May 10, 2024 1:34 PM
خاص

مقاربة الـ"عودة ليست آمنة" للنازحين غير قابلة للصرف... ما علاقة الحزب؟!

جوانا فرحات

المركزية – بعيدا من المواقف والتحركات الشعبية واللقاءات التي تعقد في شأن ملف النازحين السوريين في لبنان وهبة المليار يورو التي قدمها الإتحاد الأوروبي لمساندة الدولة وآخرها اللقاء الذي عقد أمس في بكركي، برز موقف لرئيس الإئتلاف السوري المعارض هادي البحرة وفيه مقاربة استحقت التوقف عندها. فقد طالب البحرة، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بسحب "الميلشيات اللبنانية التي هي جزء من حكومته" بحسب تعبيره من المناطق السورية كافة والتعويض على سكانها عن المنازل التي دمرت بسبب مشاركة الحزب في الحرب إلى جانب النظام السوري، وتهجير مناطق بكاملها من سكانها وقتل واعتقال مئات آلاف السوريين وذلك كي يتمكن اللاجئون السوريون في لبنان من العودة إلى بلادههم".

كما طالب البحرة، ميقاتي بالتوسط لدى الأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لتأمين قوة دولية لحماية المناطق التي سيعود إليها اللاجئون، وذلك من أجل ضمان سلامتهم وعدم الاعتداء عليهم من قبل النظام. ويختم مكررا " أن سوريا غير آمنة لعودة اللاجئين، داعياً المجتمع الدولي الى الدفع نحو الحل السياسي القابل للاستدامة وفقا لقرار مجلس الأمن 2254".

على المستوى القانوني والوطني" هذه المقاربة لا تجوز في الشكل والمضمون، " يقول المنسق العام للحملة الوطنية لإعادة النازحين السوريين مارون الخولي. فرئيس الحكومة ليس رئيس حزب ولا سلطة أو صلاحية له للتدخل في شؤون اي حزب سيما وأنه لكل حزب هيكليته التنظيمية. وإذا كان ميقاتي عاجزاً عن منع حزب الله من التدخل في الحرب على غزة ووضع لبنان على صفيح الحرب فكيف سيتمكن من إقناع الحزب في الخروج من سوريا؟".

سؤال مشروع، واستطراداً يضيف الخولي" لو سلمنا جدلاً بأن الرئيس ميقاتي استطاع بالمونة وليس بالسياسة، أن يطلب من الحزب الخروج من القرى والبلدات السورية التي يتمركز فيها ليتمكن النازحون من العودة إلى بيوتهم كما ورد في نص المعارض السوري، هل يملك ميقاتي داتا عن أماكن وجود الحزب في سوريا؟  أكثر من ذلك هل لدى هادي البحرة معلومات في هذا الخصوص لمقاربة هذا الموضوع والطلب من ميقاتي أن يمون على الحزب لإخراجه من سوريا؟ باختصار هذه الحجة والمقاربة التي فجرها البحرة لا قيمة لها وقد تجوز فقط في النكايات السياسية والوجود العسكري لحزب الله في سوريا يحول دون عودة حوالى 30 ألف نازح سوري فقط إلى بيوتهم. في حين أن هناك مليونين ونصف مليون نازح في لبنان".

في المضمون غير القابل للصرف، يشير الخولي إلى أن ميقاتي هو رئيس حكومة تصريف أعمال وليس أمين عام الأمم المتحدة. ولا قيمة لهذه المقاربة لأن القرار في مجلس الوزراء يُتخذ بالإجماع وليس محصورا برئيس الحكومة. ولو أراد البحرة أن يتصرف على قاعدة وطنية ووفق المنطق والقانون لكان أجدى به ان يقدم أوراقا ووثائق عن أسماء القرى والبلدات التي يسيطر عليها حزب الله في سوريا لمساعدة الحكومة اللبنانية على تصنيف النازحين الذين هربوا من المناطق السورية التي يسيطر عليها حزب الله والنظام حفاظا على حياتهم. لكن أكرر أن عدد هؤلاء لا يتجاوز الـ30 ألفا من اصل المليونين ونصف نازح".

أيضا في المقاربة غير القابلة للصرف يستغرب الخولي خشية النازحين من العودة إلى القرى التي يتواجد فيها حزب الله علما انهم يعيشون بسلام وأمان في مناطق لبنانية تخضع لسلطة حزب الله كمثل الضاحية الجنوبية وبعلبك وغالبية القرى الجنوبية الخاضعة لسلطة الحزب.ويلفت إلى ضرورة أن يصار إلى جمع هؤلاء النازحين المعارضين للنظام الذين لا تتعدى نسبتهم الـ3 في المئة وترحيلهم إلى مناطق حرة وآمنة. أما الباقون فيعودون إلى مناطق النظام وأي كلام آخر هو من باب الشعبوية والإستهلاك السياسي" يختم الخولي.

بدوره يؤكد الباحث والناشط السياسي وسام يافي لـ"المركزية" أن  أهداف المعادلة التي طرحها المعارض السوري هادي البحرة سياسية ولها علاقة بالداخل السوري ويوضح  "صحيح أن حزب الله جزء من مشكلة النزوح السوري لكن لا يجوز اعتبار وجوده في بعض البلدات والقرى السورية وقتاله إلى جانب النظام السوري سببا في عدم عودة النازحين، لأن هناك الكثير من المناطق الآمنة وغالبية النازحين يدخلون إلى سوريا يوميا أو موسميا. كما ان لا توجد داتا واضحة عن أعداد مقاتلي حزب الله في سوريا".

وأبعد من المقاربة السياسية المطروحة، يعتبر يافي أن المشكلة في ترسيخ بقاء النازحين السوريين داخلية وتتمثل في السياسة المتبعة للملف في لبنان "فالمساعدات التي يحصل عليها النازح مغرية جدا وفي حال عدم قبول الحكومة هذا الكم من المساعدات سيشعر النازح ان وجوده في لبنان بات مهددا ويفضل آنذاك العودة إلى وطنه وبيته، خصوصا أن النسبة الأكبر من النازحين السوريين هم من فئة "نازح إقتصادي".

المشكلة الثانية تتمثل في المساعدات المخصصة للأولاد وحديثي الولادة والتي تشجع النازح على الإنجاب والبقاء مقابل الإستفادة من الهبة المالية التي تمنح لكل ولد وهذه الأزمة باتت تشكل أزمة هوية في المستقبل أو ما يعرف بالخطر الديموغرافي".

خطر خفي يتوجس منه يافي وهو تغيير الهوية البيئية. "فالعادات والتقاليد اللبنانية تغيرت وصولا إلى درجة الإضمحلال في العديد من المناطق والبلدات وباتت أقرب إلى العادات الإجتماعية المتعارف عليها في سوريا وهذا أخطر ما يكون". إنطلاقا من ذلك، يعتبر أن الخطوة الأولى نحو إيجاد حلول لملف النزوح السوري تتمثل في إقامة مخيمات أو حصر أماكن سكنهم في مناطق عند الحدود السورية وتحجيم قيمة المساعدات بطلب من الحكومة اللبنانية بدل قبول الهبات بمليارات الدولارات واليورو. عندها سيشعر النازح بأن العودة إلى سوريا هي الملاذ الوحيد.هذا هو القرار الوطني الأمثل الذي يجب أن تتخذه الحكومة اللبنانية علها تفعل ذلك لمرة واحدة". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o