Dec 12, 2018 4:49 PM
اقتصاد

"منتدى رجال الأعمال والاستثمار اللبناني– البريطاني" جرعة دعم لـ"سيدر"
الحريــــري: نلتــــزم بشـــدة إصلاحـــات المؤتــــمر
بيني: ما زالت الحاجة إلى قرارات صعبة لتحسين الاقتصاد وأوضاع الناس
باسيل: للانخراط في تأمين العودة الآمنــه والتدريجيــة للســوري

المركزية- "ليس لديّ شك في أن مستقبل لبنان مشرق. والواقع أن بلدي يمرّ بتأهيل كبير للبنى التحتية والاقتصاد وأنا أدعوكم لتكونوا جزءًا من هذه العملية" الدعوة وجّهها رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري إلى رجال الأعمال البريطانيين في "منتدى رجال الأعمال والاستثمار اللبناني– البريطاني" الذي عُقد في لندن، حيث لفت إلى أن "المنطقة تتّجه نحو مرحلة من الأمن والاستقرار بالرغم من كل الاضطرابات المستمرة، ونحن جميعاً بحاجة إلى الاستعداد لهذه المرحلة للاستفادة من الفرص الاستثمارية والتجارية التي تنتظرنا على صعيد إعادة الإعمار"، وأعلن أن "التأخير في تشكيل الحكومة لم يوقف تقدّمنا في تطبيق مشاريع وإصلاحات "سيدر" منذ انعقاد المؤتمر، وقد أعدنا النظر في بعض القطاعات والمشاريع لتسريع تخطيط وتنفيذ المشاريع، كما أننا نحافظ على حوار منتظم مع بنوك التنمية المتعدّدة الأطراف لمواءمة التمويل مع مشاريع برنامج الإنفاق الاستثماري، كذلك صادق البرلمان اللبناني على تشريعات مهمة تتعلق ببعض الإصلاحات المطلوبة".

وقائع المؤتمر: وكان "منتدى رجال الأعمال والاستثمار اللبناني – البريطاني" افتتح أعماله اليوم في لندن، بمشاركة الرئيس الحريري، والوزراء في حكومة تصريف الأعمال غطاس خوري وجبران باسيل ورائد خوري وسيزار أبي خليل، وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية والكومنويلث ووزير الدولة للتنمية الدولية اليستر بيرد، ووزير الدولة للسياسات التجارية في قسم التجارة الدولية جورج هولينيغبيري، ورئيس لجنة المال النيابية ابراهيم كنعان، والنائبين ياسين جابر وميشال معوّض، والنائب السابق باسم السبع، والسفير اللبناني في بريطانيا رامي مرتضى، وسفير بريطانيا في لبنان كريس رامبلينغ، والموفد الفرنسي المكلف متابعة آلية مؤتمر "سيدر" السفير بيار دوكان، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر، ورئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير، ورئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد، ورئيس بلدية بيروت جمال عيتاني، وحشد كبير من رجال المال والأعمال والاقتصاديين والمستثمرين من البلدين، وممثلين عن المؤسسات المالية الدولية.

مرتضى: وبدأ المنتدى بكلمة للسفير مرتضى تطرق فيها إلى "العلاقات التي تجمع البلدين وأهمية انعقاد هذا المنتدى الذي يجدّد الأيمان برؤية لبنان المنفتح على العالم وما يتمتع به من دينامية إيجابية على الرغم من كل الأحداث المحيطة به لأنه بلد ملتزم القيام بما يجب لإعادة النهوض من جديد". وأشار إلى أن السفارة هي في صدد الإعداد للقاءات أخرى مماثلة لطرح كل المشاريع التي يحتاج إليها لبنان الآن وخصوصاً تلك المدرجة في الخطة الاستثمارية التي عُرضت خلال مؤتمر "سيدر".

