Feb 22, 2018 6:27 PM
أخبار محلية

عون مختتما زيارته لارمينيا : عدم الاعتراف بمجازر الماضي والمحاسبة عليها شجعا على ارتكاب مجازر الحاضر

رأى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ان "الفكر الالغائي الذي عم المشرق اوائل القرن الماضي، عاد ليظهر من جديد خلال السنوات الأخيرة، حاصدا مئات الاف الضحايا. ومن المؤكد أن عدم الاعتراف بمجازر الماضي وعدم المحاسبة عليها، شجعا على ارتكاب مجازر الحاضر".

ولفت الى ان "ما يجمع الشعبين الارمني واللبناني كبير وجذوره عميقة في تاريخنا. فالأرمن في لبنان ليسوا جالية، هم جزء لا يتجزأ من الشعب اللبناني، اندمجوا فيه، وأثروا إيجابا في اقتصاده وسياسته وثقافته، وحملوا هويته مع احتفاظهم بتقاليدهم وثقافتهم. ومزيج الثقافات هذا، هو دائما مصدر غنى للمجتمع اللبناني الذي يتميز بتعدديته وبكونه أرض لقاء لمختلف الطوائف ومساحة حوار يحتاج العالم لمثيلها اليوم".
من جهته، رأى الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان، "انها ليست صدفة أن مصير الشعبين اللبناني والارمني متشابك بنسيج تاريخ مشترك، وصعوبات تغلبنا عليها معا بإلفة روحية - ثقافية"، وقال: "هذا يجعلني أفتخر بأن ابناء أمتي تمكنوا من اثبات وجودهم بشكل جيد كمواطنين لبنانيين جديرين".

ولفت الى أن "الجالية الأرمنية في لبنان ليست حلقة وصل متينة في علاقاتنا الثنائية فحسب، بل هي بمثابة النبض الروحي والثقافي والتعليمي للأرمن في جميع أنحاء العالم"، معربا عن امتنانه "للبنان الشقيق لوقفته بجانبنا في اللحظات المأساوية من تاريخنا واحتضان ابناء الأمة الارمنية الذين نجوا من الإبادة الجماعية".

كلام الرئيسين عون وسركيسيان، جاء في خلال حفل العشاء الرسمي الذي اقامه الرئيس الأرميني على شرف رئيس الجمهورية والوفد المرافق، في حضور رئيسي مجلسي النواب والوزراء في أرمينيا وكبار اركان الدولة وعدد من سفراء الدول.

الرئيس الارميني
وفي مستهل العشاء، القى الرئيس سركيسيان كلمة، فقال: "فخامة الرئيس، سيداتي وسادتي، إنه لشرف كبير وسعادة عظمى ان أستضيف فخامتكم واعضاء الوفد المرافق لكم في ربوع أرمينيا. فالعلاقات بين أرمينيا ولبنان لا تنحصر بالمجال العملي فقط، وإنما هي اكثر شمولا وتتسم بروح الصداقة الحميمة. ليست من الصدفة أن مصير شعبينا متشابك بنسيج تاريخ مشترك وصعوبات تغلبنا عليها معا وألفة روحية - ثقافية".

ولفت الى أن "أواصر الصداقة الأرمنية - اللبنانية تمتد بين أنطلياس وبرج حمود وعنجر، لتصل إلى قلب العاصمة يريفان، حيث شارع بيروت وبمحاذاته تمثال الكاتب والفيلسوف والفنان اللبناني الشهير جبران خليل جبران. وفي هذه الفسيفساء تنجلي الجالية الارمنية الكبيرة في لبنان التي تحيا بسلام وإبداع، ومع دوام الوفاء للبنان، ومحبة أرمينيا".

اضاف: "حين يسير المرء في شوارع بيروت، يلمس الروح الأرمينية المنثورة في كل مكان. إن هذا يجعلني أفتخر بأن ابناء أمتي تمكنوا من اثبات وجودهم بشكل جيد كمواطنين لبنانيين جديرين، يساهمون في شتى مجالات الحياة الاجتماعية لاجل تنمية لبنان وازدهاره. كما أنني أقدر عاليا الشعب اللبناني والسلطات اللبنانية لاتاحة الفرصة أمام الجالية الأرمنية للتعبير عن أنفسهم. ويعود بالفضل أيضا، أن اليوم الجالية الأرمنية في لبنان ليست حلقة وصل متينة في علاقاتنا الثنائية فحسب، بل هي بمثابة النبض الروحي والثقافي والتعليمي للأرمن في جميع أنحاء العالم. ولعل أفضل مثال على ذلك وجود المؤسسات التعليمية والروحية والثقافية العديدة في لبنان، وأخيرا، مؤسسة التعليم العالي الوحيدة في الشتات الأرمني جامعة هيكازيان، التي يواصل طلابها مساهمتهم في حيوية الجاليات الأرمنية في المنطقة والعالم أجمع".

وتابع: "وبعد الإشارة إلى ما ذكر، أود أن أعرب مجددا عن خالص امتناني للبنان الشقيق لوقفته بجانبنا في اللحظات المأساوية من تاريخنا واحتضان ابناء الأمة الارمنية الذين نجوا من الإبادة الجماعية. اليوم وللأسف لا يزال الشرق الأوسط يعيش مآسي جديدة تؤكد مجددا أن العقلية المسيطرة في سنوات الإبادة الجماعية للأرمن لا تزال مستمرة في القرن الحادي والعشرين، وأن كفاحنا في سبيل منعها لم ينته بعد. وبهذا الصدد أود التأكيد وبشكل خاص استعداد أرمينيا دعم لبنان، واعرب عن أملي في أن الشعب اللبناني القدير ذي الحكمة والقيم الوطنية سيواجه بكرامة وتلاحم فريد جميع التحديات".

