Mar 14, 2019 3:24 PM
خاص

14 آذار في ذكراها الـ 14: كي لا تنطفئ شعلة الحريـة!

المركزية- لم يكن خصوم لبنان وأعداؤه ممن لا يريدونه وطنا سيدا حرا لا صوت فيه  يعلو على المطالبات بفك القيد الثقيل الذي لفه الوجود السوري حول وطن الـ10452 كيلو متراً مربعاً، يعتقدون أن الرزنامة اللبنانية ستسجل للتاريخ يوما مجيدا كالاثنين 14 آذار 2005. ذلك أن التظاهرة المليونية الضخمة التي احتضنتها ساحة الحرية في ذلك النهار الاستثنائي تتجاوز في معانيها السياسية التجمع الشعبي بناء على دعوات أطلقها زعماء سياسيون، بمعنى أن المد البشري الاول من نوعه في لبنان لم يكن إلا التجسيد الأفضل للوحدة الوطنية، وهي القيمة التي ناضل في سبيلها خيرة من شباب هذا الوطن، الذين بلغ بهم اندفاعهم وحماستهم لـ"القضية النبيلة" التي قامت عليها ثورة استقلال الـ2005، حد شجاعة الشهادة.

لا يخفى على أحد أن من شأن حدث بحجم زلزال اغتيال الرئيس رفيق الحريري أن يجعل الشارع اللبناني ينتفض ويناضل ليتحرر من الوصاية السورية. لكن الصحيح أيضا أن ردة الفعل الشعبية كانت عابرة للطوائف والأحزاب والانتماءات والحسابات السياسية الضيقة. كيف لا وصورة مفكر ثورة الاستقلال الثاني الراحل سمير فرنجية يعلن، باسم المعارضة، من دارة الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط، محاطا بكبار قادة ثورة "إنطلاق انتفاضة الاستقلال  الديموقراطية والسلمية"، وهو الذي كان أكد أن الرهان الأول لهذه الحركة كان على الشعب اللبناني الذي لم يتأخر في الاستجابة لنداءات الحرية والسيادة التي أطلقها المناوئون للوجود السوري في لبنان، بعيد اغتيال الحريري، من هذه الزاوية الموحدة، تبدو حركة 14 آذار تتويجا لمسار نضالي إنطلق مع مصالحة الجبل التي أدت إلى ردة الفعل العنيفة التي تفجرت في أحداث 7و9 آب 2001، بتدبير مما سمي يوما "النظام الأمني اللبناني – السوري المشترك"، ضد شباب التيار الوطني الحر والقوات وحزب الكتائب، الذين مدهم نداء المطارنة  الموارنة الشهير (أيلول 2000) كما الخطاب السيادي الذي رفعه لقاء قرنة شهوان المعارض بجرعة دعم لخوض كبريات معارك الحرية، حيث لم يجرؤ كثيرون خوفا من مصير أسود، ما لبث أن كمن لكثير من "أبطال الاستقلال الثاني" على كوع قدر مباغت وإرادة اجرامية لم تتوان عن دفع النائب الشهيد جبران تويني والوزير الشهيد بيار الجميل والصحافي الثائر سمير قصير إلى الاستشهاد وسواهم ، في محاولة منها لطمس الحركة السيادية التي كانوا روادها. إلا أن عاملا مهما غاب عن بال المجرمين: 14 آذار، ككل الحركات الثائرة في العالم، لا تقاس باستمراريتها في الزمان والمكان وسياق الأحداث التي يقلب التاريخ صفحاتها من دون عودة إلى الوراء. بل إن الثورات وإن خمدت شعبيا بفعل مرور الزمن، تبقى قائمة في الوجدان والذاكرة الشعبية، كما في القيم والمبادئ التي أرستها والتقى عليها الناس يوما متجاوزين خلافاتهم واختلافاتهم الظرفية. وليس أبلغ إلى ذلك إلا التسويات  التي أبرمت في الفترة الأخيرة بين عدد من مداميك الحلف السيادي وحلفاء حزب الله، الذي طالبت حركة 14 آذار بنزع سلاحه لتأمين سيادة غير منقوصة تستحق دماء من سقطوا لأجلها. ذلك أن هذه الاتفاقات المبرمة على غفلة، لم تمنع الرئيس سعد الحريري، بطل التسوية الرئاسية- التي عارضها بعض الفرقاء كالكتائب واللواء أشرف ريفي من منطلق صون القيم السيادية، على سبيل المثال، من مصالحة خصمه الأول، اللواء ريفي، بفعل التقائهما على ضرورة صون البلاد وإعادة التوازن إلى المشهد السياسي، وهو الذي اختل طويلا لصالح حزب الله.

على أن هذه المصالحة لا تكفي وحدها ليكتمل مسار تحقيق الهدف السامي لـ 14 آذار، بل تنقصها مبادرة لا تقل شجاعة من... حزب الله دون سواه، تتمثل في إقدامه على الاعتراف بضرورة تسليم سلاحه إلى الدولة، تماما كما فعل سواه من الأحزاب والقوى التي صارت رأس حربة التيار السيادي في لبنان.

ليس كثيرا على أناس بذلوا الغالي والنفيس في سبيل وطنهم، أن يحلموا بيوم يشهد على هذا الحدث الكبير. كل ما في الأمر أن الهدف الأول يكمن في أن شعبا آمن بقضية 14 آذار يوما يريد  تحقيق الحلم، لتبقى الشعلة حية، بوصفها رغبة شعب أراد يوما الحياة... فاستجاب له القدر... قدر مطبوع بالدماء.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o