Jan 30, 2019 8:06 AM
مقالات

لائحة "الإرهاب" الخاصة بالنظام السوري بلا استجابة

لم يؤدّ خفض مستوى «التمثيل» في القمة الاقتصادية العربية التي استضافها لبنان إلى استرضاء النظام في سوريا كتعويض لغيابها، وكان يفضّل، كما تقول مصادر سياسية مناوئة له في بيروت، أن لا تنعقد القمة ليكون في مقدوره توجيه رسالة إلى الخارج بأن انسحاب جيشه من لبنان إثر اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في شباط 2005 لم ينتزع منه القدرة على إدارة الشأن السياسي في لبنان من دمشق.
وتذكر هذه المصادر أن النظام السوري ازداد غضبه بسبب عدم ترحيل انعقاد القمة الاقتصادية إلى موعد آخر يتلازم مع رفع الحظر عن عودته إلى جامعة الدول العربية، وإلا لماذا لجأ أخيراً إلى إصدار مذكرات «تأديبية» شملت أبرز خصومه في لبنان، إذ أدرج النظام الرئيس سعد الحريري ورئيسي حزبي «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط و«القوات اللبنانية» سمير جعجع على لائحة الإرهاب ومن ثم ألحقها بملحق آخر في وضعه «تيار المستقبل» وشركة «ألفا» على هذه اللائحة.
ومع أن هذه المذكرات تبقى بلا قيمة لأن من أصدرها - بحسب المصادر - يعرف قبل غيره أن الكثير من رموزه هم الآن على خانة الملاحقة الدولية، وبالتالي فإن مثل هذه التدابير «التأديبية» لن تبدّل في ميزان القوى في المعادلة الداخلية اللبنانية، لا بل تشكّل عائقاً أمام محاولات إعادة تطبيع العلاقات اللبنانية - السورية التي يُفترض أن تشكّل نقاط خلاف في البيان الوزاري في الحكومة العتيدة، إذا تبدّلت الأجواء في الأيام المقبلة لمصلحة تسهيل ولادتها.
كما أن من شأن هذه المذكّرات أن تُضعف حلفاء سوريا في لبنان ومعهم الرئيس ميشال عون وقيادة «التيار الوطني الحر» في تقديمهم للأسباب الموجبة التي يترتّب عليها إعادة تطبيع العلاقات اللبنانية - السورية، خصوصاً أنها تشمل قيادات سياسية رئيسية في البلد يُفترض أن تكون حاضرة في هذه الحكومة.
وتستبعد المصادر أن يمتلك هذا الفريق أو ذاك من حلفاء سوريا الجرأة في الدفاع عن تطبيع العلاقات بين البلدين استكمالاً لتبادل السفراء بينهما وإقامة علاقات دبلوماسية، وتعزو السبب إلى إحداث انقسام داخل الحكومة يتجاوز العادي منه إلى الميثاقية. كما ترى أن المسلك الوحيد للدخول في تطبيع العلاقات يكمن في تشكيل حكومة من لون واحد، أي في خروج جميع هؤلاء «المطلوبين» من الحكومة، وهذا أمر ينعكس سلباً على الحكم والسلطة التنفيذية معاً لأن هناك استحالة في إقحام البلد في «مغامرة» لاسترضاء النظام في سوريا.
لذلك تبقى جميع الإحالات على لائحة «الإرهاب» الخاصة بالنظام في سوريا بلا استجابة أولاً وستعيق الانتقال بلبنان من إقامة علاقات دبلوماسية إلى تطبيع العلاقات الثنائية، إضافة إلى أنها ليست أكثر من «ثأر» سياسي غير قابل للتنفيذ لا محلياً ولا خارجياً، لأن «الإنتربول» ليس في وارد تسلُّم إحالات سترتد على من أحالها، ولن تكون لها أي مفاعيل سوى أنها «بهورة» سياسية عبر أوراق إحالات بلا حبر سياسي، معترف به دولياً وعربياً.
وعليه فإن هذه الإحالات لن تقدّم أو تؤخّر في مسار المعادلة السياسية في لبنان وإن كان بعض حلفاء النظام السوري يسعى إلى توظيفها في الحصار الذي تفرضه دمشق على من يعادلها سياسيا.

"الشرق الاوسط"

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o