Nov 21, 2018 7:07 AM
صحف

العقوبات تخنف ايران:فقدان مليون وظيفة!

اغلقت الشركة الإيرانية لتصنيع المشروبات الغازية (تامنوش) خط إنتاجها بعد 16 عاماً من التشغيل، وسرّحت عشرات العمال، إذ تواجه خسائر ضخمة بفعل العقوبات الأميركية التي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة فرزاد رشيدي: «أصبح جميع العاملين لدينا وعددهم 45 من دون عمل الآن، ويقود الرجال سيارات أجرة، وعادت النساء إلى رعاية منازلهن». وأظهرت عشرات المقابلات التي أجرتها وكالة «رويترز» مع مالكي الشركات في إيران، أن مئات الشركات علّقت الإنتاج وسرّحت آلاف العمّال، نظراً إلى مناخ أعمال غير موات، سببه الرئيس إعادة فرض العقوبات الأميركية.
وهبطت العملة الإيرانية الريال إلى مستويات قياسية متدنية، وتباطأ النشاط الاقتصادي بشدة، منذ انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي بين إيران وقوى عالمية كبرى. وفرض ترامب عقوبات على شراء الدولار وتجارة الذهب وصناعة السيارات في آب، وتضرر بشدة قطاعا النفط والمصارف الحيويان في إيران خلال الشهر الجاري.
وقال رشيدي: «خسرنا نحو 5 بلايين ريال (120 ألف دولار) في الشهور القليلة الماضية، لذلك قرر مجلس إدارة الشركة وقف كل الأنشطة طالما استمرت التقلبات في سوق العملة، فمن الحماقة الاستمرار في النشاط عندما نرى طريقاً مسدوداً».
وعانت إيران بالفعل من اضطرابات خطيرة خلال العام الحالي، في ظل اندلاع اشتباكات بين محتجين شباب مستائين من البطالة وارتفاع الأسعار، وقوات الأمن. ويتوقع مسؤولون احتمال وقوع اضطرابات جديدة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية بفعل العقوبات. وقبل 4 أيام من قيام البرلمان بإقصائه في آب الماضي لفشله في فعل ما يكفي لحماية سوق الوظائف من العقوبات، قال وزير العمل الإيراني علي ربيعي إن البلاد ستفقد مليون وظيفة بحلول نهاية العام الحالي، كنتيجة مباشرة للإجراءات الأميركية.
ووصل معدل البطالة بالفعل إلى 12.1 في المئة، مع عجز 3 ملايين إيراني عن إيجاد عمل. وحذر تقرير برلماني في أيلول الماضي من أن ارتفاع معدل البطالة قد يهدد استقرار البلد. وأضاف التقرير: «إذا كنا نعتقد أن الوضع الاقتصادي في إيران المحرك الرئيس للاحتجاجات الأخيرة، وأن معدل التضخم عند 10 في المئة والبطالة عند 12 في المئة أطلقا الاحتجاجات، لا نستطيع تخيل مدى شدة ردود الأفعال الناجمة عن ارتفاع حاد في معدلي التضخم والبطالة». وتابع: «إذا بقي النمو في إيران دون 5 في المئة في السنوات المقبلة، فإن معدل البطالة قد يصل إلى 26 في المئة».
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصاد إيران 1.5 في المئة خلال العام الحالي، و3.6 في المئة عام 2019، نظراً إلى تراجع إيرادات النفط.
المنتجون يكافحون
وحذر نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري من أن إيران تحت طائلة العقوبات تواجه خطرين رئيسين، هما البطالة وانخفاض القدرة الشرائية. ونقلت وسائل إعلام حكومية عن جهانجيري قوله: «يجب أن يحتل إيجاد الوظائف أولوية قصوى، لا يجب أن ندع شركات بناءة تسقط في براثن الركود بسبب العقوبات».
لكن أصحاب شركات أبلغوا «رويترز» أن من المستحيل الاستمرار في العمل نظراً إلى السياسات النقدية للحكومة، المتضاربة في بعض الأحيان، إضافة إلى التقلبات في سوق الصرف الأجنبي، وارتفاع أسعار المواد الخام، وصعود الفائدة على القروض من المصارف. وأصبح عدد كبير منهم عاجزاً عن دفع الأجور منذ أشهر، أو اضطر إلى تسريح عدد كبير من العمال.
وقال مدير لدى «جولفاكاران أراس»، وهي واحدة من أكبر شركات المنسوجات في إيران، إن الشركة تدرس وقف عملياتها، ومئات العاملين ربما يفقدون وظائفهم. وأضاف المدير، الذي طلب عدم نشر اسمه: «تم تسريح نحو 200 عامل في آب الماضي، وتفاقم الموقف منذ ذلك الحين، وهناك احتمال كبير بغلق المصنع».
وأبدى الرئيس التنفيذي لـ«تاكبلاست نور» أحمد روستا أمله في أن تجلب موجة جفاف في إيران دعماً لمصنعه المنشأ حديثاً، الذي ينتج أنابيب بلاستيكية تُستخدم في الزراعة. وقال بوستا: «سأنتظر شهراً أو شهرين، لكنني سأضطر إلى الإغلاق إذا بقي الوضع على ما هو عليه. المزارعون المستهلكون الرئيسون لمنتجاتنا، لكن لا يستطيعون تحمّل ثمنها».
وأثرت العقوبات في قطاع صناعة السيارات في إيران، الذي شهد ازدهاراً بعد رفع العقوبات منذ عامين، ووقع عقوداً كبيرة مع شركات فرنسية وألمانية. وعلقت مجموعة «بي أس إيه» الفرنسية لصناعة السيارات مشروعها المشترك في إيران في حزيران الماضي لتفادي عقوبات أميركية، بينما تخلت «دايملر» الألمانية لصناعة السيارات والشاحنات عن خطط لتوسعة أنشطتها هناك.
وألقى ناطق باسم رابطة منتجي الإطارات باللوم على «تغيير السياسات النقدية للحكومة على مدى الشهور الستة الماضية»، وتسببه في مشكلات للقطاع.
البطالة بين الشباب
وتقول واشنطن إن الضغوط الاقتصادية على طهران موجهة ضد الحكومة ووكلائها في المنطقة، وليس ضد الشعب الإيراني. ولكن الشباب الإيرانيين، الذين يعانون البطالة، هم الخاسر الأكبر. وقالت مريم، وهي مديرة علاقات عامة في شركة لاستيراد الأغذية فقدت وظيفتها الشهر الماضي: «ارتفعت الأسعار بدرجة كبيرة حتى أفقدتنا كثيراً من الزبائن، وفي نهاية المطاف قرر الرئيس التنفيذي تسريح عمّال، وبدأ بإدارتنا».
وبلغت البطالة بين الشباب 25 في المئة، في بلد 60 في المئة من سكانه، البالغ عددهم 80 مليون نسمة، تحت سن الثلاثين. وبحسب بيانات رسمية، فإن البطالة بين الشباب من حملة الشهادات العليا تجاوزت 50 في المئة في بعض المناطق.

"الحياة"

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o