Dec 11, 2018 1:24 PM
خاص

عندما تتراقص الحريات على أنغام النقد السياسي!

المركزية-  ليس السجال الذي نشب بين عضو تكتل لبنان القوي النائب حكمت ديب والفنان راغب علامة على خلفية أغنية "طار البلد" الأول من نوعه من حيث المس بحرية التعبير التي لطالما قدسها التيار الوطني الحر وسواه من الأحزاب. لكن الخطر الأكبر يكمن في أن هذه الحادثة قد لا تكون الأخيرة، وقد امتلأ سجل الملاحقات القضائية في حق عدد لا يستهان به من الصحافيين والاعلاميين والناشطين لارتكابهم "جريمة" بات القانون يعاقب عليها في بلد الحريات: التعبير وإبداء الرأي!

نعم! في بلد الحريات هذا الذي أعطى العالم مفكرا وفيلسوفا بحجم العملاق السياسي والديبلوماسي شارل مالك الذي شارك في وضع الاعلان العالمي لحقوق الانسان وتحدى العالم في سبيل تكريس حقوق الفرد، باعتباره أهم من الدولة والجماعات الدينية والاجتماعية في وثيقة دولية كالاعلان العالمي لحقوق الانسان، بات الفنانون في عين الاستهدافات والتهديدات لمجرد أنهم استخدموا فنهم للتعبير عن سخط الناس و"قرفهم" إزاء درجات الانحدار غير المسبوقة التي بلغتها البلاد وشارفت على الانهيار، بلسان كثير من المسؤولين، علما أن بعض هؤلاء يتشارك والنائب ديب الانتماء السياسي والحزبي نفسه. وفي هذا السياق، لا تغيب عن بال أحد، لا سيما منهم الناشطون السياسيون والغارقون في عالم مهنة البحث عن المتاعب، مشاهد أعمال العنف التي مورست بوحشية في حق شباب لبنان الأحرار، وبينهم النائب ديب نفسه، فيما كانوا يخوضون ببسالة وشجاعة معركة الدفاع عن الحريات في لبنان في مواجهة الوصاية السورية وحلفائها في عز قوة القبضة الدمشقية على لبنان، في خلال أحداث 7و9 آب 2001 من أمام قصر العدل في بيروت.

وللتذكير أيضا، تجدر الاشارة إلى أن كلا من الصحافة  الحرة المتحررة، وغير المقيدة بأي حدود، ما خلا عدم التجريح والمس بالكرامات، والفن على أنواعه ليسا مجرد مهنة يمارسها أصحابها لقاء بدل مادي بل إنهما رسالة سامية. كيف لا وهما السبيل الوحيد المتاح أمام الناس للتعبير عما يخالجهم من آراء وأفكار وحتى مشاعر. وهذا يعني بطبيعة الحال أن لا يجوز حصر الفن والأعمال الغنائية بتلك المخصصة للحب والغزل، أو بالتعبير عن حب الوطن، بدليل الفن العريق والخالد الذي قدمه الأخوان رحباني والسيدة فيروز. وانطلاقا من هذه النقطة، لا يجوز اعتبار أي أغنية مخصصة للنقد السياسي وإطلاق الصرخات الاجتماعية سهاما قاسية موجهة إلى الحكم والقيمين عليه تستهدف البلد، بل اعتباره أداة للتعبير عن الرأي، وجس النبض الشعبي للإنكباب على تلبية طموح شعب إئتمن من اعتبرهم يوما "مسؤولين" على حياته وحاضره ومستقبله".

لكن، أبعد من السجال الذي يأتي في غير مكانه بين ديب وعلامة، فإن من شأن عبارة من نوع "قطع الرؤوس"، التي قد يكون ديب تفوه بها من غير أن يقصد معناها الحرفي، أن تحمل مخاوف إزاء مستقبل الصحافيين والمعارضين وحقهم في ممارسة مهنتهم و.. حريتهم، خصوصا عندما تأتي تحذيرات من هذا العيار الثقيل على لسان مسؤولين. وليس أدل إلى هذا الوضع المخيف إلا استمرار ملاحقة الزميل مارسيل غانم أمام القضاء بعد أكثر من عام على طي ملف استقالة الرئيس سعد الحريري، كما نشاط مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في مجال تعقب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي. صورة قاتمة لا تترك لنا إلا توجيه تحية إلى النائب الشهيد جبران تويني في ذكرى اغتياله الـ 13 غدا دفاعا عن الحريات وعن "لبنان العظيم"!

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o