Nov 13, 2018 7:20 AM
مقالات

غضب نصرالله بين الاقليم والانزعاج من عون

تعددت القراءات للتصعيد الذي اتّسم به خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله السبت الماضي، وسط الانطباع العام بأن الخلاف السياسي على تشكيل الحكومة وتمثيل النواب السنّة الستة المنتمين إلى قوى 8 آذار سيأخذ بعداً يُعيد الوضع اللبناني الداخلي إلى حالة الانقسام الكبير الذي يهدد التسويات بين الفرقاء منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، فيما يرى فريق من محيط الأخير ان لا بد من بحث عن حل وسط للأزمة يحول دون تراجع الأوضاع ودون انعكاس الشلل السياسي على الوضع الاقتصادي والمالي.

ويعدد خصوم "حزب الله" جملة نقاط في تفسير تشدد الحزب منها:

1-على رغم نفي نصرالله اي خلفية إيرانية وسورية لموقف الحزب المتشدد في رده على رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، فإن اوساطا تقف في الصف المعارض للحزب تعتبر ان الغضب الذي عبّر عنه نصرالله لا ينفصل عن الضغوط التي تتعرض لها إيران بفعل العقوبات القاسية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب والتي يتأثر بها الحزب حكما، بموازاة العقوبات الجديدة التي فرضت عليه.

2-ان ورقة الحزب وإيران في اليمن تتعرض لضغط عسكري قوي عبر هجوم التحالف العربي على مدينة الحديدة الساحلية بهدف استرداد مينائها من الحوثيين، ما يضيق عليهم لجهة منافذهم على البحر.

3- انزعاج الحزب من معاني الحفاوة التي استقبل بها الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري في السعودية في 24 الشهر الماضي، في وقت يشتد الصراع بين المملكة وبين إيران ومعها الحزب حيث وضعت الرياض اسماء جديدة من قادته على لائحة الإرهاب. والذين يلفتون إلى هذا الحدث كعامل مؤثر في موقف الحزب رجحوا ان تكون قيادته ارتابت من ان الحريري عائد من السعودية من ضمن مناخ متشدد حيال الحزب بدعم سعودي إضافي.

4- وفي ما يخص العوامل الداخلية تتحدث هذه الأوساط عن انزعاج قيادة الحزب الشديدة من تضامن الرئيس عون مع الحريري في رفضه تمثيل سنّة 8 آذار، بحيث شعر بأن هناك من يلاقي الضغوط الخارجية عليه وعلى إيران، بدلا من ملاقاة الحزب في مواجهته لهذه الضغوط.

5-ان الحزب لم يكن يطرح توزير سنّة 8 آذار على الحريري بالتشدد الذي فعله عند التهيوء لتأليف الحكومة عشية 29 تشرين الأول، خصوصا ان الرئيس المكلف كان يبلغ الحزب حين يطرح الموضوع انه يرفض توزير هؤلاء، ولم يكن الجواب في اي مرة ان الحزب لن يعطي اسماء وزرائه إذا لم يضمن توزيرهم، إلا قبل يوم من التهيوء لإعلان الحكومة ما يؤشر إلى انه كان يبيت موقفه للحظة الأخيرة لتعطيل التأليف بهذه الحجة. ويذهب بعض المطلعين على اتصالات الحريري إلى القول ان في اللقاء الأخير بين الحريري وبين رئيس البرلمان نبيه بري (27 تشرين الأول) ابلغه الأول انه في انتظار جواب حزب "القوات اللبنانية" على العرض الذي قدم لها فإذا كان إيجابيا تعلن الحكومة بعد يوم او يومين، فرحب بري وقال له انه سيعطي اسماء وزرائه حين يدعوه رئيس الجمهورية إلى اللقاء التقليدي معهما، واكتفى بالسؤال عما إذا لحظ توزير اي من النواب السنّة الستة، فكرر الحريري جوابه المعروف بالرفض، وسأله احد المشاركين في الاجتماع هل المطلوب إضعاف الرئيس الحريري اكثر بعد التضحيات التي قدمها فكان جوابه "انا لا اقبل إضعافه ابداً".