بيرت: بعد ذلك تحدث الوزير بيرت فرحّب بالرئيس الحريري في افتتاح اعمال المنتدى، مجدداً دعم بلاده للبنان "في مختلف المجالات واحترامها  الكامل لاستقلاله وسيادته، ودعمها له في ما يواجهه خصوصاً إزاء الوضع الشديد التعقيد في المنطقة"ن مشيداً بالقوات المسلحة اللبنانية "التي توفر الامن والاستقرار داخل أراضيه وعلى الحدود السورية للمرة الاولى في تاريخ لبنان، وهي قد تمكّنت في وقت سابق بفضل قدراتها، من دحر تنظيم داعش"، مجدداً التزام بلاده دعم هذه القوى.

 وقال "شهد الامن في لبنان تحسناً ملحوظاً خلال السنوات الماضية"، وإن بلاده رفعت الحظر عن زيارة مواطنيها إلى أماكن عدة في لبنان و"أصبح في إمكانهم جميعاً زيارة بعلبك والاطلاع على معالمها الأثرية الرائعة والتمتّع بالضيافة اللبنانية الاستثنائية، مثلاً ورؤية المعالم الأثرية فيها"، وشدد على أن فرص الاستثمار المتوفرة الآن في لبنان كثيرة ومتعددة، وتشمل مجالات متنوّعة، ما يشجع المستثمرين والقطاع الخاص البريطانيين على الاستفادة من الفرص المتاحة أمامهم والمشاركة في تنفيذ مشاريع "سيدر" التي توجب على لبنان الشروع في القيام بإصلاحات ضرورية مطلوبة ويحتّم تشكيل حكومة في أسرع وقت"، مثمناً في هذا الاطار الجهود التي يبذلها الرئيس الحريري، وقال: لبنان مركز مهم  للديموقراطية وبريطانيا تفخر بأن تكون شريكة له.

 بيني: ثم ألقى المفوّض التجاري للملكة في منطقة الشرق الأوسط سايمون بيني كلمة جاء فيها: "يسعدني أن أرحّب بكم جميعاً في لندن وفي افتتاح منتدى الأعمال والاستثمار الذي يُعتبر الأول من نوعه. بداية دعوني أرحّب بالرئيس سعد الحريري. وقال: إنه شرف عظيم أن تختاروا المملكة المتحدة لعقد هذا المنتدى. وأنا هنا ألقي كلمة هولينيغبيري الذي لم يتمكن من الحضور لاسباب تعرفونها جميعا. للأسف لم أستطع حضور العيد الوطني اللبناني، لذا اسمحوا لي سيدي رئيس الوزراء، أن أتوجه بالتهنئة الشخصية بالعيد الـ75 للاستقلال اللبناني الذي يُعَد معلماً كبيراً. وكما قال الوزير بيرت إن العلاقة بين بلدينا لم تكن أمتن من أي وقت مضى.

كان من دواعي سروري زيارة لبنان خلال الاسابيع الماضية، وقد بدا لي بشكل واضح ان هذا البلد يتمتع بدينامية وطموح عاليين وانه منفتح على مختلف انواع الاعمال ونحن نشجع المستشمرين في بلادنا على النظر إلى هذا الامر بشكل جدي. العلاقة التجارية بين المملكة المتحدة ولبنان هي جوهر هذه العلاقة. فالتجارة والاستثمار بين بلدينا هما أقوى من أي وقت مضى وتزداد متانة أكثر فأكثر. إذ في العام الماضي بلغ إجمالي الحجم التجاري بين بلدينا حوالي 600 مليون جنيه استرليني. وارتفع الاستثمار البريطاني المباشر في لبنان بنسبة 47% في العامين 2015 و2016.  

