Nov 27, 2018 7:28 AM
مقالات

حارة حريك بدل عنجر:خطة الإمساك بالقرار

اكدت مصادر مطلعة على موقف الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري لـ"الحياة" "ان البلد امام ازمة حكومية وسياسية مفتوحة بلا افق لأنه لن يتراجع عن موقفه رفض تمثيل النواب السنّة الستة الحلفاء لـ"حزب الله"، ولأن الأخير لا يبدو انه سيتراجع بدوره عن موقفه تمثيل هؤلاء بأحد اعضاء "اللقاء التشاوري" الذي يضمهم، وإلا "لا حكومة من دونهم" وسيبقى على دعمه مطلبهم "حتى قيام الساعة".

وعلقت المصادر العارفة بموقف الحريري على الدعوة المستجدة لرئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" الرئيس المكلف الى ان يقبل "بتعيين وزير منهم (يقصد سنّة 8 ‏آذار) وتنتهي القصة"، بالقول "الرئيس الحريري ليس بهذا الوارد. ولا نعتقد ان موقف جنبلاط سيؤثر عليه في هذا الشأن".

وفي وقت قالت مصادر مقربة من جنبلاط انه اقترح على الحريري ان يقدم على هذه التسوية حين التقاه الأسبوع الماضي، اوضحت المصادر المطلعة على موقف الحريري "ان لا معطيات لديها في هذا الشأن". لكنها جددت التأكيد "ان الحريري لن يعدل موقفه الرافض لهذا الخيار"، واعتبرت "ان قول الرئيس المكلف اول من امس انه "متأكد اننا في نهاية المطاف سنصل الى حلّ"، هو موقف مبدئي لكنه لا يستند إلى معطيات عملية بوجود مخرج من الأزمة.

وفي وقت ترددت انباء امس عن ان رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل سيستأنف تحركه للوصول إلى مخرج، مكلفا من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ذكرت المصادر المطلعة على موقف الحريري ان ليس لدى الأخير معطيات في هذا الصدد.

الحملة على الحريري

وفيما يحذر جميع المسؤولين من ان الأزمة تهدر الوقت وتؤخر الانكباب على معالجة الوضع الاقتصادي والمالي المتردي، سألت "الحياة" المصادر المعنية إذا كان الحل الموقت هو في تفعيل حكومة تصريف الأعمال كي تتخذ قرارات تساعد في معالجة بعض المسائل الاقتصادية او المالية، فأوضحت ان حكومة تصريف الأعمال "حتى لو اجتمعت لا تحل المشاكل الاقتصادية ولا تقدم ولا تؤخر، فالتصدي لمشاكل البلد يتطلب حكومة كاملة الشرعية تنكب على تنفيذ إجراءات الإنقاذ".

ولاحظت المصادر نفسها ان "حزب الله" وحلفاءه يردون على تمسك الحريري بموقفه بتصعيد موقفهم تارة بالهجوم الشخصي على الحريري وبتوجيه الإهانات له، واخرى باتهامه بخدمة المشروع الأميركي الإسرائيلي، وبالقول ان لا مانع لديهم من ان يعتذر عن مواصلة سعيه لتأليف الحكومة".

وفي هذا المجال، يقول مصدر وزاري سبق ان انخرط في اتصالات إزالة العقد من امام تأليف الحكومة في الأشهر الماضية لـ"الحياة" "ان متابعة تدرج الأمور منذ بدء العمل على تأليف الحكومة في اواخر شهر ايار الماضي يظهر ان لبنان امام مشكلة وان "حزب الله" يسعى إلى التحكم بتركيب السلطة ضمن خطة مدروسة اعتمدها خلال المرحلة الماضية. فصمته خلال معالجة عقد التأليف لم يكن عن عبث، فهو ترك حليفه رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير باسيل، يقوم ببعض ما يخدم اهدافه لجهة التأثير في ملف التمثيل الدرزي فانتهى الأمر بدفع جنبلاط إلى التنازل عن مطالبته بحصر هذا التمثيل في من يسميهم حزبه اي الوزراء الدروز الثلاثة، لمصلحة تمثيل وزير ثالث. وبهذا تحكم الحزب بصيغة التمثيل الدرزي.

