Nov 22, 2018 6:32 AM
مقالات

إستقلال..فاحتلال

احتفل لبنان اليوم بعيد استقلاله عن الفرنسيين، لكنه في المقابل لا يعرف من أين تأتيه الاحتلالات والتدخلات ونفوذ الدول.

22 تشرين الثاني 1943، استقلّ لبنان عن فرنسا، ذاك الاستقلال الذي لم تنجح الطبقات السياسية في تحصينه، بل بات لبنان مشرّعاً على العواصف الإقليمية والدولية.
لا شكّ أن دولة الاستقلال كانت طرية العود، لكن بعد 75 عاماً على تلك الذكرى، لم يعد جائزاً الاحتفال باستقلال عن دولة فيما احتلتنا بعدها دول عدّة.

ولا بدّ هنا من التذكير أنه بعد عام 1943 أتى الوجود الفلسطيني المسلّح الذي اجتاح لبنان، من ثمّ الاحتلال السوري الذي طال أمده، من دون أن ننسى الاحتلال الإسرائيلي الذي اجتاح بيروت في العام 1982، لذلك، بات السؤال الذي يُطرح "من سيحتلنا لاحقاً؟"أو بالأحرى "بمن سنستعين ليقبل أن يحتلنا؟"

بعيداً عن الكلام الشعري في هذه الذكرى، وبعيداً أيضاً عن محاولات جلد الذات، لا بدّ من التركيز على حقائق ناصعة وساطعة لا يُمكن تجاوزها، أولها موقع لبنان الجغرافي الذي يتوسّط دولتين تطمعان بلبنان وهما سوريا وإسرائيل، كما أن معظم الدول الإقليمية والغربية تريد أن يكون لديها موطئ قدم على المتوسط، وبالطبع فلبنان هو الخاصرة الرخوة التي يمكنها الدخول عبرها.

والحقيقة الثانية أيضاً هي أن في لبنان 18 طائفة، وهذه الطوائف هي مصدر غنىلكنها في المقابل مصدر فتنة حتى قبل قيام دولة لبنان الكبير، ولا بدّ من التذكير بفتنة 1841 و1860، لنعرف أن الكيان اللبناني بخطر دائم إن لم يحصّنه أبناؤه.
من جهة أخرى، لا يُمكن تخطي الواقع، فلبنان يقوم بجناحيه المسلم والمسيحي، فالأول، وبعد مرور 75 سنة على الاستقلال الأول ما زال يتقاتل، ولا يستطيع أحد إنكار أن الشيعي مرتبط عضوياً بإيران، فيما السني مرتبط بالسعودية ودول الخليج، وهذان المحوران يتصاراعان في المنطقة وينعكس ذلك سلباً على البلد.

أما الجناح المسيحي فما يزال يبحث عن دور لعبه بعد الاستقلال وخسره بسبب الحرب والهجمة عليه، وعلى رغم استعادته لبعض منه، إلا أنه ما زال ضائعاً يبحث عن الأمان، ولا بدّ من التذكير أن قسماً من المسيحيين تحالف مع المحور العربي، فيما القسم الآخر تحالف مع المحور الإيراني السوري، أي أنه انقسم ما بين السني والشيعي.

بعد 75 عاماً على الاستقلال ها هي فرنسا، التي يُفترض أن تكون دولة سجّلنا بطولات عليها، غاضبة منّا لأننا ندفع بالكيان التي شاركت في تأسيسه نحو الانهيار. قد يكون ذلك من سخرية القدر، إلا أن ما يحصل أن الرئيس إيمانيول ماكرون والسفير الفرنسي برونو فوشيه يبديان حرصهما على لبنان أكثر من معظم المسؤوليين اللبنانيين.

بات لبنان بعد 75 عاماً من الاستقلال على تقاطع الدول الكبرى مثل فرنسا، أميركا، بريطانيا، روسيا، والدول الإقليمية مثل إيران والسعودية، والجميع يتدخّل به ولديه نفوذ ورجالات فيه، ما يعني أن الاستقلال ما زال بعيد المنال.

عادل نخلة- الحدث

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o