إن كونسورتيوم محطة حاويات بيروت، وهو مشروع مشترك بين "ميرسي دوكس" و"هاربور"، ساعد في جعل مرفأ بيروت المرفأ الأكثر ازدحاماً في منطقة شرق المتوسط. ويمكنكم رؤيته في مركز التكنولوجيا اللبناني-البريطاني وهو مبادرة مشتركة بين مصرف لبنان المركزي وحكومة المملكة المتحدة والذي دعم منذ انطلاقته في العام 2015 أكثر من 80 شركة ناشئة وساعدت في خلق 2000 فرصة عمل.هذه الفرص ما زالت تتدفق. ففي الشهر الماضي أطلقت مجموعة بورصة لندن برنامجها الجديد ELITE للأعمال اللبنانية برعاية هيئة الأسواق المالية اللبنانية. ويتمتع هذا البرنامج بسجل حافل من الأعمال التجارية من خلال عملية الإدراج المزدوج ومساعدتهم في الحصول على الاستثمار. وأنا أتطلع اليوم إلى رؤية تخرج أول مجموعة من الشركات. واليوم لدينا صفقة بقيمة 300 مليون دولار بين شركة "رولس رويس" وشركة "طيران الشرق الأوسط". اعتقد أن من الممكن أن تستمر هذه الفرص في التدفق وأن تتعزز تجارتنا. ولكن علينا جميعاً القيام بدورنا للتأكد من حدوث هذا الأمر. وكما قال الوزير بيرت ما زال هناك حاجة إلى اتخاذ قرارات صعبة لتحسين الاقتصاد والشعب اللبناني. ولحصول هذا الأمر هناك حاجة إلى وجود حكومة وأنا أرحّب بجهود رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لجعل هذا الأمر حقيقة واقعة.

إن الخطوات التي يقوم بها الرئيس المكلف، هي شهادة على الأهمية التي يوليها للتجارة ولمواجهة التحديات التي يواجهها لبنان في جذب الاستثمارات. إذا بنينا على هذا الأمر وحقق لبنان التزاماته بالإصلاح الاقتصادي، فإنني أعلم أن شركاتنا ستلاحظ ذلك. وسيثبت أن لبنان بلد يمكن الاستثمار فيه وهذا بدوره سيكون مدخلاً للوظائف والتجارة والنمو الاقتصادي. والخطوة الأخرى المهمة هي تكرار اتفاقية الشراكة الحالية بين الاتحاد الأوروبي ولبنان، لإعطاء الشركات البريطانية واللبنانية الثقة التي يحتاجون إليها لمواصلة الاستثمار ومزاولة الأعمال التجارية مع بعضهم البعض.

وكذلك نتطلع في المملكة المتحدة إلى مستقبلنا خارج الاتحاد الأوروبي، وأؤكد لكم جميعاً أننا سنبقى ملتزمين باستمرارية علاقاتنا التجارية. إن تكرار الاتفاقية سيجعلها حقيقة. مع القيام بكل هذه الخطوات، أعتقد أن التجارة بين بلدينا سيصبح أكثر متانة. كما قلت سابقاً، إن التجارة والاستثمار بيننا هو أقوى من أي وقت مضى. ولكن ما زال هناك العديد من الفرص المتاحة للشركات في بلدينا.

 ومن المثير رؤية لبنان ان يصبح بلداً منتجاً للنفط والغاز. وتتمتع المملكة المتحدة بخبرة كبيرة في مجال النفط البحري في بحر الشمال، وأنا متأكد أن هذه الفرص ستكون مهمة جداً لعدد من الشركات هنا اليوم. هناك فرص مثل الشراكة بين القطاعين الخاص والعام في قطاعيّ البنى التحتية والطاقة- خصوصاً من خلال برنامج رأس المال الاستثماري في بلدكم، ونحن بصفتنا رواداً في الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لدينا خبرة كبيرة في إمكاننا تقديمها في هذا المجال.

يشكّل لبنان فرصة كبيرة للشركات في المملكة المتحدة وبوابة للاستثمار في المنطقة . لذلك إن الإمكانات الحقيقية للفرص بين لبنان والمملكة المتحدة لم يتم استغلالها بعد. فلبنان مكان لفرص وإمكانات هائلة. هذا البلد يوفّر فرصاً تجارية رائعة في حدّ ذاته، وهو بوابة للاستثمار في جميع أنحاء المنطقة. الأعمال والحكومة والتجارة بحاجة إلى العمل عن كثب أكثر من أي وقت مضى لتأمين هذه الفرص. وأعرف أن العديد من شركاتنا لديها الاعتقاد نفسه. وأنا أتطلع قُدماً إلى ما يخبّئه المستقبل بالنسبة إلى العلاقات التجارية بين بلدينا مع كل الوعود بالازدهار والأمن والاستقرار.

