Nov 10, 2023 3:52 PM
خاص

بعد حرب غزة... ملف عودة النازحين في الثلاجة؟

يولا هاشم

المركزية - في خضم الأزمات التي ينوء تحتها لبنان، جاء "طوفان الأقصى" ليضيف إلى همومه همّا آخر، ويجرف معه الاهتمام اللبناني إلى مكان آخر، الى الانشغال بوضع خطة طوارئ وطنية لمواجهة الأسوأ، فيما ملفات داخلية أخرى داهمة تحتاج إلى حلول وأهمها ملف النازحين السوريين.  

منذ نحو أسبوعين، توجه الوفد اللبناني برئاسة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب إلى دمشق للبحث في ملف اللاجئين السوريين، بعد أكثر من شهر ونصف على إعادة تشكيل الوفد الوزاري. واعُتبرت هذه الزيارة الخطوة الصحيحة للمعالجة ورسم خارطة طريق تعيد النازحين بشكل يضمن حقوق الجانبين اللبناني والسوري، خاصة مع تدفق موجة لجوء جديدة إلى لبنان عبر المعابر البرية غير الشرعية بين البلدين.    

وبما ان سوريا أصبحت آمنة في المناطق الخاضعة للنظام السوري بنسبة نحو 80%، فمن شأن ذلك أن يسهّل عودة النازحين وتلقي المساعدات الأممية في سوريا بدل لبنان، وتعيد الجهات المانحة تأهيل قراهم المنكوبة. 

وتشير المعلومات الى ان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وبعد زيارة الوفد الوزاري لدمشق، أوعز بتسليم كل وزير ملفًا مستقلًا للنازحين حسب تخصصه.  كتسليم وزير الدفاع موريس سليم ملف المطلوبين للخدمة العسكرية في دمشق، ووزير الداخلية بسام المولوي ملف الأوضاع القانونية للسوريين بالتنسيق مع البلديات، وزير المهجرين عصام شرف الدين ملف التنسيق في متابعة قوافل العودة في حال إطلاقها مجددًا، ومدير الأمن العام بالإنابة الياس البيسري مع أمين عام مجلس الدفاع الأعلى محمد مصطفى، ملف موجة اللجوء الجديدة عبر المعابر البرية غير الشرعية...  لكن حتى الآن لم تظهر نتائج عملية لهذه الزيارة، حتى أن رحلات العودة الطوعية التي كان ينظّمها الأمن العام توقّفت. فأين أصبح ملف العودة؟ 

وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين يؤكد لـ"المركزية" ان زيارة الوزير بوحبيب اقتصرت مع الجهات الأمنية على الحديث عن النزوح الجديد وتحدثوا عن آلية مع وزير الخارجية. وكانت زيارة ودية لم تبحَث فيها بنود عودة النازحين، على قاعدة انهم سيقومون بزيارات لاحقة، وينشئون لجانا". ويضيف: "بنظري، مع هذا الطرح وهذا الوفد الذي ذهب الى سوريا، لا  جدية في حل مشكلة أزمة النازحين وبالتالي، في لقائنا الخاص مع رئيس الوزراء، اقترح ان يقوم كل وزير حسب اختصاصه بالتوجه الى سوريا على حدة لمعالجة الملف الذي يحمله، لكن هذا لا يؤدي الى نتيجة لأن هناك مواضيع كمكتومي القيد مثلا وإعادة المساجين، تحتاج الى وزيري الداخلية والعدل للبحث في هذا الموضوع، اي تحتاج الى وفد، وموضوع خدمة العلم يحتاج الى حضور وزير الدفاع".  

ويشير شرف الدين الى ان "السوريين أصبحوا منزعجين من البعثات العسكرية التي تذهب الى دمشق ويفضلون وفدا رسميا يتحدث بكل الأمور. الخلل يكمن في لبنان وليس في سوريا، هم قاموا بمبادرة ايجابية وتبنوا مشروع وزارة المهجرين بالعودة التدريجية، ووافقوا على عودة 180 ألف نازح في أول قافلة".  

ويتابع: "ثم جاء "طوفان الأقصى"، وأصبح التركيز منصباً على حرب غزة. بالطبع موضوع النازحين مهم إلا ان الأضواء كلها مسلطة على غزة، نتمنى في الاسابيع المقبلة ان يتبنوا الطروحات التي وضعتها وزارة المهجرين وهي ورقة تفاهم من بنود عدة، ما زالوا ملتزمين بها رغم الضائقة الاقتصادية". 

دراسة قانونية: توازياً للعمل السياسي، تنكب لجنة الادارة والعدل البرلمانية على وضع دراسة قانونية للوجود السوري، وكلفت النائب اشرف بيضون بإعدادها. وقد تم توزيعها على الأعضاء الذين هم بصدد دراستها لتتم مناقشتها الثلاثاء المقبل. 

