Jul 16, 2018 5:34 PM
اقتصاد

"الكلام عن خطـر يصيـب سعر صرف الليرة لا يسـتند إلـى أسس رقميـة"
سلامة أمام وفد نقابة الصحافة: ليس هناك انهيار بل المطلوب حسـن الإدارة
لا ندير ظهرنا لأزمة القـروض الإسكانة بل العملية تحتاج إلـــى انضباط

 المركزية – اغتنم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لقاءه مع نقابة الصحافة اللبنانية، للدفاع عن سياسة تثبيت سعر صرف الليرة، مؤكداً أن "أي تغيّر في سعر صرف الليرة أو إضعافها يلحق الفقر بالمواطنين، من دون تحقيق مكاسب اقتصادية في المقابل"، موضحاً أن "مصرف لبنان يعمل دائمًا ليكون لديه احتياطات بالدولار الاميركي، لذلك لا يكون استقرار صرف الليرة شعاراً، إنما مبنيّ على وقائع وأرقام". وشدد على أن "كل الكلام عن خطر يصيب سعر صرف الليرة، هو كلام لا يستند الى أسس رقمية،" وأكد "من دون أي مسايرة، إن الليرة اللبنانية ثابتة، وثابتة باستمرار". وأعلن أن "لبنان يستطيع تمويل نفسه ولكن بكلفة أعلى، وليس هناك انهيار، بل المطلوب حسن الإدارة لمصلحة لبنان".

ولفت سلامة إلى أن "القطاع المصرفي اللبناني متين ومستوفٍ كل الشروط الموضوعة في مؤتمر "بازل 3"، وقد طبقنا معايير المحاسبة الدولية كلياً، ولدينا سيولة مالية مرتفعة، ما يعني ان لدينا مؤسسات مالية سليمة، والنظام المالي عندنا لا يعاني من قلة سيولة أو مخاطر مالية معينة"، لافتاً إلا أن سياسة البنك المركزي واضحة "ولن نُقدم على إفلاس مصارف، وهذه السياسة مدعومة بقرار رسمي". وعن أزمة القروض الإسكانية قال سلامة "مصرف لبنان لا "يدير ظهره" لهذا الموضوع، بل هو موجود ولكن عليه أن يكون منطقياً مع نفسه ومع حماية الصورة المالية الأكبر. فالعملية تحتاج الى انضباط في هذا القطاع ومقاربة واقعية اكثر من ناحية الفوائد".

وقائع اللقاء: وكان وفد من نقابة الصحافة زار الحاكم سلامة في مكتبه في المقرّ الرئيسي لمصرف لبنان، وضمّ النقيب عوني الكعكي وفيليب أبي عقل وجورج صولاج وجورج بشير، وجرى عرض الأوضاع المالية والاقتصادية.

بداية ألقى الكعكي كلمة قال فيها: نعتزّ بشخصية تعمل على الحفاظ على البلد، وفخر لكل لبنان ان يكون عندنا رياض سلامة الذي قُرع له الجرس في "وول ستريت". واليوم نحن في أصعب المراحل، والجميع في انتظار رأيكم للاطمئنان الى الوضع العام.

وردّ سلامة بالقول: شكراً لأنكم تنقلون الى الرأي العام نظرتنا العلمية والموضوعية، فنحن لا ندخل في أي طرح لا يكون مدعّماً بالأرقام والوقائع. لبنان مرّ خلال السنوات الاخيرة بظروف دقيقة، لا سيما منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري ثم حرب تموز 2006 والازمة الاقتصادية العالمية، ونعرف ان كل ذلك ترك تراكمات لا يمكننا تجاهلها، أثرت على الاقتصاد اللبناني والوضع المالي. وهناك وضع عالمي متأثر بالوضع في المنطقة، ولبنان يتحمل نتائجه من خلال قوانين العقوبات التي صدرت، وكلكم تعرفونها.

