Nov 15, 2018 7:28 AM
مقالات

لبنان تحت العقوبات والتشكيل لن يُقلل مخاطرها

 

تترقب الساحة الداخلية تطورات العقوبات الأميركية الجديدة على إيران و"حزب الله"، التي طالت في الساعات الماضية اشخاصاً ينتمون إلى الحلقة الضيّقة في قيادة الحزب، بينهم جواد نصر الله، نجل الأمين العام للحزب حسن نصر الله، وارتداداتها على الاقتصاد، مع سلوك هذه العقوبات منحى تصاعدياً، ينتظر ان تبدأ نتائجها بالظهور في الأسابيع المقبلة، في وقت تتخوّف فيه اوساط متابعة لمسار تلك العقوبات من عجز الدولة عن الحدّ من خطورتها وتأثيراتها على الوضعين الاقتصادي والنقدي المنهكين اصلاً، في غياب حكومة متوازنة وقادرة على مخاطبة الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي، لتجنيب مؤسسات الدولة والقطاع المصرفي نتائجها.

وإذا كانت الإجراءات التي تعتمدها المصارف حالياً تتماشى مع طبيعة العقوبات السابقة، فإن القرارات الأميركية الجديدة تتطلب مقاربة مختلفة بحسب مصادر مصرفية، وهذه المقاربة يفترض ان تعتمدها الحكومة لتتلاءم مع العقوبات الجديدة، وتؤكد المصادر المصرفية لـ"الشرق الأوسط"، "ان البنوك تواكب الآن المعايير الدولية بكل المجالات، لجهة مراقبة الودائع والتحويلات والمعلومات المتعلّقة بالنظام الإيراني، او بأشخاص ينتمون إلى "حزب الله" او مقرّبين منه، او لجهة تطبيق قوانين تبييض الأموال ومكافحة الإرهاب"، لكنها اوضحت انها "ستتابع ما يصدر عن مصرف لبنان من تعاميم وقرارات جديدة لتطبيقها بدقّة".

ويبدو ان محاولات التخفيف من انعكاسات العقوبات الأميركية المشددة، مرتبطة باستقرار الوضع السياسي، وفق توصيف الباحث في الشؤون الاستراتيجية رياض قهوجي، الذي اوضح "ان العقوبات الأميركية على إيران و"حزب الله" بدأت تطبّق بطريقة تصاعدية، وضمن قوانين متعددة، لكنها ذات اهداف واحدة". واكد لـ"الشرق الأوسط"، "ان الإدارة الأميركية ماضية في سياسة تجفيف المصادر المالية لـ"حزب الله" ولإيران المموّل الأساسي للحزب ولغيره من التنظيمات التي تدرجها واشنطن على قائمة الإرهاب". وقال قهوجي "العقوبات دخلت مساراً تصاعدياً، وكل يوم سنشهد إجراءات جديدة، واسماء جديدة تضم إلى اللائحة، وينتظر ان تبدأ تأثيراتها على إيران مع الوقت وليس في غضون يوم او يومين"، محذراً من "ان لبنان سيقع تحت مقصلة هذه العقوبات، كلّما اشتد الصراع الداخلي، وطالما لا توجد حكومة متوازنة يرأسها سعد الحريري، لكونه الوحيد القادر على تخفيف وطأة العقوبات على لبنان، والتقليل من مخاطر الانهيار الاقتصادي".

لكن مصدراً نيابياً شارك في اللقاءات التي عقدها وفد نيابي لبناني مع مسؤولين في الإدارة الأميركية، بهدف تجنيب القطاع المصرفي تداعيات العقوبات على "حزب الله"، رأى في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، "ان ما صدر في الساعات الأخيرة من عقوبات على قيادات في الحزب، يُشكّل اول الغيث لما هو اعظم". وبدا المصدر الذي تحفظ على ذكر اسمه غير متفائل بأن "يؤدي تشكيل الحكومة إلى التقليل من مخاطر العقوبات"، متخوفاً "ان يؤدي تشكيل الحكومة إلى ردّ فعل اميركي معاكس، خصوصاً إذا اعطي "حزب الله" حقائب وزارية اساسية مثل وزارة الصحة، لأن ذلك سيزيد من الأعباء على الحكومة وتركيبتها".

وبانتظار ظهور نتائج تلك العقوبات، اشار قهوجي إلى "ان حكومة يرأسها سعد الحريري قادرة على التقليل مع مخاطر العقوبات على المؤسسات الرسمية"، لكنه حذّر من "اي محاولة لتشكيل حكومة اللون الواحد، او حكومة تابعة لـ"حزب الله" في ظل الهجمة الأميركية ستكون تأثيراتها مدمّرة". اضاف "من يُفكّر بحكومة من هذا النوع يعني ان الأمور اتّجهت نحو انهيار المعادلة القائمة في لبنان، وهذا يعني ان "حزب الله" اختار وضع الأمور امام انهيار اقتصادي شامل". ولفت قهوجي إلى "ان وضع لبنان دقيق للغاية، وان العقوبات ستزيد من تعقيدات الوضع الداخلي، وكلّما اسرعت الأطراف إلى تشكيل حكومة معتدلة تحفظ التوازنات، كلّما خفف لبنان مخاطر تأثير العقوبات عن نفسه".

ومع دخول حزمة العقوبات الأميركية الجديدة على إيران حيّز التنفيذ، تبلغت الشركات النفطية اللبنانية في مطار بيروت الدولي، المعنية بتزويد الطائرات بالوقود، بعدم تعبئة الطائرات التابعة للخطوط الجوية الإيرانية بالنفط. ووقّعت الشركات على المذكّرة وابلغت موظفيها بتنفيذها والتقيّد بها.

من جهته، لفت الخبير الاقتصادي والمالي غازي وزنة، إلى "ان العقوبات الجديدة تطال افراداً ينتمون إلى "حزب الله" او مقربين من الحزب"، لكنه لفت في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، إلى "ان هذه العقوبات تصبح اكثر إيلاماً، إذا طالت مؤسسات تربوية وصحية واجتماعية تابعة للحزب، لأنها ستضيّق الخناق على الموظفين فيها، وعلى الذين يستفيدون من تقديماتها"، مستبعداً "ان تتأثر المصارف بها، لأنها تطبّق مضمون العقوبات بالتزام كلّي".

وشدد وزنة على "ان تأثير العقوبات على إيران في لبنان محدود بالنظر إلى عاملين. الأول ان التبادل التجاري بين لبنان وإيران محدود جداً ولا يتعدى 80 مليون دولار، والثاني ان العلاقات المالية بين إيران و"حزب الله" تجري نقداً، ومن خارج النظام المصرفي اللبناني"، مشيراً إلى "ان ابرز تجليات العقوبات ضدّ إيران يتمثّل في امتناع مطار رفيق الحريري الدولي عن تزويد الطائرات الإيرانية بالوقود، وتراجع العلاقات السياحية، لأن العقوبات ستطال رحلات السفر، لكون لبنان يتقيّد إلى اقصى الحدود بالمنظومة العالمية ولا يمكنه الخروج عنها".

يوسف دياب-الشرق الاوسط

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o