Dec 08, 2018 6:51 AM
صحف

رسالة البرلمان "من دون قيمة"!

شغل الطرح الرئاسي بالعودة الى مجلس النواب، الاوساط السياسية على اختلافها، خصوصاً وانه فُسّر على انه خطوة رئاسية تصعيدية في وجه الرئيس المكلّف، وإن حصلت فمعنى ذلك إسقاط القطيعة الكاملة بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، علماً ان هذا الطرح الرئاسي، ترافق مع تفسيرات مؤيّدة لهذا الطرح، تولّى تسريبها بعض المقرّبين، وتفيد بأن العودة الى مجلس النواب امر طبيعي، فمن اعطى التكليف، اي النواب، في مقدوره ان يسترجعه".

هذه التفسيرات اعتبرتها مصادر مجلسية سياسية، تنطوي على محاولة لخلق أعراف جديدة، خصوصاً وأن الدستور يحدّد بوضوح آلية تشكيل الحكومة، ويحصرها بالرئيس المكلف بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، ولا يقيّده بمهلة زمنية للتشكيل، قد تكون هذه ثغرة اساسية في الدستور، لكن النص واضح ومقفل عند هذا الامر، فضلاً عن انه لا نص في الدستور يُجيز للنائب الذي صوّت في الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف، ان يسترجع صوته.

ومعنى ذلك، كما تقول المصادر المجلسية، ان العودة الى مجلس النواب من قِبل رئيس الجمهورية، لن تكون ذات قيمة، إذ انها لن تؤخّر ولن تقدّم في مسألة التكليف، بل أنها قد تأتي بمردود عكسي، يحوّل مجلس النواب في حال تمّت هذه العودة، الى حلبة سجال، لا بل الى ساحة معركة سياسية قاسية، تعرف كيف تبدأ ولا تعرف كيف تنتهي، وبالتأكيد لن تكون مفاعيلها محصورة في ساحة النجمة، بل ستتمدد حتماً الى الساحات السياسية والطائفية.

ولفتت المصادر، ان مثل هذه العودة تصح في حالة وحيدة، وهي ان يُصار الى تعديل الدستور والنص عليها صراحة، ولا شك ان ثغرات كبرى تعتري الدستور تتطلب التعديل والتوضيح والتفسير، الا ان السؤال الذي يُطرح هنا، هل ان لبنان مؤهّل حالياً لتعديل دستوري من هذا النوع، او بالاحرى هل هو قادر على المغامرة في ملامسة الدستور؟ بالتأكيد، ان اكثرية القوى السياسية تريد تعديل الطائف وبعضهم يريد نسفه من أساسه.

وتخلص المصادر الى القول: "ان مقاربة الدستور في هذه المرحلة، ولو بصورة غير مباشرة عبر مواقف وطروحات تؤدي الى هذه المقاربة، كمن يفتش على مشكل كبير وخطير، كذلك فان محاولة فتح الباب الى تعديل الدستور وتحت اي عنوان حتى ولو كان سطحياً وليس جوهرياً، معناه فتح بازار التعديلات على مصراعيه، واكثر من ذلك فتح المعركة الكبرى على كيفية تحديد الصلاحيات لكل الرئاسات والسلطات. وبالتأكيد لن تعرف لهذه المعركة حدودها ولا مُدَدُها".

فحوى الرسالة: وفي السياق، قال الباحث في القانون الدستوري الدكتور وسيم منصوري، "ان النظام الداخلي لمجلس النواب تحدث عن آلية استقبال رئاسة المجلس للرسالة، وعرضها على النواب خلال اجتماع للمجلس يدعوه فيه للانعقاد والتباحث بشأن الرسالة"، مشيراً إلى "أن الرسالة من الناحية القانونية غير ملزمة للنواب لأن البرلمان هو سيد نفسه، لكن لها قوة معنوية كونها مرسلة من رئيس البلاد، ويتم التعاطي معها بقدر كبير من الجدية بالنظر إلى موقعه". وأكد منصوري أنه "ليست هناك شروط تقع على البرلمان لكيفية التعاطي معها، وهو أمر غير منصوص عليه في الدستور، وبالتالي يتعاطى معها البرلمان بالطريقة التي يراها مناسبة لناحية اتخاذ إجراءات أو القيام بأي خطوة أخرى".
وقال منصوري لـ"الشرق الاوسط" إن السؤال اليوم حول مضمون الرسالة، وما إذا كانت هناك طلبات محددة، موضحاً: "إذا كانت الرسالة تحث البرلمان على تشكيل الحكومة، فهنا لا دور للبرلمان ولا قدرة له على التدخل كون تشكيل الحكومة، بحسب الدستور، هو من مهمة الرئيس المكلف تشكيلها ورئيس الجمهورية"، مشيراً إلى أن السؤال اليوم عن فحوى الرسالة، وماذا سيطلب رئيس الجمهورية من البرلمان فيها.
ولفت منصوري إلى أن إرسال الرئيس عون رسالة إلى المجلس حول تشكيل الحكومة، هو الأول من نوعه منذ «اتفاق الطائف»، رغم أن إرسال رؤساء رسائل إلى البرلمان حصل في وقت سابق، حين أرسل الرئيس السابق ميشال سليمان رسالة إلى مجلس النواب حول إقرار قانون للانتخابات، وكانت مسألة معنوية بما يتخطى أن يكون لها أي تأثير دستوري.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o