجرة والبطالة في صفوف الشباب ودور المرأة وآفاق التنمية وتعميم ثقافة السلام بين دول المتوسط.

واكّد في اكثر من لقاء على ضرورة قيام دولة فلسطينية وحصول حوار سعودي ايراني.

وأجرى باسيل على هامش الحوار سلسلة محادثات مع  عدد من نظرائه  بدأت بلقاء وزير خارجية إيطالية لويجي ديمايو وناقش معه العلاقات الثنائية بين البلدين واتفقا على تعزيزها في كل المجالات لاسيما منها الاقتصادية وذلك في مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية الكبيرة التي يعانى منها لبنان.

كذلك التقى باسيل نظيره التركي جاووش اوغلو وبحث معه في مجمل الأوضاع في لبنان ومنطقة الشرق الاوسط وتأثير الصراعات الحاصلة في المنطقة على كل من البلدين وسبل التعاون الاقليمي لمواجهة ازمة النازحين السوريين مع تأكيد  استقرار‏سوريا وحل مشاكلاتها.

حديث لـ"سبوتنيك": وأعرب باسيل في حديث لـ"سبوتنيك"، عن رفضه للمقترح الإسرائيلي بتشكيل تحالف عربي- غربي لمواجهة إيران، متهما إسرائيل بمحاولة تصدير أزمتها الداخلية عبر افتعال الأزمات.

وجزم أن المبادرات التي تأتي من أي طرف، وتحديدا إسرائيل، والتي تهدف إلى استعمال القوة، تولد المزيد من المشاكل والدمار في المنطقة، والمزيد من الإرهاب، ومصيرها الفشل".

وأكد أن  "ليس بالقوة تحل المشكلات المطروحة حاليا في منطقتنا بل بالحوار والاعتدال، فالتصادم يولد تطرفا، والتطرف يولد مزيدا من الهجرة والمآسي التي تولد تطرفا آخر وراديكالية تنتهي بالإرهاب"،لافتًا إلى أن "هذا ما تغذيه إسرائيل في المنطقة وما يصدر منها إلى الخارج، وصل إلى روسيا وأمريكا وتغلغل في أوروبا".

وشدد باسيل على أن "هذه التصرفات الإسرائيلية يجب أن تتوقف وعلى المجتمع الدولي أن يضع حدودا لإسرائيل في هذا التعنت وهذه المآزق الداخلية التي تعيشها وتحاول الخروج منها عبر تصدير المشكلة إلى الخارج وافتعال الأخرى تلو الأزمات على أسس طائفية ومذهبية تزيد الاحتقان، والنتيجة هي الدمار والخراب، ولا أحد يستفيد من ذلك".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o