Sep 24, 2018 6:47 AM
مقالات

بري: الحمد لله.. بعدنا طيبين

مع التئام المجلس النيابي في جلسة "دسمة"، تمتد على يومين (الاثنين والثلثاء)، يكون الرئيس نبيه بري قد استطاع حماية المجلس الجديد من خطر الإصابة بـ"الشلل المبكر"، عبر استخدام "لقاح" تشريع الضرورة الذي من شأنه أن يعزّز مناعة السلطة التشريعية ويحصّنها ضد فيروس "الشغور الحكومي" المتمادي.

يبقى ان تنجح الجلسة في الاستجابة لمتطلبات الدولة ومحاكاة قضايا الناس عبر إقرار القوانين الضرورية، علماً ان النواب، خصوصاً الجدد منهم، سيكونون امام اختبار إثبات الأهلية والحضور، مع الأمل في الا تطول فترة "الروداج" التي قد يحتاج اليها بعضهم.

اما الرئيس بري فلا يخفي ارتياحه الى "المؤشرات الأولية" التي التقطها حتى الآن، وهو يقول لـ"الجمهورية" ان المجلس النيابي الذي يضم نحو 79 نائباً جديداً يبدو مبشّراً بالخير على صعيد النشاط والإنتاجية، ملاحظاً ان هناك حضوراً كثيفاً في المطبخ التشريعي المتمثل في اللجان النيابية، خلافاً لما كان يحصل في الماضي.

ويضيف "في السابق كانت قلّة فقط تحضر اجتماعات اللجان، وكنا نقوم بـ"التنقيب" عن النواب ونحثّهم على المشاركة، اما الآن فإن جلسات اللجان تزدحم بالنواب والمقاعد تمتلئ الى حد الاكتظاظ، ما يعكس حماسة للعمل، واتمنى ان يستمرّ هذا الزخم طيلة مدة الولاية.

ويوضح بري انه سيكثف لاحقاً وتيرة الجلسات العامة من اجل البتّ في كل مشاريع واقتراحات القوانين التي تكون جاهزة، متطلّعاً الى ان يستعيد المجلس النيابي الحالي "اللياقة التشريعية" العالية التي سبق أن تحلّى بها مجلسُ عام 1992، ومشيراً الى انه بصدد الدعوة الى عقد جلسة اخرى في منتصف الشهر المقبل.

والى جانب حرصه على رفع منسوب الإنتاجية، يؤكد بري انه سيدفع ايضاً في اتّجاه تفعيل الدور الرقابي للمجلس النيابي، قائلاً "بعدما تتشكّل الحكومة، سأمنحها بعض الوقت حتى تنطلق ونختبر اداءَها وقدرتها على الإنجاز، لكن مهلة السماح لن تطول، وانا ساقف بالمرصاد لكل خلل في سلوكها، وبالتالي متى لمستُ ان هناك اخطاء او تقصيراً في عملها، لن اتردد في إخضاعها الى المساءلة والمحاسبة امام المجلس. لا مسايرة او مراعاة بعد اليوم، لأن مصالح الدولة وحقوق الناس فوق كل اعتبار، والمجلس سيكون حازماً في ممارسة الرقابة على السلطة التنفيذية، وانا اعني ما اقول، ومَن لا يصدّقني عليه ان يجرّبني.

وحين يُسأل بري عن تعليقه على الدراسة التي اظهرت ان لبنان هو الاول في عدد مرضى السرطان على مستوى العالم العربي، يجيب "الحمد لله أننا "بعدنا طيبين" في بلد تجتاحه مصادر التلوّث والفوضى على نطاق واسع. يكفي ان تنظر مِن حولك حتى تكتشف حجم المصيبة التي نواجهها. المياه إما مقطوعة وإما ملوّثة بما فيها تلك التي تُستخدم لري المزروعات وهذه جريمة كبرى. البيئة مهددة بأشكال مختلفة من النفايات الى غيرها. أزمة الكهرباء مستفحلة وهناك مَن يصرّ على مواصلة سياسة الهروب الى الامام عبر البواخر وأنا أشكر الله أننا لم نتورّط في الباخرة "إسراء" التي ثبت عدم جدواها. 39 قانوناً جرى إقرارها لا تُنفّذ بسبب المزاجية والاستنسابية. مجالس الإدارة في مؤسسات رسمية لا تُعيَّن لأن بعض الوزراء يريد أن يبقى مستحوذاً على السطوة والنفوذ. المطار تباغته الازمات لأن ما أُقر في شأنه لم يُطبّق. وغيرها من الامور التي تعكس الواقع المهترئ والمترهّل الذي وصلنا اليه، ومع ذلك كله، يستمر التأخير في تشكيل الحكومة نتيجة التجاذب حول الحصص بدل أن تشكل الحاجة الى معالجة تلك الملفات الملحّة حافزاً للإسراع في التأليف.

ويستغرب رئيس المجلس كيف "ان الجميع في لبنان من دون استثناء يشكون من الفساد ويهاجمونه بينما هو لا يزال يستشري ويتمدّد، متسائلاً باستهجان: اين هم الفاسدون والمرتكبون؟ هل هم اشباح غير مرئية؟

ورداً على سؤال عمّا إذا كان هناك من جديد في ملف النزاع النفطي والبحري بين لبنان والكيان الاسرائيلي، يوضح بري انه ناقش هذه القضية مع مدير مكتب التحقيقات الأميركية "اف.بي.اي" عندما زاره اخيراً في عين التينة، مستفسراً منه حول إمكان ان يؤدي دوراً ما في هذا المجال، بعدما اخفق الموفدون الأميركيون الآخرون في مهماتهم السابقة، بسبب انحياز معظمهم الى جانب تل أبيب.

ويستعيد بري ما جرى بينه وبين ديفيد ساترفيلد في احد الاجتماعات في عين التينة، حيث قال له المسؤول الاميركي في معرض التفاوض حول عرض قدّمه: «take it or leave it». ويضيف بري مبتسماً "قلت في نفسي حينها "ما عرف مع مين علق"، ثم اجبته بحدة: «leave it»

وعندما يٌسأل رئيس المجلس عن رأيه في مواقف المسؤولين الإسرائيليين الذين ردّوا على الخطاب الاخير للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، يصمت لبرهة، ثمّ يقول: هؤلاء ليسوا سوى رؤساء عصابات.. ماذا تنتظرون منهم؟

عماد مرمل-الجمهورية

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o