وتابع: أمام كل هذا الواقع، مهمة مصرف لبنان هي الحفاظ على استقرار صرف الليرة واستقرار التسليف وسلامة القطاع المصرفي والمساهمة في ملاءة الدولة. وتعرفون ان 69% من الودائع في المصارف اللبنانية هي بالعملات الاجنبية وأساساً بالدولار. والجزء الاكبر من التسليفات أي 80% بالعملات الاجنبية. ولا يمكننا عندما نقوم بمقاربة الاوضاع المالية والاقتصادية أن نتجاهل التاريخ، لان هذه الامور تؤثر على معنويات المستثمر والمستهلك. والبنك المركزي عندما يضع سياساته واهدافه يرتكز على الواقع اللبناني، والواقع النقدي ليس معزولاً عن الوضع العام للبلد.

أضاف: الاقتصاد اللبناني يموَّل بعملة غير العملة اللبنانية، والمقاربة التي يقوم بها مصرف لبنان للمحافظة على الاستقرار النقدي يجب أخذها في الاعتبار. فكل من يتكلم عن تصحيح يجب أن يعرف أنني مهما قمت بتصحيحات في موضوع النقد، اذا لم نستطع استقطاب دولارات الى لبنان فلن نستطيع الوصول الى الغاية المرجوّة، أي أننا سنصل الى وضع لن نغيّر شيئا في كلفة الانتاج في البلد لانها مدولرة. وسترتفع الفوائد لان المخاطر زادت، ويكون الوضع الاقتصادي ازداد سوءاً ولم نكتسب شيئاً. فحسابات الجميع بالدولار الأميركي، إن لجهة الرواتب أو المصاريف والأكلاف، وكذلك تسعير المبيع بالدولار.

وقال: أمام هذا المشهد، هناك مطلب وطني ورسمي يؤيّده مصرف لبنان للمحافظة على استقرار سعر صرف الليرة، لان معظم اللبنانيين مداخيلهم بالليرة اللبنانية، وأي تغيّر في سعر صرف الليرة أو إضعافها يُفقر هؤلاء المواطنين، من دون تحقيق مكاسب اقتصادية في المقابل. ومصرف لبنان يعمل دائمًا ليكون لديه احتياطات بالدولار الاميركي، لذلك لا يكون استقرار صرف الليرة شعاراً، إنما مبنيّ على وقائع وأرقام.

وأشار الى أن "البنك المركزي يملك 44 مليار دولار موجودات بالعملات الاجنبية، والسوق اللبنانية لا تلحظ عملات لبنانية، إذا أردنا تحويلها كلها الى الدولار فموجودات المصارف اللبنانية كلها بالليرة اللبنانية حتى 2020 لا تتعدى 15 الى 16 مليار دولار. لذلك ترون في هذه المعادلة أن مصرف لبنان متحكّم بسعر صرف الليرة، وكل الكلام عن خطر يصيب سعر صرف الليرة، هو كلام لا يستند الى أسس رقمية، ومن هنا أكرر القول، من دون أي مسايرة، إن الليرة اللبنانية ثابتة، وثابتة باستمرار. نحن لا نتكلم عن شيء غير مدعّم بالأرقام، والذين يتكلمون عن انهيار الليرة أو التراجع في سعر الصرف على ماذا يرتكزون؟