واردف: "استنادا لهذه الأسس الصلبة، ومنذ استقلال جمهورية أرمينيا، اتخذت العلاقات الحكومية الأرمنية - اللبنانية مسارا مستطابا دون على صفحات تاريخ بلدينا أواصر الصداقة والتعاون. واليوم، حقيقة، يمكننا أن نثبت أنه بفضل جهودنا المتبادلة، تمكنا من زيادة إثراء وتقوية الروابط بين بلدينا وشعبينا، مما يعطيها طبيعة أعمق وأكثر موضوعية. وأخص بذلك الإنجازات في المجالات السياسية والبرلمانية والتجارية -الاقتصادية والعلمية والتعليمية والثقافية. وإنني واثق أن المسائل التي ناقشناها والاتفاقات التي توصلنا إليها في هذه الأيام ستتحقق في المستقبل القريب، وتثري مجددا جدول أعمال التعاون المتبادل الأرمني - اللبناني المتعدد الأوجه".

وقال: "أعزائي الحضور، الحكمة العربية المعروفة تقول أن الصديق الحقيقي هو روح واحدة في جسدين. وأعتقد أن هذا أفضل ما تتميز به العلاقات الأرمنية - اللبنانية، حيث لا توجد قضايا غير قابلة للحل، وأن التفاهم المتبادل بين الجانبين يخدم على أفضل وجه الرفاه والتنمية المستدامة للشعبين. واسمحوا لي بأن أرفع الكأس لنشرب نخب فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، ومن أجل خلود الصداقة الأرمنية - اللبنانية، ومن أجل سلام وازدهار مستقبل منطقتنا. عاش لبنان وعاشت الصداقة الأرمنية - اللبنانية، وشكرا".

رئيس الجمهورية
ثم رد الرئيس عون بكلمة شكر، وقال: "فخامة الرئيس، ايها الحضور الكرام. هي زيارتي الأولى لدولة أرمينيا، وإن كانت زيارة سياسية رسمية، إلا أنها تحمل طابعا خاصا ومميزا؛ فهذه الأرض المثقلة تاريخيا بالإيمان والشهادة، لا يمكن أن يكون المرور فيها عابرا وتقليديا. لقد اخترنا معلمين يشهدان على هذا التاريخ، زرناهما بالأمس، الأول كاتدرائية إتشميادزين، أقدم الكنائس في العالم، حيث يستشعر المرء في رهبة جدرانها وخشعة روحها صلابة إيمان، جعلت الشعب الأرمني سباقا بين الشعوب والأمم في الإعلان رسميا عن هويته وإيمانه في القرون الأولى، مع ما يحتاج ذلك من شجاعة وتضحية وسط الاضطهاد الروماني الذي كان في ذروته آنذاك".

اضاف: "المعلم الثاني كان النصب التذكاري لشهداء الإبادة الأرمنية، هناك حيث تتسارع نبضات القلب أمام الشعلة التي لا تنطفئ، وأمام الصور القاسية لأطفال ونساء ورجال، تسطر ملاحم بطولة وتخبر عن عذابات شعب وجرح أمة. تلك المشاهد الموجعة تفضح فكرا إلغائيا عم مشرقنا أوائل القرن الماضي، رأى في الآخر المختلف عدوا يجب قتله وتدمير ثقافته وحضارته، فارتكب أبشع المجازر وخلف ملايين الشهداء، وكان شعبانا من ضحاياه، الشعب الأرمني قتل بالسيف والشعب اللبناني قتل بالجوع، وللأسف فإن هذا الفكر عاد ليظهر من جديد خلال السنوات الأخيرة، حاصدا مئات الاف الضحايا. ومن المؤكد أن عدم الاعتراف بمجازر الماضي وعدم المحاسبة عليها، شجعا على ارتكاب مجازر الحاضر".

ولفت الى أن "ما يجمع شعبينا كبير وجذوره عميقة في تاريخنا، فالأرمن في لبنان ليسوا جالية، هم جزء لا يتجزأ من الشعب اللبناني، اندمجوا فيه وأثروا إيجابا في اقتصاده وسياسته وثقافته، وحملوا هويته مع احتفاظهم بتقاليدهم وثقافتهم. ومزيج الثقافات هذا هو دائما مصدر غنى للمجتمع اللبناني الذي يتميز بتعدديته وبكونه أرض لقاء لمختلف الطوائف ومساحة حوار يحتاج العالم لمثيلها اليوم".

وتابع: "فخامة الرئيس، أشكر لكم حفاوة استقبالكم وأشكر كل من عمل لإنجاح هذه الزيارة، وأرفع الكأس لنشرب نخب بلدينا وشعبينا ونخب السلام الحقيقي الذي يقوم على قبول الآخر واحترام وجوده وحقه في حياة حرة وكريمة".

وبعد انتهاء العشاء، صافح رئيس الجمهورية مضيفه مودعا، شاكرا له "حسن الضيافة والحفاوة التي لقيها والوفد المرافق في خلال زيارته الرسمية الى ارمينيا"، ثم توجه الى مطار "Zvartnots" في يريفان، حيث قدمت له التشريفات الرسمية، واقلعت الطائرة الرئاسية بعدها الى بيروت.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o