Jun 08, 2023 4:35 PM
خاص

"العفو الدولية" تدق ناقوس الخطر...سجناء رومية يموتون بظروف غامضة !

جوانا فرحات

المركزية – 24 ساعة مرت على صدور تقرير منظمة العفو الدولية حول المأساة في السجون التي تديرها وزارة الداخلية في العام 2022 مقارنةً بالعام 2018، ولم يصدر رد أو تعليق أو بيان عن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي.

رد الفعل نفسه تكرر عند صدور تقرير عن المنظمة بعنوان"كم تمنيت أن أموت" تتهم فيه عناصر في قوى الأمن اللبنانية بارتكاب انتهاكات بحق لاجئين سوريين اعتقلوا بتهم الإرهاب " بينها اللجوء إلى "أساليب التعذيب المروّعة" وحرمانهم من "المحاكمة العادلة".

اليوم قد تكون أمنية الموت أكثر إلحاحا. فإذا مرض السجين لا يجد حبة دواء. قبل العام 2021 كانت طبابة السجناء على نفقة الدولة، لكن مع الارتفاع الهائل في أسعار الدواء وبعد رفع الدعم عنها، لم تعد الدولة قادرة على تأمين كلفة العلاجات، وبدأت تظهر الوصفات الطبية ممهورة بجملة "على نفقة ذويه" أي أنه يُطلب من ذوي السجين تأمين الأدوية له.

أمام هذا الواقع يبقى كثيرون عاجزين عن تأمين الأدوية، في وقت يحاول السجناء في بعض الحالات جمع ثمن الدواء من بعضهم لتأمينه لسجين زميل.أما إدارة السجن فتحاول البحث عن مصادر بديلة للأدوية، من بينها الجمعيات الأهلية والهبات.

في السجن أيضاً شكاوى وصرخات سجناء من "الفتات" الذي يحصلون عليه كوجبة يومية .ليس هذا وحسب فنوعية الغذاء تراجعت أيضاً نتيجة الغلاء الكبير في الأسعار مع انخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار ودولرتها، مما دفع المتعهدين إلى اختصار كميات اللحم والدجاج وأحيانا تصفيرها. وحدهم السجناء الميسورون نسبياً يشترون طعامهم من حانوت السجن الذي ارتفعت أسعاره تماماً كما الحال في كل المتاجر في البلاد.

في سجن روميه الذي يفترض أن لا يزيد عدد السجناء فيه عن 1050 سجينا يقبع حوالى 4000. سجناء يتكدسون فوق بعضهم. ومنهم من يفضل البقاء جالسا في مكانه طيلة النهار حتى لا يفقد"موقعه" وإذا تعب يجثو على ركبتيه.

هذا ولم نتطرق بعد إلى حالات الوفيات التي شكلت ظاهرة استدعت منظمة العفو الدولية إلى التحرك للإضاءة على واقع مأساوي ومناف لحقوق الإنسان. فخلال عام واحد وصل العدد إلى 33 وغالبيتها حصلت"بظروف غامضة" أو بظروف لا يعرفها إلا القابعين وراء قضبان الزنزانة وممنوع عليهم أن يتكلموا، ومن دون أن يفتح تحقيق واحد حتى اليوم؟!.

مدير عام مركز سيدار للدراسات القانونية المحامي محمد صبلوح يختصر صرخة السجناء بعبارة الموت البطيء. ويكشف أن ما صدر من معلومات توثيقية في تقرير منظمة العفو الدولية أمس ليس إلا نتاج جهد عدد من المنظمات المحلية التي وضعت هذه الوقائع في عهدة المنظمة، على أن يليها تقرير ثان عن منظمة هيومن رايتس واتش. والهدف من التقرير تسليط الضوء على المأساة الإنسانية والأوضاع المنافية لحقوق الإنسان في السجون اللبنانية وتحديدا الوضع الإستشفائي والإستهتار بحياة السجناء وعدم التحقيق بحالات الوفاة التي وصل عددها إلى 33 في خلال عام واحد.

أسباب غالبية حالات الوفاة الإستهتار والإستخفاف بوضع السجناء الصحي ويروي صبلوح بعضا منها" تصوري أن سجينا كان بحاجة إلى عملية قلب مفتوح عاجلة تم تأجيلها بسبب عدم توافر الكلفة التي بلغت 7500 دولار. وعندما تأمن المبلغ وأدخل إلى المستشفى أسلم الروح. مريض آخر كان يعاني آلاما في الصدر والظاهر أنه كان يتعرض لذبحات قلبية. لكن بسبب عدم وجود مستشفى طوارئ وأطباء داخل سجن رومية أعطاه عناصر الأمن حبة مسكن .ونام ولم يستيقظ وتبين أنه تعرض لنوبة قلبية حادة".

 لنكن واقعيين. إذا كانت الدولة عاجزة عن تأمين الطعام والطبابة للعناصر الأمنية فكيف تكون قادرة على تأمين ذلك للسجناء؟ وهل يكون الحل بنشر تغريدات استنكار في كل مرة يموت فيها سجين أو تحصل إنتفاضة داخل سجن رومية أو حالة تمرد؟

"السؤال ليس من المحظورات يقول صبلوح،لقد طرحنا العديد من الحلول منها مشروع قانون بتخفيض السنة السجنية مدة 6 أشهر لمرة واحدة. ثمة من يقول هناك إرهابيون ونحن نقول فلتكن لمرة واحدة بعد التأكد من ملفات السجناء. أما الحل الثاني الذي تقدم به البعض لجهة إعادة السجناء السوريين إلى بلادهم فهذا غير وارد في هذه اللحظة لأن هناك سجناء يعارضون النظام والحل، بحسب صبلوح أن يصار إلى دراسة ملف كل سجين سوري والتأكد من أن عودته إلى بلاده لن توصله إلى المقصلة.

في ظل التحديات التي تعيشها البلاد قد يكون ملف السجون اللبنانية أبعد ما يكون عن الأولويات. من هنا تأتي أهمية التقرير الذي نشرته منظمة العفو الدولية كونه "يشكل قناعة لدى المجتمع الدولي عن كيفية التعامل مع السجناء في لبنان وفي حال عدم التجاوب من قبل السلطات المختصة واستمر أسلوب التعامل مع السجناء على النحو الوارد في التقرير يصار إلى حرمان لبنان من المساعدات. وهذا ليس بتهديد إفتراضي بحسب صبلوح إذ سبق وهدد المجتمع الدولي مسؤولين أمنيين عام 2021 بالتوقف عن مد مؤسساتهم بالمساعدات في حال استمر الوضع على حاله داخل السجون اللبنانية.

على ذكر المساعدات يسأل صبلوح"أين صرف مبلغ الـ100 ألف دولار الذي قدمته إحدى الدول الأوروبية قبل 6 أعوام لإدارة سجن روميه لتجهيز المبنى بالطاقة المخصصة للمياه الساخنة ولم يحصل عليها السجناء إلا مرة واحدة؟ السؤال برسم التحقيق إذا حصل" !.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o