باسيل: يدوره، تحدث الوزير باسيل فقال: هناك العديد من العوامل التي تربط بين بلدينا وهي التي شكلت المفتاح الاساسي في انعقاد هذا الموتمر الذي اشارك فيه قادماً من مراكش ، المدينة التي كانت الأعز إلى قلب السير وينستون تشرشل والتي أوحت له بإحدى أجمل لوحاته الـ"موامونيا". وبهذا المعني يمكن للبنان ان يكون المكان الاجمل ليعيش فيه آلاف من البريطانيين وان يكون الملهم لهم في العيش الكريم وادارة الاعمال :

 1- ان الشراكة بين لبنان وبريطانيا ترتكز على أساس متين من القيم المشتركة القائمة على التعددية الثقافية والانفتاح والديموقراطية التي تحقق الالتزام بريادة الاعمال وروح العمل الودّي.

2- لبنان بلد محبّ للسلام، تحمّل دائماً الحروب بالوكالة على أرضه، وكان دائماً معتدى عليه من قبل الآخرين ولكنه لم يكن أبداً المعتدي، وكان يحترم دائماً قرارات الأمم المتحدة ويلتزم بها بما فيها القرار 1071 في سعيه من أجل السلام والاستقرار. وهو طالما أكد على الحرية والامن لأبنائه وضيوفه على حساب اقتصاده  ومصالحه الاجتماعية.

3- للبنان أعلى رأس مال بشري للفرد، وللبنانيين قصص نجاح سواء كانوا مقيمين أو مغتربين. ويثبت مستوى المرونة الذي أظهروه، والقدرة على تحمّل الحروب والمصاعب ووجود أعلى عدد مسجّل للاجئين على الإطلاق في تاريخ البشرية، 200 لاجئ ومشرّد لكل كيلومتر مربع لديه، إن في إمكانهم مواجهة أي تحديات ولا يزالون ينجحون في تقديم الطاقة الإيجابية التي يمكن أن تشعر بها كلما كنت معهم.

أضاف: ظلّ لبنان لفتره طويلة مصدراً للأخبار السيّئة، ولكننا هنا اليوم، رئيس الوزراء وأنا، كي نحمل لكم رسالة إيجابيه جديده من الأمل والثقة ببلدنا منذ انتخاب الرئيس ميشال عون، وتشكيل الحكومة الحالية التي يقودها الرئيس الحريري.

وتابع: اتخذت البلاد خطوات هامه في معالجه الملفات المتأخرة بدءاً من: إعادة ترسيخ الأوضاع الطبيعية في عمل المؤسسات السياسية والإداريه والعسكرية والديبلوماسية والقضائية، ثم بدء ديناميّة جديده في عمل الدولة، وتحرير أراضينا من الجماعات الإرهابيه لـ"داعش" و"النصرة" من خلال شعبنا والقوات المسلحة اللبنانية، ودعم بريطانيا وأصدقاء آخرين مشكورين.

وقال: منحنا العقد الأول للنفط والغاز في الخارج لمجموعة شركات اوروبية، وهو وَضَع الأساس لجولة الترخيص الثانية التي ستُطلق قريباً، حيث نأمل أن تشارك فيها الشركات البريطانية، كما أعدنا ضبط المالية العامة من خلال إقرار ميزانيه جديدة، هي الأولى منذ 2005، إضافة الى إجراء انتخابات برلمانية اعتمدت القانون النسبي وسمحت للمغتربين بالتصويت للمرة الأولى في التاريخ اللبناني. ومن المؤكد أن هذه الشراكة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ستؤدي إلى تشكيل الحكومة الجديدة على الرغم من كل العقبات، وهي  تبشّر بعهد جديد للبنان المزدهر. وفي إمكان السياسة أن تقسّمنا، لكن الاقتصاد يجب ان يوحّدنا. وسيعمل لبنان على المحافظة على استقراره، وينبغي عليه ان يكافح من أجل ازدهاره.

