Nov 12, 2018 3:18 PM
خاص

"الجيش الاوروبي" غير قابل للتطبيق.. يُضعف واشنطن ويقوّي بوتين
نادر: المصالح الفرنسية-الاميركية أقوى من التباينات الايديولوجية

 المركزية- كشفت الرسالة الضمنية التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى نظيره الاميركي دونالد ترامب خلال احتفال الذكرى المئوية للحرب العالمية الاولى في باريس، عندما قال إن "القومية هي خيانة للوطنية" عمق التباين بينهما، فالرئيس الشاب الذي يخوض "حربا" أوروبية ضد التيارات المتشددة التي تعمل على عزل القارة العجوز عن محيطها، يواصل الترويج لنظرته لمستقبل العلاقات الدولية التي تقوم بشكل اساس على التعددية والتعاون بين الامم لتحقيق السلام والتصدي للارهاب. من هنا كان الاصطدام مع ترامب مع كل ما يمثله من انعكاس للتيار اليميني المتشدد أمرا لا مفر منه. التباين بين الرئيسين يتعمق ليشمل ملفات دولية عدة، لعلّ أبرزها طرح ماكرون انشاء جيش أوروبي يعزز استقلال القارة ويحررها من قبضة بلاد العم سام، فضلا عن المقاربة المتناقضة لملفات البيئة والنووي الإيراني والعلاقات التجارية، والمعاهدات الامنية، وكيفية تسيير شؤون العالم (ماكرون ينتقد "دبلوماسية تويتر" التي ينتهجها ترامب). لكن رغم كل تلك الاختلافات، يحرص الزعيمان على العمل سويا في الملفات المشتركة، لا سيما تلك المتعلقة بالصراع مع روسيا، والحربين السورية واليمنية، والموقف من الصواريخ البالستية الايرانية، والعلاقة الوطيدة مع دول الخليج.

المحلل السياسي سامي نادر أشار عبر "المركزية" الى أن "هناك اختلافا عقائديا بين الرئيسين الفرنسي والاميركي،  فترامب يؤمن بالعقيدة الانعزالية في العلاقات الدولية، الامر الذي يتعارض مع سياسة الرئيس ماكرون القادم من فكر اشتراكي متعدد ووسطي وخاض معركته الرئاسية في مواجهة اليمين الفرنسي المتطرف المتثمل بزعيمة حزب "الجبهة الوطنية" مارين لوبين"(أعلن ترامب دعمه لها في الانتخابات)".

واعتبر أن "أميركا الموكلة بالدفاع عن أوروبا، لن تتقبل فكرة انشاء جيش أوروبي، إذ ليس من مصلحتها ان تخسر موقعها في المنظومة الدفاعية العالمية، الامر الذي سيهدد مركزها الريادي على الساحة الدولية"، مشيرا الى أن "موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المرحب بإنشاء جيش أوروبي يأتي من باب العمل على تعميق التباين بين واشنطن وباريس، الى جانب دعم الحركات القومية، كونه سيكون المستفيد الاول، في إطار سياسته لإضعاف الاتحاد الاورروبي".

وقال إن "طرح إنشاء جيش أوروبي غير قابل للتطبيق أقله في المدى المنظور، في ظل التباينات القائمة بين الدول الاوروبية، نذكر منها إيطاليا، اسبانيا، وبريطانيا، التي تشهد موجات شعبية مناهضة للاتحاد. من هنا يطرح السؤال من هو عدو الاتحاد الاوروبي، والجيش سيكون بمواجهة من؟"

وأشار الى أن "الحلف الاميركي-الاوروبي، لا يزال قائما، رغم كل التخبطات، صحيح أنه مهدد بفعل صعود التيارات القومية ووصول ترامب الى البيت الابيض، ولكن طالما لا إمكانية لطرح بدائل جدية أقله خلال العقدين المقبلين، ستبقى أوروبا مرتبطة بأميركا، فالمصالح أعمق من الفوارق، والتاريخ يشهد على ذلك"، مضيفا أن "الخطر الذي تشكله الصين على موقع الولايات المتحدة الاميركية في النظام الدولي، يفرض على ترامب بقاءه في حلف كهذا (رغم معارضته له)، فواشنطن بحاجة لتفعيل الشراكة مع الاوروبيين للابقاء على هيمنتها الدولية".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o