اتّفاق بيت الوسط لم يصمد.. وباسيل يتراجع عن بنود اصلاحية!
بخلاف ما كان متوقعاً بأن ينسف كلام الوزير جبران باسيل في احتفال ذكرى 13 تشرين، جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس، خصوصاً وأن هذا الكلام اثار ردود فعل سياسية ومواقف هاجمت موقفه، داخل الحكومة وخارجها، من دون ان تلقى رداً منه أو من وزرائه في "التيار الوطني الحر"، مكتفياً، كما يبدو ببيان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري الذي "امتص" عزم وزير الخارجية على زيارة سوريا لإعادة النازحين السوريين، حينما ذكّره بأن دم الرئيس رفيق الحريري هو الذي اعاد الجيش السوري إلى سوريا، وبالتالي فإنه "إذا اراد زيارة سوريا فهذا شأنه"، فإن الذي اثار غضب الرئيس الحريري ودفعه إلى رفع الجلسة من دون تحديد موعد جديد، لم يكن بسبب لا موقف باسيل من موضوع زيارة سوريا، ولا الهجوم الناري الذي شنّه الوزير وائل أبو فاعور على باسيل و"التيار العوني"، والذي كان ما قاله بعد ذلك في ساحة الشهداء لم يكن سوى 10 في المائة مما قاله في مجلس الوزراء، بل كان بسبب تراجع قوى سياسية في الحكومة، على حدّ تعبير وزير الإعلام جمال الجراح، عن بنود إصلاحية تمّ التوافق عليها بأن تتضمنها الموازنة.
وإذا كان الوزير الجراح، لم يسم هذه القوى، نزولاً عند رغبة وزير المال علي حسن خليل، الذي اختلى به قبل تلاوة المقررات الرسمية للجلسة، متمنياً عليه عدم الإدلاء بأي معلومات، فإن المعلومات التي أثارت انزعاج وزير المال ودفعه للقول للصحافيين كما قال كمال صليبي: "هذا البلد بيت في منازل كثيرة"، تحدثت بأن باسيل هو المقصود باتهام التراجع عما كان اتفق عليه في لجنة الإصلاحات والتي تضم ممثلين عن جميع مكونات الحكومة، ومن ضمنهم التيار الذي يمثله في اللجنة الوزير سليم جريصاتي.
اتفاق لم يصمد: وبحسب مصادر وزارية، فإن الاجتماعين اللذين عقدهما الرئيس الحريري مع الوزير باسيل في الأسبوع الماضي، في "بيت الوسط" بعيداً عن الإعلام توصلا إلى نوع من اتفاق على مجموعة من الاقتراحات لكي تتضمنها الموازنة، سبق ان تمّ التداول بها مؤخراً، ومن بينها، تجميد زيادة الرواتب والأجور لمدة ثلاث سنوات، والتدرج في رفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 15 في المائة على الكماليات فوراً، وزيادتها تدريجياً إلى 15 في المائة على باقي الأصناف الخاضعة للضريبة، على ان يطبق نصف هذه الزيادة في العام 2021 والنصف الآخر في العام 2022، وكذلك زيادة الحسومات التقاعدية من 6 إلى 8 في المائة عن زيادة الرسم على المشروبات الروحية والدخان، وافكار أخرى.
لكن الرئيس الحريري وفق ما كشفته المصادر فوجئ بمحاولات عدّة من الوزير باسيل للمماطلة، والتوقف عند كل بند لمناقشته وإطالة البحث فيه، وعندما تمّ التطرق إلى البند المتعلق بزيادة الضريبة على القيمة المضافة TVA وغيرها من الرسوم، رفض باسيل الموافقة على هذا البند، رغم انه كان أبدى موافقته عليه مسبقاً، واللافت في الأمر ان نائب رئيس الحكومة غسّان حاصباني وافق باسيل على رفض وضع الضرائب إذا لم يتم وقف التهريب وضبط الجمارك والحدود البرية.
وفي تقدير المصادر الوزارية، ان اتفاق الحريري - باسيل على السلة الضرائبية، نسفه لاحقاً لقاء الساعات السبع الذي جمع باسيل مع الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، الذي حذره في هذا اللقاء من أية محاولة لفرض ضرائب على الفئات الشعبية وذوي الدخل المحدود، وفي تقدير نصري الله ان زيادة الضريبة على الكماليات لا بدّ ان ينعكس على حاجات النّاس الاستهلاكية والمعيشية لاحقاً، وهذا الأمر هو ما اثار غضب الحريري فقرر رفع الجلسة من دون تحديد موعد جديد، مع العلم بأنه كان من المفترض ان تحسم جلسة الحكومة أمس النقاش حول مشروع الموازنة، على اني كون الإقرار النهائي في جلسة يفترض ان تكون الأخيرة تعقد الخميس المقبل في قصر بعبدا.
لكن هل هذا يعني، انه لم تعد هناك إمكانية لاحالة الموازنة إلى المجلس النيابي قبل الموعد الدستوري المحدد يوم الثلاثاء في 22 تشرين؟
الأجواء توحي حتى الساعة بأنها متجهة باتجاه سلبي، خصوصاً وأن الوزراء نقلوا انزعاجاً كبيراً للرئيس الحريري حول ما دار من نقاش داخل الجلسة، وكذلك استياء عدد من الوزراء، لا سيما وزير المال الذي بدا عصبياً ومنزعجاً بشكل لافت، خصوصاً وأنه كان جزم قبل الجلسة بأن الموازنة أصبحت منتهية وبانتظار الإقرار النهائي، الا ان الوزير الجراح، لفت إلى اننا لم نصل إلى نقطة صعبة، وستعقد لجنة الإصلاحات اجتماعاتها عند الخامسة والنصف من عصر الأربعاء (غداً) حيث سنعود لنحسم البنود العالقة، سلباً أو إيجاباً، لأننا لا نريد إضاعة المزيد من الوقت.
"اللواء"