 وأضاف: هنا أدعو أصدقاءنا البريطانيين إلى تجاوز مرحلة شكرنا والإشاده بنا لكرم ضيافتنا للنازحين السوريين، والانخراط معنا في شراكة مُربحة للجانبين تهدف إلى حماية النسيج الاجتماعي الإقليمي والتنوّع والهادف إلى العودة الآمنة والكريمة والمستدامة والتدريجية للسوريين إلى بلادهم، بعيدا ًمن أي أجنده سياسيّة. وينبغي على لبنان ان يتوقف عن كونه متلقفاً للأزمات في المنطقة وفي سوريا، وهو يجب ان يكون منصة لإعادة إعمار سوريا والعراق والشرق في الوقت المناسب، وسنرحّب بكم كأصدقاء للقيام بذلك انطلاقاً من  لبنان.

وتابع باسيل: هذه الرؤية الاقليميه تعني انه يجب علينا ان نوائم بين هذه الرؤية وبين تطوير البنى التحتية، استناداً إلى:

1- توسيع مطار بيروت وإعادة تأسيس مطارات رياق والقليعات وحامات.

2- توسيع الموانئ التجارية في بيروت وطرابلس وصيدا وإطلاق مرفأ سياحي في جونية.

3- بناءً على السكك الحديدية التي تربط  لبنان وسوريا والعراق والأردن.

4- إنشاء المناطق الحرة على الحدود السورية اللبنانية والطرق الدولية وفق ذلك.

5- ربط لبنان مع سوريا والعراق والأردن ومصر وتركيا مع شبكه الطاقة من النفط والغاز والكهرباء والمياه.

وكل ما سبق، سيبدأ بالشراكة مع القطاع الخاص المحلي والدولي على السواء، وذلك بموجب قانون PPP المعتمد حديثاً والمشمول جزئياً بخطتنا للاستثمار الراسمالي (CIP) التي تبلغ قيمتها $11,500,000,000.

 وقال: من جانبنا، لن نألو أي جهد لوضع البلد على طريق يمكّنه من خلاله إعادة التواصل مع إرثه العميق وجذوره في ريادة الأعمال. ولدينا رؤية لتنويع قطاع المنتجات والخدمات، من أجل تحقيق الاستقرار والنمو والعمالة. ووُضعت هذه الرؤية خلال مؤتمر باريس "سيدر" وتلتها عمليه إصلاح وحكم رشيد واقترنت بالتزامات بتدابير لمحاربة الفساد وباستخدام خطة ماكينزي كخطة تقنية إرشادية.

أضاف: من جهتي، بصفتي وزيراً لـ"الخارجية"، أطلقت الديبلوماسية الاقتصادية التي بموجبها يُعقد هذا المؤتمر الذي سيكون رائداً لسلسله من الحلقات المشابهة في عواصم مختلفة، والتي نفتح من خلالها أسواقاً جديده في جميع انحاء العالم، من خلال توقيع اتفاقات جديدة وتنظيم الزيارات والمعارض التجارية اللبنانية لمنتجاتنا ولا سيما الغذائية والزراعية منها. وقد عيّنا أخيراً لمرة الأولى في وزارتنا، 20 ملحقاً اقتصادياً في 20 بلداً، بينهم لندن، سيتولون مهمة تسويق المنتجات اللبنانية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة.

وقا: كذاك أطلب من أصدقائنا البريطانيين أن ينظروا إلى لبنان نظرة تتجاوز بعده الجغرافي أي الـ10,452 كلم2، إلى أبعد من ذلك ويركّزوا على انتشار اللبنانيين ونجاحاتهم في كل قارة وكل بلد وكل جزيرة وفي كل ركن من أركان العالم. وفقاً لذلك، كل علاقة تجارية مع لبنان ومواطنيه الأربعة ملايين، سيكون لها منفعة شاملة تطال الـ 14 مليون لبناني المنتشر في الخارج.

