"الممانعة" تردّ باختراق أمني "مضبوط" لاسرائيل...ايران تتجنب الحرب
نجوى ابي حيدر
المركزية- في موازاة الضغط الاميركي على طهران وتل ابيب لمنع توسع رقعة الحرب الشاملة في المنطقة وكبح جماح رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو في اتجاه اشعال الاقليم لتغطية فشله واشاحة النظر عن اقترافاته وجرائم الحرب التي يرتكبها، تتحرك دبلوماسيات العالم الرافضة للحرب لا سيما تلك المهتمة بلبنان، وفي طليعتها فرنسا لتجنيبه الانفجارولادراكها التام بمدى عجزه عن مواجهة من العيار الثقيل فيما يقبع تحت سبحة أزمات على المستويات كافة تجعله اعجز من تحمل تبعات وتداعيات حرب تشنها عليه اسرائيل.
يوم امس، أعلنت دوائر الإليزيه، التي توفد الى بيروت وزير خارجيتها ستيفان سيجورنيه للطلب من المسؤولين الضغط على حزب الله ومنعه من تفجير لبنان بمن فيه، "أنّ رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون كرر إثر مكالمة هاتفية مع ملك الأردن عبدالله الثاني التزام فرنسا بـ"المساهمة في نزع فتيل التصعيد على الصعيد الدبلوماسي، وخصوصا على الخط الأزرق بين لبنان واسرائيل". ودعا الملك والرئيس الى تجنب تصعيد عسكري في الشرق الأوسط "بأي ثمن"، في ظل تصاعد التوتر بين اسرائيل من جهة وايران وحزب الله من جهة أخرى. وفي الاثناء توجه وزير خارجية الاردني ايمن الصفدي، في زيارة نادرة، الى ايران. واذ نفى نقل رسائل بين طهران وتل ابيب ، قال " أنا هنا اليوم للتشاور حول التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة، وكلفني جلالة الملك أن ألبي الدعوة إلى طهران، لندخل في حديث أخوي واضح وصريح حول تجاوز الخلافات ما بين البلدين بصراحة وشفافية بما يحمي مصالح كل من بلدينا، ويضعنا على طريق نحو بناء علاقات طيبة وأخوية قائمة على احترام الآخر، وعدم التدخل في شؤونه، والإسهام في بناء منطقة يعمها الأمن والسلام". واكد " بدأنا حوارًا معمقًا نستكمله الآن، في إطار التشاور حول كيف يكون موقفنا واضحًا في إدانة ما ارتكب من جريمة، وفي التأكيد على ضرورة احترام سيادة إيران والقانون الدولي، وبنفس الوقت يحمي منطقتنا من تبعات كارثية".
الاتصالات اذا في ذروتها للجم الاندفاعة القوية نحو الحرب والضغوط على اشدّها ، لا سيما على الجمهورية الاسلامية لضبط ردّها المُحتّم على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في قلب العاصمة ، ومثله حصر رد حزب الله على اغتيال مسؤوله العسكري فؤاد شكر في الزمان والمكان وضبط الردين على ايقاع خطورة الأوضاع في المنطقة لعدم اشعال فتيل انفجارها وقطع الطريق على نتنياهو لجرّ الجميع نحو حرب ستكون شبه عالمية بين محورين في ما لو وقعت. وفي رصد لمواقف الخارجية الايرانية في اعقاب الحراك الدولي والاتصالات المكثفة مع طهران يمكن توقع استجابة نوعية للرغبة الدولية بعدم تنفيذ رد متفلت يشعل الحرب، اذ اكدت اليوم اننا " لا نسعى إلى زيادة التوتر في المنطقة وقد وظفنا جهودنا الدبلوماسية لوقف الحرب وردنا على "الكيان الصهيوني" سيكون في إطار القوانين والأعراف الدولية". وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في مؤتمر صحافي ان "ايران لا تسعى إلى تصعيد التوتر في المنطقة، وقد بذلت كل جهودها لوقف آلة الحرب الإسرائيلية واستعادة الاستقرار في المنطقة". من جهته، أكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني إبراهيم عزيزي إن "إجراءاتنا في الرد على العصابة الصهيونية ستؤمن أمن المنطقة واستقرارها وتأتي في هذا السياق".
استنادا الى المعطيات المتجمعة في الافقين الاقليمي والدولي والمواقف الايرانية هذه، تتوقع مصادر دبلوماسية متابعة للأوضاع عبر "المركزية" ان يأتي الرد الثنائي " المُنَسّق" على شكل اختراق أمني مؤلم في العمق الاسرائيلي، لكنه يبقى مضبوطاً ولا يسمح بانفجار المنطقة برمتها، مع الاخذ في الاعتبار البروباغندا التي ترافق الرد من جانب اعلام المحور لتصويره بما يتناسب وحجم الفعل الاسرائيلي.
وتعرب عن اعتقادها ان ارتفاع منسوب التهويل من مختلف الاطراف، بما فيها الدعوات الموجهة من الدول لرعاياها لمغادرة المنطقة فورا والتحذير من حرب عالمية سيخرج منها الجميع خاسرا، هي من باب الضغط على اسرائيل وايران وحزب الله في آن للتفكير ملياَ في ما يمكن ان يجنوا من حرب ستعود عليهم بالكوارث، وغزة نموذج حيّ.
فهل تنصاع طهران للضغوط وتُحكّم العقل وتتجاوز "الكفّ الاسرائيلي المؤلم بالتي هي أحسن" فتجنب المنطقة حريقا سيأكل الاخضر واليابس وتخرج منه آكبر الخاسرين، وتذهب بعد الرد المضبوط الى التسوية الكبرى مقابل نيل مكاسب معينة، أم ترفع شعار "عليَّ وعلى اعدائي؟....التوقعات تنحو في اتجاه الخيار الاول، وأولى مؤشراته تطبيق القرار 1701، تختم المصادر.