بين "صيرفة" و"بلومبورغ": حلّ مؤجَّل لانهيار عالِق!
ميريام بلعة
المركزية- لم يسلم البيان الصادر عن وزارة المال حول "وجوب التصريح وتسديد الضريبة على الأرباح المُحَققة نتيجة القيام بعمليات على منصّة "صيرفة" بموجب أحكام المادة 93 من قانون الموازنة العامة للعام 2024، وذلك في مهلة أقصاها 30/9/2024"، من تعليق أحد خبراء المال لـ"المركزية".
إذ يقول "إحياءً لذاكرة السلطة السياسية، وتحديداً المالية، لا بدّ من التذكير بأنه حين قرّر مصرف لبنان قبل انتهاء ولاية الحاكم السابق رياض سلامة، وقف العمل بمنصّة "صيرفة" انبرت السلطة السياسية للضغط على البنك المركزي لإحجامه عن مثل هذا القرار، وطلبت منه الإبقاء على "صيرفة" رحمةً بموظفي القطاع العام والأسلاك العسكرية خصوصاً كي يستمروا في الاستفادة من بعض الدولارات الإضافية على رواتبهم ومعاشاتهم المحدودة، ورأفةً بجميع المواطنين من دون استثناء الذين وقعوا ضحية انهيار الليرة وانهيار الاقتصاد برمّته"... فكان أن استجاب "المركزي" لطلبها!
من هنا، يستغرب المصدر "كيف تلجأ وزارة المال إلى فرض هذه الضريبة بعد الضغط السياسي في اتجاه الإبقاء على عمل "صيرفة" بين 2021 و2023؟!".
القطاع الخاص التزم ووفى...
ولكن، تلبيةً للبند المُدرَج في موازنة العام 2024 حول هذه الضريبة وتجاوباً مع بيان وزارة المال، التزمت شركات ومؤسسات القطاع الخاص بتسديد الضريبة على الأرباح التي حققتها من منصّة "صيرفة"، ومن بينها شركات استيراد الأدوية...
إذ يؤكد رئيس نقابة مستوردي الأدوية جوزف غريّب لـ"المركزية"، "تسديد كامل الضريبة التي توجّبت على شركات استيراد الدواء جراء الاستفادة من منصّة "صيرفة"، وبالتالي لم يعد هناك من مستحقات في ذمّتها لوزارة المال حيال هذه الضريبة، وقد أتمّت ذلك منذ صدور القرار في موازنة العام 2024".
كذلك بالنسبة إلى شركات استيراد النفط... ويكشف رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس لـ"المركزية" في هذا السياق، أن الشركات استفادت من منصّة "صيرفة" في عمليات شراء لوازمها المكتبية كالمفروشات وغيرها من المستلزمات الأخرى، لأن مثل هذه العمليات كانت مفتوحة للجميع من دون استثناء".
إنما يؤكد شماس أن "الشركات المستوردة للنفط لم تستفِد إطلاقاً من عمولات "صيرفة" في عمليات استيراد شحنات النفط.. وهنا النقطة الأهمّ والتي على جميع اللبنانيين معرفتها".
ويُشير في هذا السياق، إلى أن "الشركات لن تتأخّر في تقييم العمولات التي حققتها من "صيرفة" جراء عمليات الشراء اللوجستية والمكتبيّة المذكورة، لتسديد الضريبة المتوجبة عليها لوزارة المال، وهي لن تتردّد في تسديدها إطلاقاً".
أين منصّة "بلومبورغ"؟!
ليس بعيداً، من الجدير ذكره أن منصّة "صيرفة" أُنشئت في أيار عام 2021 بعد 18 شهراً على بداية الانهيار الاقتصادي في لبنان.
وفي أيلول 2023 أعلن حاكم مصرف لبنان المركزي بالإنابة وسيم منصوري قرار إنهاء عهد "صيرفة" التي أُوقِف العمل بها منذ آب 2023، بعدما مثّلت، بحسب ما ذكر البنك الدولي، "أداة نقدية غير مؤاتية أدّت إلى ارتفاعات قصيرة الأجل في سعر صرف الليرة على حساب الاحتياطي والوضع المالي لمصرف لبنان، لا سيما في غياب سعر صرف وإطار نقدي جديدين".
وبعد مباحثات ما بين "بلومبرغ" و"ريفينيتيف" حسم المصرف المركزي خياره، وطلب من مجلس الوزراء وضع إنشاء منصّة تداول دولية على جدول أعمال جلسته المقبلة.
وفي 7 أيلول 2023 أقرّت الحكومة اللبنانية منصّة "بلومبرغ" كبديل عن منصة "صيرفة" للحصول على الدولارات مقابل الليرة اللبنانية، لتشكّل منصَّة بدل الضائع بين الانهيار والحل المؤجَّل... مع الإشارة إلى أن منصّة "بلومبرغ" هي نظام برمجي مصمّم خصيصاً لمكاتب التداول والأسواق المالية، حيث يمكن لمستخدِميها إجراء التداولات ومراقبة بيانات السوق المالية في الوقت ذاته.
أسباب تقنيّة تعوق إطلاقها؟
لكن السؤال المطروح اليوم، لماذا لم تُبصر منصّة "بلومبورغ" النور حتى اليوم، بعد وعود متكرّرة بإطلاقها قُطِعَت فور مصادقة مجلس الوزراء على إنشائها؟
"التأخير يعود إلى أسباب تقنية"، يقول مصدر مالي لـ"المركزية" مستشهداً بالتبرير الرسمي الذي أعلنه البنك المركزي، ونتجت هذه المعوقات التقنية عن "تداعيات حرب غزة التي أدّت إلى تعذّر وصول وفد "بلومبورغ" إلى لبنان من جهة، ومن جهةٍ أخرى صعوبة دخول المستفيدين المحتمَلين منها إلى المناطق الجنوبية حيث أقفلت نحو عشرة مصارف موزّعة في تلك البقعة اللبنانية بفعل الغارات الإسرائيلية" وفق المصدر.
.. في انتظار نجاح التوصّل إلى هدنة في غزة وانعكاسها سلاماً على جنوب لبنان، هل ستشهد الساحة النقدية والمالية الداخلية إطلاق منصّة "بلومبورغ" وتحقيق عامل الشفافية في التبادلات المالية في ظل اقتصاد موازٍ فاقع؟ أم سيحقق البنك المركزي هذه النتائج في وسائل حلّ أخرى قد يجدها في تعزيز احتياطيه بالعملات الأجنبية؟!