Nov 29, 2018 7:43 AM
مقالات

لماذايرفض الموقوفون الاسلاميون"الخصوصية الأمنية"؟

عادت قضية الموقوفين الإسلاميين في السجون إلى الواجهة، خصوصاً بعد نقلهم من المبنى "ب" في سجن رومية المركزي، إلى مبنى جديد يحمل اسم "مبنى الخصوصية الأمنية"، وهو ما يضعه الموقوفون وذووهم ومحامو الدفاع عنهم، في دائرة الاستهداف والتضييق عليهم، معتبرين انهم "يتعرّضون لشتّى انواع الانتهاكات وعمليات الإذلال المتعمّدة"، وفق تعبير احد وكلاء الدفاع عنهم. في وقت افادت وزارة الداخلية، بأن هذا المبنى "يكتسب مواصفات السجون الحديثة المعتمدة في كل دول العالم، وليس مخصصاً لسجناء من فئة او طائفة معيّنة".

ويتّهم اهالي السجناء ومحاموهم، القائمين على إدارة السجن بـ"انتهاك حقوقهم بصفتهم سجناء، والقيام بممارسات تضرب مبدأ حقوق الإنسان، بما يتعارض مع كل المعايير القانونية والأخلاقية". لكن مصدراً قضائياً عزا حالة الاعتراض هذه إلى "رفض المساجين الخضوع لنظام السجن والمراقبة المشددة". واشار لـ"الشرق الأوسط"، إلى "ان هؤلاء السجناء كان لديهم هامش اوسع من حرية التحرّك والتواصل مع الخارج عندما كانوا في المبنى السابق (ب)، لكنهم فقدوا جزءاً كبيراً من هذه الحرية، لذلك باتوا ناقمين على إجراءات ستطبّق بالتأكيد على جميع نزلاء السجن، وإن بمراحل لاحقة".

من جهته، اوضح مستشار وزير الداخلية لشؤون السجون العميد منير شعبان، "ان مبنى الخصوصية الأمنية موجود في كل دول العالم، وهو معدّ للسجناء والموقوفين الذين لديهم خصوصية امنية، اي لمرتكبي الجرائم الجنائية الكبرى، مثل الإرهاب واعمال العصابات الخطيرة". واشار في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، إلى "ان هذا المبنى اقرّت الحكومة إنشاءه منذ معارك مخيم نهر البارد وجرى افتتاحه قبل اسابيع قليلة". وقال العميد شعبان "كل ما في الأمر ان المبنى الجديد مراقب بتقنيات حديثة ومتطورة، مثل كاميرات المراقبة واجهزة الإنذار، ويطبّق فيه قانون السجون بدقّة وشفافية".

هذه التبريرات يرفضها بالمطلق المحامي محمد صبلوح، وكيل الدفاع عن عدد كبير من الموقوفين الإسلاميين، الذي سلّط الضوء على ما سمّاها "الانتهاكات الخطيرة التي يتعرّض لها السجناء الإسلاميون". وعبّر في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، عن اسفه على "ان هذا المبنى الذي يتغنّى المسؤولون بتطوّره وحداثته، يشهد تجاوزات غير مسبوقة بحق نزلائه".

وعلى رغم اعتراف الدولة، بأن جميع سجونها لا تتطابق مع الأنظمة المعتمدة في الدول التي تطبّق معايير حقوق الإنسان، رفض العميد شعبان كل هذه الاتهامات، لكنه اعلن "ان المبنى الجديد يستوعب نحو 250 سجيناً، وتم نقل نحو 125 سجيناً إليه، وهو ليس للتأديب والعقاب وليس لسجناء من فئة او طائفة معينة، بل سيضم سجناء من كل الأطياف". اضاف "إدارة السجون باشرت عمليات النقل إلى مبنى (الخصوصية الأمنية) ابتداء من المبنى (ب) الذي يوجد فيها الموقوفون الإسلاميون، وسيستكمل نقل باقي السجناء الخطرين، وهم من كل الأطياف والفئات"، لافتاً إلى "ان عمليات النقل تحصل بناء على دراسة الملفات"، معترفاً بأن هذا المبنى "يحرم نزلاءه بعضاً من حرية التحرّك التي كانت لديهم في المبنى (ب)، وهؤلاء باتوا منزعجين لأنه لا يوجد في المبنى الجديد هاتف نقال مخبأ تحت البلاط، او آلة حادة فوق البلاطة، وقانون السجون يطبق هنا بحذافيره".

وتحدث عن "انتفاضة حصلت في مبنى المحكومين حيث يوجد اخطر عصابات المخدرات، إذ تمكن السجناء من اسر ثلاثة ضباط وتهديد حياتهم، ولم ينقل اي من هؤلاء إلى مبنى الخصوصية الأمنية"، سائلا "الا يستحق (الوزير الأسبق والمستشار السياسي لرئيس النظام السوري بشار الأسد) ميشال سماحة، الذي ادخل 25 متفجرة من سوريا وحاول تفجيرهما في لبنان، وضعه في مبنى الخصوصية الأمنية؟ ولماذا لم ينقل اي من الموقوفين الذين فجّروا مسجدي السلام والتقوى (في طرابلس - عام 2012) إلى هذا المبنى"؟

ويسود الخوف من ذهاب مشروع قانون العفو العام ادراج رياح الخلافات السياسية، ويتجه اهالي الموقوفين إلى التحّرك مجدداً في عدد من المناطق اللبنانية، واكد احد اعضاء لجنة اهالي الموقوفين الإسلاميين لـ"الشرق الأوسط"، ان اللجنة "ستلتقي الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري، للبحث معه في الانتهاكات التي يتعرّض لها ابناؤهم، والبحث معه في موضوع قانون العفو مجدداً، وفي ضوء اللقاء تحدد خطوات التحرّك".

وكشفت مصادر مقرّبة من الحريري لـ"الشرق الأوسط"، عن ان الأخير "لا يزال ملتزماً بالوعود التي اطلقها قبل الانتخابات بما يخصّ قانون العفو العام". وشددت على "ان هذا القانون سيكون اولوية الحكومة الجديدة فور تشكيلها"، لافتاً إلى "ان مشروع القانون الذي اعد منذ اشهر، يخضع من حين لآخر إلى التنقيح، والرئيس الحريري سيعمل على تأمين توافق سياسي حوله، ويأخذ في الاعتبار الخصوصية السياسية والطائفية والمذهبية لهذا الموضوع".

يوسف دياب-الشرق الاوسط

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o