Jan 18, 2019 3:09 PM
أخبار محلية

جلسـة مغلقة للجنة الوزارية المعنيّة بالمتابعة والإعـداد للقمـة العربيـة
باسيل يرأس اجتماع وزراء الخارجية والاقتصاد والمال العرب في "فينيسيا":
إن لم نستلحق سرعة التطوّر والمعرفة فسيسهل اختراق التطرّف مجتمعاتنا

المركزية- انعقد اجتماع وزراء الخارجية والوزراء المعنيين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي بعد ظهر اليوم في فندق "فينيسيا" – بيروت، لمناقشة جدول أعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية بدورتها الرابعة المرتقب عقدها الأحد 20 الجاري فيSeaside Arena  واجهة بيروت البحرية.

بدايةً، ألقى وزير الدولة لشؤون الدول الإفريقية في المملكة العربية والسعودية أحمد بن عبد العزيز القطان كلمة قال فيها "تابعنا تنفيذ القرارات السابقة في القمم التنموية السابقة وحققنا العديد من الإنجازات"، شاكراً للدولة اللبنانية استضافة القمة، وقال: أشكر لبنان والدول العربية كافة لما وجدناه من تعاون لتنفيذ مقررات قمة الرياض.

ثم دعا وزير خارجية لبنان إلى تسلم رئاسة الدورة الحالية للمجلس، متمنياً له التوفيق.

باسيل: وبعدما تسلّم باسيل رئاسة الدورة، ألقى كلمة دعا فيها العرب "إلى احتضان لبنان"، وقال: احتضنوه ولا تتركوه، فهو لم يطعن يوماً أحداً منكم ولم يعتدِ يوماً على أي مواطن عربي، بل كان ملجأً وحامياً وحافظاً لشعوبكم ومعمّراً لبلدانكم، ومستوعباً لتنوّع حضاراتكم وثقافاتكم ويبقى دوماً واحة المحبة لكم والضيافة بكم والتهليل لكم ولقدومكم.

وتابع: الشكر للمملكة العربية السعودية على ترؤسها القمة السابقة وجهودها؛ والشكر لكلّ دولة حضرت على اي مستوى كان بالرغم من الظروف السيئة المحيطة بمنطقتنا وببلدنا ونحن مسؤولون عن جزءٍ منها؛ والأسف منا لأي دولةٍ لم تحضر لأننا كعرب لا نعرف ان نحافظ على بعضنا بل نحترف إبعاد بعضنا وإضعاف أنفسنا بخسارة بعضنا. الشكر لكم جميعاً لأنكم هنا ما زلتم تؤمنون بلبنان وبالجامعة العربية بالرغم من الفشل الذي يصيبنا. فلنجعل من حضورنا واجتماعنا مناسبةً لاستنهاض انفسنا ولإعطاء رسالة أمل في قدرتنا على الحياة والنهوض في مقابل محاولات انهائنا ومحو هويّتَنا وحضارتَنا وتنوّعَنا.

أضاف: ما أحوجنا اليوم إلى استفاقة سياسية اقتصادية تنمويّة تنشلنا من سُباتنا وترفعُ من قيمةِ الانسان العربي لتعيد له ثقته بذاته وترتقي بحياته إلى مستويات يستحقها، لأن لا هدف يعلو على الانسان، ولا شيء أغلى من حياة وعزةِ اهلنا ومواطنينا.

