Mar 21, 2019 7:22 AM
مقالات

قرار فرنسا حل جمعيات مموّلة إيرانياً مؤشر لتوتر العلاقات بين باريس وطهران

في خطوة بالغة الدلالة، ولا يُستبعد أن تكون مؤشراً على توتر العلاقات بين باريس وطهران، عمد وزير الداخلية كريستوف كاستنير إلى الطلب من مجلس الوزراء، برئاسة إيمانويل ماكرون، أن يعمد لحل أربع جمعيات شيعية موجودة على الأراضي الفرنسية تمولها وترعاها إيران.
وسبق لإحداها، وهي «مركز الزهراء فرنسا»، أن خضعت لتفتيش من قبل الأجهزة الأمنية في إطار التحقيق حول محاولة الاعتداء التي تتهم باريس طهران بتدبيرها ضد تجمُّع للمعارضة الإيرانية في ضاحية فيلبانت، الواقعة على مدخل باريس الشمالي، نهاية حزيران الماضي.
وتم استهداف المقر في الثاني من تشرين الأول خلال عملية لمكافحة الإرهاب. وقد أسفرت عمليات التفتيش عن العثور على أسلحة تمت حيازتها بشكل غير قانوني. وقد أصدرت محكمة دونكرك الجنائية حكماً بسجن أمين صندوق المركز 18 شهراً، ستة منها مع النفاذ، بسبب حيازة أسلحة بشكل غير قانوني.
وكُشِف النقاب عن طلب وزارة الداخلية عبر أربع وسائل؛ أولاها من خلال تصريحات الناطق باسم الحكومة بنجامين غريفو، عقب انتهاء جلسة مجلس الوزراء والثانية عبر تغريدة لكاستانير نفسه، وثالثها من خلال تغريدة لوزارة الداخلية، وآخرها عبر بيان رسمي مطوّل صادر عن الوزارة نفسها.
اللافت فيما صدر رسمياً عن باريس، أمس، هو الاتهامات الخطيرة الموجهة إلى هذه الجمعيات، وهي: «مركز الزهراء فرنسا»، و«اتحاد الشيعة في فرنسا»، و«الحزب المعادي للصهيونية» و«تيلي فرانس ماريان».
ورغم أن الطلب جاء من وزارة الداخلية، فإن القرار بالتنفيذ يجب أن يصدر عن رئيس الجمهورية. وتتصدر لائحة الاتهامات الرسمية، كما هي واردة في بيان وزارة الداخلية، قيام الجمعيات المذكورة بـ«إضفاء الشرعية على الجهاد المسلح سواء من خلال الخطب (الدينية) أو نصوص (الكتيبات والمنشورات) توضع بتصرف (المؤمنين) ومستخدمي الإنترنت، التي يحث مسؤولو مركز الزهراء (المؤمنين) بشدة على قراءتها».
ويشير البيان الوزاري إلى أن «تبرير الجهاد المسلح، من دون ضوابط من أي نوع، يترافق مع تلقين الشباب في (مركز الزهراء) أدبيات الجهاد المقدس والتمجيد الثابت عن طريق الإنترنت، للأعمال التي تقوم بها منظمات مثل (حماس) و(الجهاد الإسلامي) والجناح المسلح لـ(حزب الله)، وكلها مدرجة في قائمة المنظمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي».
وسبب التركيز على «مركز الزهراء» القائم في مدينة غران سانت الواقعة شمال فرنسا، يعود لكونه يستضيف الجمعيات الثلاث الأخرى.
بيد أن هذه الاتهامات لا تتوقف عند هذا الحد. والبارز تركيز الناطق باسم الحكومة، في كلامه، أمس، على أنها «جمعيات معادية للسامية بشكل علني وخطير». وأهمية هذه الإشارة أنها تجيء بعد أسابيع قليلة على حصول أعمال معادية للسامية استهدفت يهوداً أو مؤسسات يهودية، وأفضت إلى مسيرة ضخمة في باريس وفي عدد من المدن الأخرى.
وفي اليوم التالي للمسيرة، وبمناسبة العشاء السنوي للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، ربط ماكرون بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، ولكن دون أن يذهب إلى المطالبة بسن قانون لذلك.
وفي تغريدته، أعلن كاستنير أنه «عملاً بتعليمات رئيس الجمهورية، فإنني عازم تماماً على حل جميع الجمعيات التي تؤجج الكراهية وتدعو للتمييز وتمجد العنف»، بينما ركزت تغريدة وزارة الداخلية على أن هذه الجمعيات «تدعو إلى الجهاد المسلح».
لكن ثمة مجموعة تساؤلات حول توقيت طرح هذا الطلب في مجلس الوزراء، وما إذا كانت له علاقة بالصعوبات التي يعاني منها وزير الداخلية بسبب التقصير في منع حصول أعمال عنف وسرقة بمناسبة الأيام الاحتجاجية لـ«السترات الصفراء»، وآخرها ما حصل السبت الماضي في جادة الشانزليزيه.
وثمة من يرى أنه قد يكون مؤشراً إلى صعوبات مستمرة أو ربما متزايدة علاقات باريس وطهران، رغم استمرار فرنسا في دعم الاتفاق النووي المبرم مع إيران، صيف عام 2015، واستضافة الآلية المالية المفترض نظرياً أن تمكّن الجانب الإيراني من الاستمرار في تصدير نفطه والمتاجرة مع الأوروبيين.

ميشال ابو نجم-الشرق الاوسط

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o