ويلفت البعض إلى ان بري لم يسلم من تلميحات نصرالله الانتقادية على رغم تبنّي الأخير مطلب توزيرهم، حين قال اكثر من مرة "اننا تواضعنا كثيراً" ملمحاً إلى ان رئيس البرلمان لم يواكب إصرار الحزب على تمثيل السنّة كما يأمل.

والذين يركزون على العوامل الإقليمية التي حرّكت غضب نصرالله، يرون ان الحزب يفضّل إبقاء الصراع محليا في سياسته تعطيل قيام الحكومة، لأن الذين ينسبون الأسباب الإقليمية هدفهم تأليب الرأي العام عليه.

إلا ان بعض من سمع من قيادة الحزب ومحيطه جزءاً من خلفيات موقف نصرالله سواء قبل خطابه ام بعده، يعددون عوامل تشدده مع نفي العامل الإقليمي، كالآتي:

1-هناك انزعاج من ان الحريري لم يأخذ بجدية مطلب الحزب ضرورة الأخذ في الاعتبار تمثيل سنّة 8 آذار الذي طرح عليه منذ البداية، وانه في كل مرة كان يستبعده او يعطي جوابا غامضا كان الحزب يؤكد تمسكه به.

2-انزعاج الحزب من مخاطبة الحريري له علنا في مقابلته التلفزيونية مطلع الشهر الماضي في شأن تولي محاذير تولي وزير منه حقيبة الصحة، بحجة تأثير العقوبات الأميركية ضده، بعدما كان وعد قيادته في الاتصالات البعيدة من الأضواء منذ اشهر، بها. وتشير الأوساط التي تنقل هذا الانزعاج إلى ان الحزب وجد ان الحريري يساير العقوبات الأميركية وانه يتراجع في وقت متأخر عن الوعد على رغم علمه منذ مدة برفض واشنطن توليه الصحة.

3-ان امتعاض الحزب من تضامن عون مع الحريري عبّر عنه نصرالله بسرده وقائع مطالبته من البداية بتوزير سنّة 8 آذار، ورئيس "التيار الوطني الحر" بالصورة الجدية، رداً على قول الرئيس عون ان اشتراط الحزب توزير احدهم كان "مفاجأة"، وانه "خطأ بالتكتكة".

وذكرت مصادر مطلعة ان عون استدرك الأمر حين كلّف باسيل التواصل مع الحزب من اجل البحث بالمخارج للأزمة.

4-اثار حديث الوزير باسيل عن "العقدة السنية- الشيعية" حفيظة الحزب في ظل البيانات التي صدرت عن مراجع سنّية، تلمح إلى تعطيل الحزب قيام الحكومة، في وقت يجهد ومعه الرئيس بري، للإبقاء على الصراع سنّياً- سنّياّ. وهو ما ابلغه إلى باسيل حين التقاه ليل الجمعة الماضي، ثم قال علنا في خطابه انه ابلغ باسيل ان "لا يأتي احد ليفاوض "حزب الله" ولا يتحدث احد مع "حزب الله"، القرار عند الإخوان النواب السنّة الستة المستقلين". وافاد غير مصدر "الحياة" بأن الحزب اشترط ان يستقبل عون هؤلاء، قبل ان يتسقبل نصرالله باسيل، ليبلغه عتبه ويصر على حل المشكلة مع النواب الستة.

وتشير المصادر إلى ان الحزب لم يكن مرتاحا الى التعليقات التي ظهرت في بعض الأوساط المسيحية حتى في جمهور "التيار الحر" وبعض كوادره، متهمة إياه بتعطيل الحكومة.

وليد شقير-الحياة

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o