وقال: نحن نواجه تحديات كبيرة تبدأ من الحروب (في سوريا واليمن والعراق وليبيا)، وسوء التغذية (في الصومال والسودان)، والفقر في معظم بلداننا بالرغم من غناها، والجهل للحياة العصرية بالرغم من عِلمنا، اضافة الى التعصب والتطرّف والارهاب، ناهيك عن تعنيف المرأة وعدم منحها حقوقها الاساسية، وتعنيف الطفل الذي ما زلنا لا نفقه بكامل حقوقه. مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية كثيرة ونحن مسؤولون عن تعاظمِها، لأنه بدَل تكاتُفِنا لحلّها ترانا نختلف اكثرَ لتكبرَ اكثرَ، وبدلَ التضامن لنخفِّفَ آثارها ترانا نشنّ الحروب على بعضنا ليشتدّ بؤسَها. والنتيجة هي ضربُ انسانِنا، اغلى ما عنّا؛ تهجيرٌ ونزوحٌ ولجوءٌ للملايين من ناسِنا، فنراها هائمة، ضائعة ومشرّدة في اصقاع الارض، كمن أخذ حفنة من تراب الارض (وهي من ذهب) ونثرها فوق الارض. هذا ما اصاب السوري (واليمني) واللبناني والفلسطيني والعراقي (والليبي) وغيره، يقفز على أوّل قارب نجاةٍ، او موتٍ، يبحر فيه في مغامرةٍ اسوأُ ما فيها هوَ أفضلُ من واقعِ حياته. وها هو اللبناني رائدٌ في الهجرة، حوّلَها الى قصة نجاح ليعيل من بقيَ من اهلِه، فلَحِقنا بمن بقى وزِدنا على بؤسِه بؤس اللاجئ الفلسطيني والنازح السوري ليزيد بؤسَهم جميعاً.

وتابع باسيل: حصل هذا في ظل الاحتلال والاستعباد، فهل يجوز ان يحصل ايضاً في ظل الاستقلال والحكم الوطني، وايّ حكم وطني هذا الذي يفضّل الاجنبي على الوطني ويُبدّي الغريب على القريب ويهجّر شعبه ليستبدلَه بآخر؟ نعم، لقد فشلنا في تحقيق ما تصبو اليه شعوبنا، او اقلّه في ابقائها في اوطانها، او على الاقلّ في اعادتها اليها، وما زلنا لا نُبدي (نظّهر) الحسَّ مع بعضِنا ولا التضامنَ في حلِّ مشكلةٍ او مشاكلَ سبّبها بعضُنا لبعضِنا الآخر، من   دون ان يحملَ هذا البعض هَمَّ التفكيرِ حتّى بحلِّها، بل يكتفي بكلامٍ جميلٍ غيرَ مصحوبٍ بعملٍ جميل. لم نحترم تجاه بعضِنا مبدأ تقاسم الاعباء ولا حتّى فكرة تقاسم الهموم، بل رَمَينا مشاكلَنا على بعضِنا، بل اكثر، رَمينا مشاكِلَنا على شعوبِنا في الداخل وحرمناهم من نِعَمِنا اعطيناه موارِدنا ومالَنا في مقابل تسليح لنقتل بعضَنا بدل َحمايةِ اوطاننا في وجهِ عدوّنا.

وقال: لست هنا لإلقاء اللوم على بعضِنا، بل للتأّمل سوياً والتساؤل: ألم يَحِن الوقت بعد لصحوةِ ضمير، لاستفاقةِ مشاعر، ولإحياء روح التضامن؟من  دون ان أُغفل من اعطى واكرم وساعد وضحّى وبذل حتّى دماً في سبيل اخيه. واذا كان لا سبيل بعد لهذه الصحوة السياسية ان تحصل على مستوى ما وصلنا اليه وكيفية الخروج منه، ألا يجدر بنا ان نضع معاً خططاً مستقبلية، ولو نظريّة لتخفّف من ازماتنا، وترفع من مستوى حياتنا وتفتح الفرص أمام شبابنا؟ إذا سبّبنا الحروب لبعضنا، ألم يحن وقت اطفائها؟ ألا يجب ان نفكّر في العمران بدل الخراب؟ وهل يجوز ان نجازي ونعاقب من يفكّر في إعادة الإعمار بدل ان نشجّعه ونساعده؟ وهل يجوز ان نقبلَ بأن دولةً تختارُ من منّا يُسمح له بالازدهار، ومن لا ينصاع تُفرض عليه العقوبات لينهار؟ هكذا نصبح جميعاً، دولاً ومسؤولين، في قفص الاتهام وحجرة الاستعباد مع "وقف الاستعباد".