ولفت إلى أن "لبنان مفتوح على الأعمال التجارية، والمنطقة والعالم منفتحان أمامكم عبر لبنان".

وأضاف: أيها البريطانيون الأعزاء، ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي يساهم في إعادة تموضع بريطانيا بشكل عام، وبالتالي نريد منكم ان تعرفوا أن لبنان ملتزم بعلاقة تجارية تضمن الاستمرارية وتجنّب التعطيل وتوفّر منصّة لمزيد من الانفتاح. وقد نجحنا معاً في سجل حافل من العمل المشترك نحو الاستقرار، ونريد أن ننجح كذلك في تحقيق الرخاء. ومعاً، نجحنا في "وضع إدارة الأزمات"، ونريد معاً أن ننجح في "وضع حل للأزمات، وقد هزمنا معاً الإرهاب، وسنحتفل معاً بالتنوّع.

الحريري: وفي الختام تحدث الرئيس الحريري فقال: يسرّني أن أكون هنا اليوم على رأس وفد لبناني رفيع المستوى من القطاعين العام والخاص للمشاركة في "منتدى الأعمال والاستثمار الأول بين لبنان والمملكة المتحدة". صحيح أن اجتماعنا يجري في وقت يمر فيه بلدانا بتحديات عدة ولكن لا ينبغي ان يوقف هذا الامر جهودنا المشتركة لتعزيز الشراكات الممتازة والفعالة التي قمنا ببنائها على مرّ السنين على الأصعدة السياسية والأمنية والتجارية. أنا واثق من أن حدث اليوم سيأخذ علاقاتنا التجارية والاستثمارية إلى مستويات تلبّي طموحاتنا وقدراتنا. ويشهد توقيع اتفاقية المحرّك بين شركة طيران الشرق الأوسط ورولز رويس اليوم على هذه الإمكانات.

وتابع: صحيح ان اقتصاد لبنان يتعرّض لضغوط هائلة ويعود ذلك جزئياً إلى استمرار الاضطرابات الإقليمية. كما ان التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي نواجهها تتفاقم بسبب استمرار وجود مليون ونصف مليون نازح سوري للسنة الثامنة على التوالي. لقد قدمت الحكومة اللبنانية في مؤتمر "سيدر" في باريس رؤية شاملة تهدف إلى تحفيز النمو من خلال تجديد البنية التحتية الأساسية المادية لدينا وإعادة هيكلة القطاع العام وتحديث تشريعاتنا وإجراءاتنا وتعزيز الحوكمة وتحسين الشفافية وتحديث قوانين وإجراءات الشراء وإطلاق العنان لإمكانات قطاعاتنا الإنتاجية. وترتكز هذه الرؤية على التكيّف المالي الكبير من أجل ضمان استقرار الاقتصاد الكلي. هذه الرؤية التي ستتم مناقشة دعائمها في وقت لاحق اليوم، شهدت ترحيباً ودعماً من جميع البلدان والمؤسسات المالية الحاضرة في المؤتمر ومن ضمنها المملكة المتحدة. وللقطاع الخاص، اللبناني والدولي، دور هام في تنفيذ هذه الرؤية. ويتماشى منتدى اليوم مع خارطة الطريق التي تصوّرناها لتحقيق هذا الهدف.

وقال: بعد انعقاد مؤتمر "سيدر"، نجح لبنان في عقد انتخابات برلمانية وشرع في عملية تشكيل حكومة وحدة وطنية مع احترام التوازن السياسي الدقيق في لبنان. صحيح أن هذه ليست مهمة سهلة وهذا ما يفسر لماذا تستغرق عملية تشكيل الحكومة وقتا أطول مما هو مرغوب به. إن الحفاظ على هذا التوازن الدقيق والتوصل إلى توافق سياسي هو أمر بالغ الأهمية والطريقة الوحيدة لضمان سير جدول أعمال مؤتمر "سيدر" على الطريق الصحيح. ومع ذلك فإن التأخير في تشكيل الحكومة لم يوقف تقدّمنا في تطبيق مشاريع وإصلاحات "سيدر". بالفعل، منذ انعقاد مؤتمر "سيدر"، أعدنا النظر في بعض القطاعات والمشاريع لتسريع التخطيط والتنفيذ. كما أننا نحافظ على حوار منتظم مع بنوك التنمية المتعددة الأطراف، والعديد منها موجود معنا اليوم، لمواءمة التمويل المتعهّد به في مؤتمر "سيدر" مع مشاريع برنامج الإنفاق الاستثماري. أطلقنا في وقت سابق هذا العام ثلاثة مشاريع للشراكة بين القطاعين العام والخاص في قطاعيّ النقل والاتصالات. وهناك مشاريع ضخمة أخرى قيد المناقشة حالياً.

