Nov 24, 2018 7:21 AM
مقالات

حزب الله "يستغرب" تصرّف باسيل!

يحاول رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل، ان يوازن قدر الإمكان بين ما يتطلبه تحالفه المستمر مع "حزب الله" منذ 12 عاماً وبين محاولته شدّ عصب الشارع المسيحي المؤيد له، كما الشارع المسيحي ككل، حرصاً على تكريس نفسه زعيماً مسيحياً قادراً على المنافسة بقوة على رئاسة الجمهورية في العام 2022.
ومر وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال في الأسابيع الماضية في اختبارين اثّرا سلباً على العلاقة بـ"حزب الله"، ما دفع الطرفين للاستنفار لمعالجة اي تداعيات بشكل سريع.
فلم يرق لـ"الحزب" إطلاقاً ان يعتمد باسيل تسمية "العقدة السنّية-الشيعية" في وقت سابق لتوصيف العقدة التي استجدت اخيراً، ولا تزال تحول دون تشكيل الحكومة بعد إصرار "حزب الله" على تمثيل احد حلفائه السنّة. وقالت مصادر مطلعة "ان الموضوع ازعج الحزب كثيراً، خصوصاً انه كان ولا يزال يبذل جهوداً كبيرة لتجنّب اي صراع سنّي-شيعي في لبنان، وهو ما دفعه و"تيار المستقبل" لاعتماد سياسة "ربط النزاع"، خصوصاً بعد دخول الحزب حلبة الصراع السوري في العام 2012.
وأشارت المصادر في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، إلى "ان قيادة "حزب الله" سارعت للتمني على باسيل إعادة وضع الإشكالية الحكومية الجديدة في إطارها السنّي-الوطني، وهو ما تجاوب معه رئيس "التيار" سريعاً بعد لقاء جمعه بالأمين العام لـ"الحزب" قبل نحو 14 يوماً. وبعد ان كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اطلق موقفاً واضحاً داعماً لموقف الرئيس سعد الحريري من موضوع توزير "سنّة 8 آذار"، ادى لقاء نصرالله -باسيل لتعديل الموقف العوني، إذ سعى وزير الخارجية في جولته الأخيرة على المعنيين بالملف للدفع باتجاه حل للأزمة يتضمن تمثيل النواب الـ6 حكومياً.
وقال نائب رئيس "التيار الوطني الحر" رومل صابر لـ"الشرق الأوسط"، "ان موقف "التيار" واضح ولم يتراجع عنه، لذلك كانت المطالبة بأن يُشكّل النواب الـ6 تكتلاً ليحق لهم عندها التمثل في الحكومة"، موضحاً "ان حراك الوزير باسيل الأخير قام على قاعدتين اساسيتين، وجوب تشكيل هؤلاء تكتلاً جديداً مقابل عدم احتكار اي طرف التمثيل الطائفي". اضاف "الكرة اليوم لم تعد لدينا إنما في ملعب الفريق الآخر". واكد صابر على "متانة العلاقة مع "حزب الله"، واصفاً إياها بـ"الجيدة جداً"، اضاف "قد يحصل اختلاف بالرأي، لكن ليس على الأمور الاستراتيجية، إنما بالتكتيك، وهذا يحصل عادة بين الأخ واخيه".
إلا أنه وإذا كان الثنائي باسيل-"حزب الله" قد تجاوز بنجاح الاختبار الحكومي حتى الساعة، لكنه لم يتجاوز بعد اختبار دعوة باسيل لوضع لوحة تجسّد ذكرى خروج الجيش السوري من لبنان في نيسان 2005 في منطقة نهر الكلب الواقعة بين قضائي المتن وكسروان. وبحسب المعلومات، فإن "حزب الله" اعرب عن استغرابه قرار باسيل إطلاق هذه الدعوة في هذه المرحلة بالذات.
وتقدم النائب العوني إدي معلوف، امس، بكتاب إلى قائمقام المتن طلب فيه الترخيص لإعادة وضع لوحة تذكارية على الصخور المحاذية لنهر الكلب. ونشر معلوف صورة عن الكتاب على حسابه عبر "تويتر"، وارفقها بالجملة التالية "عند المواجهة كنا في الصفوف الأمامية، وعند انتفاء اسبابها كانت لنا جرأة المصالحة، نواجه بشرف ونصالح بشرف". وكان النائب "القواتي" شوقي الدكاش سبق معلوف إلى طلب ترخيص من قائمقام كسروان لوضع هذه اللوحة.
ورأى النائب في "لبنان القوي" حكمت ديب "ان لا مشكلة إذا كان من قدّم الطلب نائب في "القوات" او "التيار"، لأن الهدف واحد. وقال لـ"الشرق الأوسط" "كما وضعنا لوحة للانسحاب الإسرائيلي عام 2000 من لبنان لا بد من وضع لوحة للانسحاب السوري، وان كان الأول عدواً والثاني صديقاً، لكن كانت مفاعيل وجود الصديق احتلالاً". اضاف ديب "المطالبة بوضع لوحة هي لتخليد هذه اللحظة السياسية التي عم فيها الفرح والسعادة لبنان".
وفي السياق نفسه، قال النائب في "لبنان القوي" انطوان بانو "دعوة الوزير باسيل انطلقت من قناعة راسخة بأن الجيش السوري كان آنذاك جيش احتلال بسبب ترسبات الحرب التي خضناها ضده". اضاف "إلا انه لا بد من التأكيد من جديد على أن تحالفنا مع (الحزب) لا يعني اننا اتباعه، ومن هذا المنطلق، يمكننا ان نعبّر عن رأينا بكل حريّة وصراحة".
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي، المتخصص بشؤون "حزب الله"، قاسم قصير، انها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها تباين بين "التيار" والحزب، لافتاً إلى "ان الطرفين مرّا باختبارات اصعب من التي نحن بصددها اليوم وتجاوزاها من خلال قنوات التواصل المفتوحة دائما بينهما". واشار قصير في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، إلى "ان رغم حرص باسيل الكبير على علاقته بالحزب، إلا ان هناك حساسيات مسيحية وعونية لا يمكنه القفز فوقها ومنها موضوع الوجود السوري الذي لطالما اعتبره "التيار الوطني الحر" احتلالاً". اضاف "بالمقابل، يُظهر الحزب حرصاً كبيراً على عدم التعبير عن انزعاجه بالعلن والسعي لمعالجة الإشكالات بشكل مباشر وسريع من خلال المتابعة اليومية والقنوات المفتوحة بين الحزبين".

بولا اسطيح-الشرق الاوسط

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o