أضاف: لا مستقبلَ من دون تنمية ولا أُفقَ من دون تطوّرٍ؛ فالحياة تمضي بسرعة، وإن لم نستلحق انفسنا بسرعة قطار التطوّر والمعرفة، فسنخسر ما تبقّى لدينا، وسيسهل أكثر اختراق مجتمعاتنا من قبل التطرّف والإرهاب، من قبل العدو الاحادي المتماهي معه والمتربّص بنا، ولن يكون لنا حتماً ربيع عربي بل شتاء غربي وسيستمّر قاسياً. تعالوا معاً نضع رؤية اقتصادية عربية موحّدة، مبنية على مبدأ سياسي بعدم الاعتداء على بعضنا وعدم التدخّل بشؤونِ بعضِنا، هذا ان لم نُرد الدفاع عن بعضنا او صدّ عدوّنا المفترض ان يكون مشتركاً؛ مبدأ سياسي ضروري لكي نؤمّن الاستقرار السياسي اساس الازدهار الاقتصادي. كذلك نبني هذه الرؤية ايضاً على مبدأ ثقافي حضاري اجتماعي قائم على احترام اختلافنا وتقبّل تنوّعنا لنحفظ حقوقَ بعضِنا في الدين والفكر. مبدأ ثقافي ضروري لكي نؤمّن الحصانة التعدّدية في وجه التطرّف والاحاديّة.

وتابع: هكذا نضع المخططات الاقتصادية والعمرانية على اساس عربي موحّد، من دون ان نعتبر ان تكتلات بعضٍ منّا إلاّ قوّة لكلِّنا وحافز لنا بدل ان نرى فيها اصطفافاً او إضعافاً لبعضنا. وانا في ذلك لا اخفي توجّهاً (لديّ) إلى خلق مساحة اقتصادية مشرقية مشتركة تضم هذا الجزء من منطقتنا العربية، نجلب الازدهار لها من خلال اعادة اعمار سوريا والعراق واعادة النهوض بلبنان، وتقدّم الاردن ومصر وبناء فلسطين.

وقال باسيل: كم جميلٌ مثلاً ان نخرجَ على شعوبنا، بسكّة حديد تربط بلداننا، بخط غازٍ يأخذ غاز لبنان الى العراق ونفط العراق الى لبنان، وبربط كهربائي منجز غير مقطّع، وبمرافئ تجعل المتوسط على حدود العراق والبحر الأحمر على حدود سوريا، وبسدودٍ من لبنان تغذّي الاردن وبمعامل من الاردن تغذّي لبنان، وباتفاقات تجارةٍ تفاضلية تلغي جشعنا على بعضنا وتفتح التكامل بيننا بعدما تفتح الحدود من دون حصار أو رسوم.

- كم جميل ايضاً ان نخرج بخطّة اعادة النازحين واللاجئين الى ارضهم، بمعزل عن رغبة من هجّرهم، لأن من هجَّرَهم يريد ابقاءَهم، أما نحن المستقبلين لهم، نريد عودتهم الكريمة ولا احد يمكن ان يمنعنا من ذلك اذا جعلناها كريمةً لهم، ومفيدة  لاقتصاد بلدانهم.

- كم جميل اكثر لو نفتح الانتماء بين بلدانِنا لنحوّلَ نقمةَ المذهبية المهيمنة على بلدانِنا الى نعمة المواطنة لمشرقنا، بحضارته وتعدّديته.