ويضيف الوزير إياه "ان الحزب ترك ايضا لحليفه "التيار الحر"، ضمن خطة مدروسة، ان يتحكم بالتمثيل المسيحي بحيث يضرب تمثيل "القوات اللبنانية" بالاستناد إلى نجاحه السابق بفرض مرشحه لرئاسة الجمهورية. ففي الحكومة حقق الحزب، بحسب قول الوزير نفسه، ما يريده لجهة تحجيم تمثيل "القوات" بعدما ادى ضغط ازمة التأليف على مدى 5 اشهر إلى تراجع سمير جعجع عن مطالبه الوزارية. والآن يعمل على حسم التمثيل السنّي لمصلحته عن طريق تعليق إعلان الحكومة طالما لا تضم حلفاءه السنّة".

ويعتبر الوزير إياه ان "حزب الله" يكرّس بهذا السلوك المبدأ الذي يقول ان حارة حريك حلّت مكان عنجر في صوغ التوازنات داخل السلطة السياسية وبات الشريك الرئيسي في تأليف الحكومة. ويرى الوزير انه "إذا كان المخرج بتعيين سنّي يرضى عنه الحزب، من حصة رئيس الجمهورية يكون الأخير قد انكسر امامه، وإذا جاء الوزير السنّي هذا من حصة الرئيس المكلف، يكون الأخير قد انكسر".

الإمساك بالقرار

ويقول الوزير نفسه "ان هذا التسلسل في الأحداث يُمهّد للعودة إلى الإمساك بقرار البلد من قبل "حزب الله"، وفق الصيغة التي كان الجانب السوري يتحكم بتركيب السلطة فيها قبل التحول الذي حصل بعد 14 شباط عام 2005، تاريخ اغتيال الرئيس رفيق الحريري الذي اطلق حركة 14 آذار ومهّد للانسحاب السوري من لبنان ونجاح معارضي الهيمنة السورية في الحصول على الأكثرية في البرلمان. والأوضاع الآن معكوسة حيث حصل "حزب الله" مع حلفائه على الأكثرية داخل البرلمان، ويريد توظيف ذلك داخل الحكومة، هذا على رغم ان "14 آذار" لم تشكّل الحكومة على هذا الأساس بعد حصدها الأكثرية عام 2009. إلا ان الوزير نفسه يرى ان الحزب يتصرف على قاعدة ان "زمن الأول تحول"، بدليل قول نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم ان "هناك زمنا انتهى"، في معرض تأكيده ان لا مجال لحصرية التمثيل في الطائفة السنّية.

ويشير الوزير نفسه إلى ما يعتبره "مفارقة ذات دلالة، إذ انه اثناء فترة الخلاف مع "القوات" طرح فريق الرئيس عون فكرة تأليف الحكومة بمن حضر، احبطها رفض الحريري لها، فيما الأزمة الحالية، وبعد امتناع الحزب عن تسليم الحريري اسماء وزرائه، لم تدفع فريق الرئاسة إلى طرح الفكرة".

ويستنتج الوزير نفسه ان الحزب يُمسك بالقرار في البلد بهذه الطريقة في ظل اضطرار الرئيس عون إلى مراعاته، وعدم استعداد رئيس البرلمان نبيه بري إلى معاكسته، إلا إذا قصد عون من وراء قوله في خطاب الاستقلال "ليس عندنا ترف إهدار الوقت"، التمهيد للطلب من الحزب تليين موقفه، في وقت لا يسقط بعض الأوساط من الحساب ان يتّجه عون إلى مطالبة الحريري بتقديم المزيد من التنازلات التي لا يبدو الأخير مستعداً لها، بعدما قال انه لم يعد قادراً على إقناع نفسه بنظرية "ام الصبي".

وليد شقير-الحياة

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o