Feb 13, 2019 3:42 PM
خاص

حزب الله من الاستراتيجيات الاقليمية الكبرى الى ملفات الداخل الحساسة
مواقف دعائية ام نمط سياسي جديد تحضيرا لدور داخلي فاعل اثر العودة؟

المركزية- في عملية رصد لمواقف وممارسات حزب الله منذ ما يقارب تسعة أشهر وتحديدا إبان حقبة الانتخابات النيابية، يلمس اللبنانيون تحولا جذريا في سلوكه لا بل شبه انقلاب في اولوياته التي لطالما كانت خارجية، بحيث انتقل تدريجيا من الاستراتيجيات السياسية العابرة للحدود الى الاهتمام بالتفاصيل المحلية التكتيكية في اليوميات اللبنانية التي لم تحضر يوما في اجندة اهتماماته، استنادا الى مقاربة جديدة عنوانها الانخراط في الملفات الحياتية والاجتماعية والاقتصادية التي تدغدغ مشاعر اللبنانيين وتلعب على وتر ما يمسّهم في العمق.

فمن تسنى له من المراقبين متابعة مداخلات نواب كتلة "الوفاء للمقاومة" في جلسات الثقة بحكومة "الى العمل" امس واليوم، عاين بأم العين مدى التحول في مسار الحزب ونظرته الى الواقع اللبناني وموقعه السياسي فيه، وقد وضع امينه العام السيد حسن نصرالله الحجر الاساس للنمط الجديد في خطابه الهادئ بعيد تشكيل الحكومة، والذي لاقاه فيه وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف في مجمل مواقفه غير الاعتيادية من بيروت، حيث غابت ادبيات المقاومة وسادت لغة الانفتاح والتعاون وتفهم الآخر، الامر الذي ربطته مصادر سياسية سيادية عبر "المركزية"  بالتحولات الاقليمية التي لا تخدم سياسة طهران، وعلى الارجح باضطرارها للرضوخ الى الضغط الاميركي لجهة العودة الى طاولة المفاوضات حول ملفها النووي، وهو ما ينسحب على الارجح على حزب الله، ويحمله على تغيير مساره من اجل اعادة تموضع جديدة داخل النظام اللبناني تضمن له اثر العودة من الساحات العربية التي انخرط في مسلسل حروبها الدامية، احتضانا شعبيا لا يمكن ان يجده الا من البوابة المعيشية وتصوير نفسه نصير الشعب الطامح الى القضاء على الفساد ووقف الهدر لاعادة بناء الدولة القوية التي تؤمن له عيشة هانئة خلافا لواقع حاله الذي كفر به جراء ممارسات الطبقة السياسية.

 وتقوم استراتيجية الحزب بنسختها المعدّلة انسجاما مع مقتضيات تبدّل رياح الخارج والمعادلات الاقليمية الجديدة بحسب المصادر على ولوج الباب المعيشي لاختراق الطوق المفروض عليه من خارج بيئته السياسية وفتح نافذة على فريق اللبنانيين المناهضين لسياساته ومقارباته للملفات السيادية، بالتركيز على التعاون مع اي فريق يسعى الى مواجهة الفساد ولو اختلف معه في المقاربة السياسية. بيد ان السؤال يُطرح، وفق المصادر، حول مدى جدية الحزب في نهجه الاصلاحي ومضيه في مسار الشفافية ومحاربة الهدر والفساد، وما اذا كان اللجوء اليه مجرد غرض دعائي يتطلع عبره الى حجز موقع سياسي قوي على الساحة اللبنانية، ام انه سيخوض عن حق معارك في هذا السبيل ويلحق بركب السياسة الاشتراكية والقواتية المعتمدة في مجلس الوزراء على غرار ما حصل في ملف بواخر الكهرباء، والملفات في هذا المجال كثيرة تبدأ من التوظيفات في القطاع العام ولا تنتهي بالصفقات والتنفيعات التي اسهب في الاضاءة عليها عضو الكتلة النائب حسن فضل الله امس.

ثم، اذا كان الحزب عازما على استكمال مساره هذا، لماذا لجأ نوابه الى سياسة التعميم عوض تحديد المسؤولين عن الهدر والفساد؟ ولمَ لم يسألوا عن اسباب الغاء وزارة مكافحة الفساد ما دام عنوانها اولويتهم للمرحلة المقبلة؟

وتردف المصادر في السياق، ماذا عن تصويب الحزب على القطاع المالي والمصرفي الذي يدرك انه عصب الدولة وعمودها الفقري الذي مكّنها من تجاوز ازمات لم يكن باستطاعتها تخطيها لولا السياسة المالية الذكية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ، وهل للأمر صلة بالتزام المصارف قانون العقوبات الاميركية المفروضة عليه، ام انه يذهب أبعد من ذلك لوضع اليد على هذا القطاع الحيوي وتثبيت موقعه سياسيا واقتصاديا وماليا في آن تعويضا عن دور سياسي وأمني قد يفقده قريبا اذا ما بلغت التسويات السياسية الاقليمية خواتيمها وابرمت الصفقات الدولية التي ستعيده الى الداخل، حيث هيأ ارضية عودته شعبيا؟

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o