وأضاف: في هذا الخصوص، أدعوكم إلى إلقاء نظرة على الخطة المتعددة السنوات التي تم تقديمها في مؤتمر "سيدر" لإعادة تأهيل وتحديث بنيتنا المادية. أنها توفر فرصًا كبيرة للشركات البريطانية في قطاعات النقل والمياه ومياه الصرف والطاقة، بما في ذلك الطاقة المتجددة. كي نتحدث بالأرقام، نحن نتوخى إنفاق نحو  ملياريّ دولار أميركي سنوياً على مشاريع البنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك، منذ مؤتمر "سيدر" استكملنا مع الخبير الاستشاري "ماكينزي" استراتيجية شاملة للقطاعات الإنتاجية تحدّد فرص الاستثمار الرئيسية في خمسة قطاعات رئيسية هي الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات المالية واقتصاد المعرفة. سيتم الكشف عن الاستراتيجية بعد تشكيل الحكومة الجديدة.

وتابع: كذلك صادق البرلمان اللبناني في أيلول على تشريعات مهمة تتعلق بالوساطة القضائية والمعاملات الإلكترونية والشفافية في قطاع النفط والغاز وحماية المبلغين عن المخالفات وقانون إطاري لقطاع النفايات الصلبة. وتتم حالياً مناقشة الإصلاحات التشريعية المتبقية، كذلك وردت في جدول أعمال مؤتمر "سيدر"، في اللجان البرلمانية المشتركة. إن إصلاحات سوق رأس المال لا تزال جارية، كما ستناقشون في وقت لاحق اليوم مع حاكم مصرف لبنان، والتحضيرات لجولة التراخيص الثانية للتنقيب عن النفط والغاز تتقدّم بثبات.

وقال الحريري: لا شك في أن منطقتنا تشهد فترة حَرِجة وأعتقد أن على الرغم من كل الاضطرابات المستمرة فإن المنطقة تتجه نحو فترة من الاستقرار والنمو والازدهار، ونحن جميعاً بحاجة إلى الاستعداد لهذه المرحلة للاستفادة من الفرص الاستثمارية والتجارية العديدة التي تنتظرنا. إن إحدى الطرق لكلينا للمضي قدمًا هي أن يقوم القطاع الخاص في البلدين بإنشاء شراكات ومشاريع مشتركة. إن القطاع الخاص اللبناني راسخ في بلدان المنطقة ولا سيما تلك التي من المتوقع أن تشهد جهود إعادة إعمار كبيرة مثل العراق وسوريا عندما يحين الوقت. كذلك تشكّل منطقة طرابلس الاقتصادية الخاصة في شمال لبنان المنصّة المثالية للمصنّعين البريطانيين للإنتاج والتصدير إلى المنطقة. تقع المنطقة في مكان استراتيجي، على بعد 30 كم فقط من الحدود السورية وفي جوار ثاني أكبر مرفأ في لبنان. وهي تستفيد من بنية تحتية حديثة، وإطار تنظيمي يشجع استثمارات القطاع الخاص، وحوافز مالية وإدارية سخية. كذلك ستقوم المنطقة، إلى جانب المرافق اللوجستية الأخرى في المنطقة، بجعل لبنان منصة طبيعية لإعادة إعمار سوريا.