أضاف: هذا كلّه لا يمكن ان يكون ان تركنا فجواتٍ في داخلنا، وسوريا هي الفجوة الاكبر اليوم في مؤتمرنا، ونشعر بثقل فراغها بدل ان نشعر بخفّة وجودها. سوريا يجب ان تعود الينا لنوقف الخسارةَ عن انفسِنا، قبل ان نوقفها عنها. سوريا يجب ان تكون في حضننا بدل ان نرميها في احضان الارهاب، من دون ان ننتظر إذناً او سماحاً بعودتها، كي لا نسجّل على انفسنا عاراً تاريخياً بتعليق عضويتها بأمرٍ خارجي وبإعادتها بإذنٍ خارجي،  وكي لا نضطر لاحقاً الى الاذن لمحاربة ارهاب او لمواجهة عدو او للحفاظ على استقلال، وكي لا نسأل ماذا يبقى من عروبتنا إن كنّا هكذا؟ وكي لا اسألكم انا اليوم ما معنى جامعتنا واين الجمع ان نجحت فقط في الاقصاء والمقاطعة والخفض بدل التعزيز والتعليق، وكي لا يسألنا اولادنا غداً لماذا حافظتم على هذه الجامعة ان كانت للتفرقة؟

وختم باسيل: يبقى أن لبنان مهم، أخفق او أخطأ، يبقى هذا البلد الصغير الكبير، أخاً صغيراً لكم ورسالةً كبيرةً لكم. احتضنوه ولا تتركوه، فهو لم يطعن يوماً احداً منكم ولم يعتد يوماً على اي مواطن عربي، بل كان ملجأً وحامياً وحافظاً لشعوبكم ومعمّراً لبلدانكم، ومستوعباً لتنوّع حضاراتكم وثقافاتكم ويبقى دوماً واحة المحبة لكم والضيافة بكم والتهليل لكم ولقدومكم. أحضنوه ولا تتركوه فهو منكم ولكم ولن يكون يوماً إلا خيراً لكم.

أبو الغيط: ثم ألقى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط كلمة أشار فيها إلى أن "التحديات الهائلة التي تواجه المنطقة تفرض علينا بلورة رؤى جديدة والخروج بأفكار لا تكتفي بمخاطبة الحاضر بل تنصبّ على المستقبل وتطوراته المتسارعة".

وقال إن "التكامل الاقتصادي وتنسيق السياسات في شتى نواحي التنمية، أصبح ضرورة لا ترفاً"، ورأى أن "تطلعات الشعوب العربية نحو مستقبل أفضل تحمل فرصاً أوسع ومعدلات تنمية أسرع تنعكس على الإنسان، تقتضي منا جميعاً العمل بروح المسؤولية من أجل أن تكون هذه القمة خطوة نوعية على طريق التنمية العربية".

وختاماً، تحوّلت الجلسة إلى مغلقة لعرض مشروع جدول الأعمال ومناقشته ومراجعة مسودة "إعلان بيروت".

افتتاح القمة: وكانت افتُتحت أعمال القمة في التاسعة صباحاً باجتماع مغلق للجنة الوزارية المعنيّة بالمتابعة والإعداد للقمة في فندق "فينيسيا" - بيروت، ناقشت عدداً من المواضيع ومنها: دعم السوق العربية المشتركة للكهرباء، مشروع السكك العربية التي تربط الدول العربية والتي تضمن حرية التنقّل والتبادل التجاري، دعم البلدان المضيفة للنازحين.

وشارك في الاجتماع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال رائد خوري الذي تمكّن خلال الاجتماع من الإبقاء على بند النزوح السوري قائلاً للمعترضين "يلّي بياكل العصي مش متل يلّي بعدّن".

وبدأت الجلسة التي حضرها أيضاً مندوبو الدول المشاركة، بكلمات أثنت على التنظيم اللبناني للقمة الرابعة.

وأكد خوري في خلال الاجتماع، أن "الاقتصاد هو مَن يحرّك الشؤون السياسية في العالم، فعلينا بذل مزيد من الجهود لتحسين الأوضاع الاقتصادية والتنموية".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o