الخط 29 طار مقابل "شطبة عقوبات"... واستعادة 23 رهن التفاوض مجددا
المركزية – عشرة أيام مرت على تصريح رئيس الجمهورية ميشال عون في إحدى المقابلات حول اعتماد الخط 23 في ترسيم الحدود البحرية بدلا من الخط 29 ولم يصدر عن الجانب الإسرائيلي أي رد أو موقف يعلن فيه استعداده إعطاء لبنان حقه من الخط 23 . حتى الجانب الأميركي لم يعلق على القرار الذي شكل صدمة لدى الرأي العام اللبناني خصوصا بعدما كان عون متمسكا بما يسمى الخط 29 ومتحمسا لتسميته بخط "ميشال عون"، ما حدا برئيس وفد المفاوضات غير المباشرة في ملفّ ترسيم الحدود مع إسرائيل، العميد الركن المتقاعد بسام ياسين إلى القول إنّ "إعلان لبنان أنّ خطّه التفاوضي هو الخطّ 23، يُعدّ خسارة منذ البدء، ونحن دفعنا كلّ شيء وببلاش، وحقّقنا لإسرائيل ما تريده"!.
تلك اللحظة لم تأت وليدة الصدفة. إذا لا يمكن تفسير موقف الرئيس من التنازل عن الخط 29 بعدما كان يؤكد طيلة فترة المفاوضات التي انطلقت بتاريخ 14-10-2020 وتوقفت بتاريخ 4-5- 2021 على ضرورة التمسك ببدء المفاوضات من الخط 29 ويرفض حصر التفاوض بين الخط 1 و23 كما يطالب الجانب الإسرائيلي حتى أنه أوصى بألّا تكون متابعة التفاوض مرتبطة بشروط مسبقة". شو عدا ما بدا؟
أبرز التبريرات جاءت على لسان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي غرد قائلا: "إنّ التهاون بالحدود البحرية مسألة بسيطة، "هيدي مش حدود برّيّة، هيدي بالميّ". لكن منذ متى كانت حسابات الربح والخسارة في بيع الأرض قائمة على أساس المفاضلة بين البر والبحر،تسأل مصادر معنية بالملف عبر "المركزية"؟ وإذا سلمنا بالتبريرات القائلة بأن صفقة التنازل عن الخط 29 حصلت مقابل تقديم أوراق اعتماد باسيل للأميركيين، علّهم يرون فيه شريكاً عاقلاً وتسوويّاً، ، إلا أن عون وباسيل يعلمان تمام المعرفة أنّ العقوبات على الأخير تتعلّق بالفساد، وهي ثمرة مسار قانوني معقّد وليس قرارا سياسيا يمكن تغييره بشطبة قلم، ولا يُؤخذ عبر مؤسسات القضاء الأميركي إلا وفق أدلّة موثّقة ومسار عدليّ دقيق. لكن الظاهر أن أبواب التسويات مفتوحة عشية الإنتخابات الرئاسية في لبنان والمهم أن تكون الفدية تستحق!
تصريح عون الذي لم يلق حتى اللحظة ردودا من الجانبين الإسرائيلي والأميركي قابله صمت من جهة حزب الله أقله في العلن. ويبقى، تضيف المصادر، أن يخرج بموقف ما في مجلس الوزراء أو مجلس النواب، فإذا استمر على صمته وأيد موقف الرئيس عون هذا يعني أنه شريك في الصفقة. أما الرئيس بري فلم يعد خافيا أنه يغطي القرار بعدما صدر عن مستشاره الإعلامي علي حمدان بأنه سيقبل بقرار الرئيس عون إذا ما وافقت الحكومة على اعتماد الخط 23. وبذلك يكون ضرب مسألة ترسيم الحدود البحرية وفق الحقوق الدولية عرض الحائط .
"بدكن الخط 23 صحتين لكن تأكدوا أنكم لن تحصلوا عليه لأن إسرائيل التي حصلت على كل شيء بالمجان ستفاوض حتى على الخط 23 بعد اليوم وقد لا ينال لبنان حتى حقه من خط هوف" الكلام لمصدر مواكب عن كثب لمسار مفاوضات الترسيم ، يرتكز على قانونية العمل الذي قام به الوفد العسكري اللبناني ويضيف: "ما يحدث اليوم ينبئ بخطيئةٍ ثالثةٍ قيد التشكّل. ففي وقت مُرِّر المرسوم 6433 في تشرين الأوّل 2011 مع تجاهل معطياتٍ موجودة لم توضع على طاولة مجلس الوزراء آنذاك كانت لتغّير مجرى الملفّ، تجري تنازلات اليوم أمام أعين اللبنانيين جهاراً نهاراً. وقد أكّدت نتائج دراسة العقيد الركن البحري مازن بصبوص تطابقها مع دراسة أعدها الخبير نجيب مسيحي ودراسات المعهد الهيدروغرافي البريطاني. إذا بالعدل والقانون المفاوضات في ترسيم الحدود البحرية تجري على الخط 29 و"ليس على الخط 23 الهجين الذي كلفنا خسارة كل عناصر القوة وبالمجان. وإذا كان الجانب اللبناني يظن أنه سيحصل على الخط 23 فهو واهم جدا لأن إسرائيل لن تتنازل عنه بالسهولة ولن تسمح بالتنقيب في بلوكات 8و9و10".
بالتوازي شكل كلام قائد الجيش جوزف عون مفاجأة لدى البعض عندما صرح بأن الجيش قام بدوره كاملا والباقي يتوقف على السلطة السياسية. وتعليقا توضح المصادر المواكبة أن الجيش يلتزم بقرار السلطة السياسية شرط أن تكون حريصة على مصلحة البلاد. هذا في المبدأ أما في النوايا، فتشير الى أن "الخطة كانت تهدف إلى توريط الجيش في موضوع ترسيم الحدود البحرية إلا أن قائده قلب المعادلة حتى لا يتهم لاحقا بأنه كانت له اليد الطولى في صفقة البيع. فكان تصريحه الذي أكد فيه أمام الرأي العام اللبناني والدولي أن الجيش قام بواجبه وفق القانون والقرار بات بيد السلطة السياسية. الجيش هو الذي يحافظ على الحق 100 في المئة.
" الصفقة تمت والأمل بالتنقيب عن النفط تبخر من أجل حفنة حسابات ومصالح سياسية وأمل بشطب العقوبات... لكنهم واهمون كما الأمل بالحصول على الخط 23 والمساحات البحرية التي باعوها بالرخص!". وتختم المصادر "ما كتب قد كتب والعودة إلى الخط 29 باتت وراءنا حتى.... وصول رئيس جديد إلى بعبدا".