أضاف: ليس لدي شك في أن مستقبل لبنان مشرق. والواقع أن بلدي يمرّ بتأهيل كبير للبنى التحتية والاقتصاد وأنا أدعوكم لتكونوا جزءًا من هذه العملية، وأن تكونوا جزءًا من التغيير الذي ينتظر لبنان، لمساعدتنا على تشكيل لبنان الجديد الذي نطمح إليه جميعًا، لبنان الذي نريده، لبنان الذي رأيناه في الفيديو، لبنان الاستقرار والازدهار والتنوّع والتعايش. حوارنا لا ينتهي اليوم. في الواقع، سيكون هذا المنتدى وما يليه بمثابة بداية لرحلة جديدة في العلاقات التجارية والاستثمارية اللبنانية البريطانية، وهي علاقة مبنيّة على الشراكة الراسخة الماضية وتمهّد الطريق لمزيد من التعاون والمشروعات الجديدة.

وقال: أتطلع قدماً للترحيب بكم في لبنان. ستكون جميع المؤسسات الحكومية وأنا شخصياً متوفرين للتعامل مع أي قضية أو قلق قد ينتابكم عند التفكير في فرصة استثمارية في لبنان، وستلتزم الحكومة الجديدة بشدة بإصلاحات مؤتمر "سيدر"، بما في ذلك الإصلاحات المالية. نجحنا في الأشهر الماضية في ضمان توافق سياسي قوي في البلاد حول إجراءات الإصلاح الرئيسية، وجميع المعنيين مصممون على العمل معاً للتأكد من أن تنفيذها يتم في الوقت المناسب.

وختم: أدعوكم إلى زيارة لبنان والتعرف على مواهبنا وعقولنا المبدعة ولمس طاقة قطاعنا الخاص ورجال أعمالنا ولرؤية التطور الاقتصادي في لبنان. وأعرب عن تقديري للسفيرين كريس رامبلينغ ورامي مرتضى وفريق عملهما على جهودهم الملحوظة خلال الأشهر الماضية ولتنظيم هذا الحدث بمشاركة كبيرة من لبنان والمملكة المتحدة، فضلاً عن مشاركة ممثلين رفيعي المستوى من المؤسسات المالية الدولية والمصارف الإنمائية المتعددة الأطراف. وأشكر كل مَن ساهم في إنجاح هذا الحدث الناجح، صحيح اننا لم نشكّل حكومة بعد ولكننا نقرّ القوانين المتعلقة بالإصلاحات التي تضمّنها مؤتمر "سيدر"، ونحن مصمّمون على النجاح بمساعدة الجميع، ومع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب على تجاوز الأزمة التي نمر بها، فالجميع يدرك أهمية مؤتمر "سيدر" وكلنا منخرطون جداً في هذا المسار.

عقد الـ"ميدل إيست": بعد ذلك، وفي حضور الرئيس الحريري والوزير بيرد والحاكم سلامة، وقّع رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت ورئيس مجلس إدارة شركة "رولز رويس" ايان دايفيز  عقداً يتضمّن قيام الشركة بتزويد شركة طيران الشرق الاوسط بأحدث محرّك في مجموعة ترينت "الترينت 7000" الى جانب توفيرها خدمة الرعاية الكاملة المتميزة  والصيانة الطويلة الأمد لمحرّكات الطائرات التي تعمل بمحرّك "رولز رويس" القديمة والجديدة .

وقال الحوت بعد التوقيع: نحن ملتزمون بضمان أن تكون شركتنا رائدة في مجال استخدام التكنولوجيا لتوفير خدمة وأداء متميّزين للعملاء، وستساعد طائراتنا الجديدة ومحرّكات الجيل الجديد ترينت 7000 على تحقيق هذا الهدف.

ومن جهته، أمل دايفيز في أن يؤدي هذا العقد إلى تطوير قدرات شركة طيران الشرق الاوسط، وأشار إلى أن هذا العقد يشكّل محطة أخرى بارزة في علاقات قوية قائمة مع الشركة تعود إلى أكثر من خمسين عاماً.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o