مصادر مطلعة تؤكد لـ"المركزية" ان "أثناء النقاش في اقتراحات القوانين المتعلقة بالنازحين السوريين، أثيرت نقطتان منذ ثلاثة أسابيع، الاولى حول الطبيعة القانونية للتواجد السوري في لبنان، هل هم لاجئون ام طالبو لجوء ام مهاجرون ام نازحون، وفقا للقانون الدولي الذي ينظم القواعد الخاصة باللاجئين بمفهومها الواسع. والنقطة الثانية التي اثيرت، هي ان لبنان غير منضم او موافق على اتفاقية 1951 لشؤون اللاجئين وهذه الاتفاقية التي وضعت وصية عليها الـunhcr. وبما ان لبنان ليس عضوا في هذه الاتفاقية، ماذا نطبق في هذه الحالة؟ وفي الوقت عينه لبنان لديه اتفاقية وقعها عام 2003 ضمن ما يسمى بمذكرة تفاهم بين الامن العام اللبناني بالنيابة عن وزارة الداخلية ومفوضية الامم المتحدة الاقليمية unhcr والتي كانت ترعى اللاجئين او طالبي اللجوء، لأنهم استخدموا كلمة طالبي اللجوء وقد كانوا وقتها عراقيين، لكنها لم تشر الى جنس او بلد او جنسية معينة، بل تحدثت عن طالبي اللجوء بشكل عام. وهذه صدرت بمرسوم عن مجلس الوزراء ونشرت وفقاً للاصول في الجريدة الرسمية. ومن ثم عام 2016 لدينا مذكرة تفاهم بين وزارة الداخلية والـunhcr  ايضا عن النازحين السوريين او اذا اردنا إطلاق تسمية أخرى عليهم. فما هي هذه الطبيعة القانونية لهاتين المذكرتين وما يتفرع عن الاشكاليتين من تساؤلات واسئلة قانونية تدور في فلك ملف النازحين بشكل عام. وهذا محور. 

كيف تساعد هذه الدراسة على اعادة النازحين؟ تجيب المصادر: المسألة ان صح التعبير، من مصلحة لبنان وفقا للقانون الدولي يجب ان يتمسك لبنان بمذكرة تفاهم 2003، التي تتحدث عن طالبي اللجوء لإعادة توطينهم في بلد ثالث وهذا واجب على المفوضية كوصي على حماية اللاجئين في العالم. وهذا التزام على المفوضية تجاه لبنان وتجاه اي دولة مستضيفة للاجئين. هذه الدراسة تساعد على تحديد الطبيعة القانونية للداخلين السوريين الى لبنان وفقا للتشريعات اللبنانية التي تنطبق عليهم حتى نرى مدى الحماية القانونية التي يتمتعون بها وعلى اساسها يتم التعامل مع هؤلاء الاشخاص وفقا لهذا القانون.  

ومن ثم تعاين لجنة الإدارة والعدل اقتراحات القوانين التي أمامها، وهل تنسجم مع المنظومة القانونية لحماية الداخلين او اللاجئين المقيمين بصورة غير قانونية في لبنان ام لا، خاصة ان لبنان غير موقع على اتفاقية 1951 المتعلقة باللاجئين. لكن في المقابل هو موقّع مع مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين مذكرة تفاهم عام 2003 وهذه المذكرة تحل من الناحية القانونية محل الاتفاقية بما أنه تم التوافق عليها من الطرفين، الدولة اللبنانية من جهة بعد ان صدرت بمرسوم ومن الجهة الوصية لأمور اللاجئين في العالم والتي هي الـunhcr وبالتالي من مصلحة لبنان العودة الى هذه الاتفاقية والتمسك بها، وإذا أردنا الذهاب باتجاه اي قانون او اقتراح قانون ندعم هذا الاقتراح بالمسار القانوني نفسه الذي سلكته مذكرة التفاهم. وأهم ما في الامر أنهم اعترفوا بتسمية "طالبي لجوء" وهناك فرق بين "لاجئ" و"طالب لجوء"، سموهم طالبي لجوء والمقصود بها طالبي لجوء بهدف إعادة توطينهم في بلد ثالث وهذا إقرار من المفوضية. 

هل يعتبر حلا لمسألة النازحين؟ "من الناحية القانونية هناك حل لكن المقاربة يجب ان تكون شاملة أكثر، وان يكون الحل سياسيا قانونيا مع التوافق الوطني، فيسيران معاً ويمكننا عندها ايجاد حل بما يرى مصلحة الدولتين والشعبين وبما يرعى ويحافظ على خصوصية لبنان لأن الحمل أصبح ثقيلا على لبنان. هذا الموضوع يحتاج الى حل في السياسة والقانون معاً. مقاربة شاملة. هذه المقاربة قانونية بحت بمعزل عن اي توجهات او رأي سياسي مسبق. لكنها ستكون نواة لتوصية وستعمم على الحكومة وعلى كل الإدارات المعنية بهذا الملف".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o