ارتفاع الفوائد عالمياً: وأوضح أن "مقاربة مصرف لبنان للأوضاع النقدية تستند الى نمط السوق أيضاً، وقد ارتفعت الفوائد في لبنان لكن بشكل مقبول، ولم يكن ممكناً تجنّب ذلك لأنها ارتفعت عالمياً وفي المنطقة كلها. وإذا أراد لبنان تجاهل ذلك والوقوف ضد هذا الجوّ، يخسر جاذبيته في استقطاب الودائع"، وقال: كل المؤسسات الدولية اليوم تؤيّد هذه المقاربة لانها تعتبر أن عنصر القوة هو الاستقطاب، ونحن لدينا قطاع مصرفي متين ومستوفٍ كل الشروط الموضوعة في مؤتمر "بازل 3"، وقد طبقنا معايير المحاسبة الدولية كلياً، ولدينا سيولة مالية مرتفعة، ما يعني ان لدينا مؤسسات مالية سليمة، والنظام المالي عندنا لا يعاني من قلة سيولة او مخاطر مالية معينة، وإذا أخذنا التسليفات نجد ان القطاع المصرفي قد سلّف القطاع الخاص 60 مليار دولار، أي أكثر من الناتج المحلي، غير أن الديون المشكوك في تحصيلها ما زالت بالنسبة نفسها التي رأيناها في السنوات الماضية، وهي 3 ونصف في المئة من المحفظة الائتمانية، وفي أسوأ الحالات يمكنها الوصول إلى 4%، وهي نسبة يستطيع القطاع أن يسيطر عليها.

وشدد على "أن مصرف لبنان موجود في القطاع المصرفي، ومن واجباته أن يحافظ على قانون النقد والتسليف وعلى المصارف كي يقوم بمهمّته المحدّدة في المادة 70 من قانون النقد والتسليف، والخاصة بالمحافظة على الاستقرار التسليفي. ما من اقتصاد يستطيع أن ينمو ويتطوّر إذا لم يكن لديه قطاع مصرفي سليم".

وتابع: كذلك تكلمنا عن العملة، وإذا لم تكن هناك عملة ثابتة، فتتراجع الثقة وترتفع الفوائد. وإذا لم يكن القطاع المصرفي سليماً، من أين يأتي بالأموال حتى يموّل الاقتصاد؟ سياستنا واضحة ولن نُقدم على إفلاس مصارف، ولذلك هذه السياسة مدعومة بقرار رسمي، عبر قانون موجود في المجلس النيابي هو قانون دمج المصارف، وهذا القانون قد أقرّ لان هناك قرارًا رسميًا في لبنان بأننا لا نريد ان نرى إفلاسات.

ولفت الى أن "منذ برزو سياسة عدم إفلاس المصارف، نمت الودائع بشكل لافت وأصبحت تفوق ثلاث مرات ونصف مرة الناتج المحلي". وقال: على صعيد الدولة، على مصرف لبنان ان يقيس دائماً مداخلاته مع الدولة تبعاً لأهدافه وإدارته للسيولة التي يضعها في السوق، وهنا نؤكد أن السيولة التي نطرحها في السوق لا يمكنها ان تكون مفتوحة على كل الجهات، فعندما يضطر مصرف لبنان الى ضخّ سيولة يكون مساهماً في ملاءة الدولة نظرًا الى العجز في الميزانية، فلا يعتبر ذلك حدثاً عابرًا ويضخ سيولة في غير أماكنها.

أزمة الإسكان: وتناول سلامة أزمة الاسكان، فقال: وضعنا رزمة مالية في 2018 ولكن حصل طلب على الاموال فاق بكثير الأموال التي رصدناها، فقد وضعنا مبلغ 500 مليون دولار وكان الطلب بقيمة 800 مليون دولار كقروض سكنية، واتفقنا مع المصارف على تلبية الـ800 مليون دولار، على ان تتحمل هي كلفة الـ300 مليون الباقية، وفي الوقت نفسه يعود مصرف لبنان ويُدخلها في رزمة 2019، وصدر تعميم في هذا الامر وتمت تلبية كل الطلبات، كما يُتوقع ان يرتفع الطلب أكثر، لذلك تحتاج العملية الى تنظيم ووضع أهداف وسياسة إسكانية، وهذا ليس من صلاحية مصرف لبنان.

أضاف: القروض المدعومة الباقية مستمرة ولم تنتهِ، أي القروض التي لها علاقة بدعم السياحة والزراعة والصناعة والبيئة والقطاعات المنتجة ما زالت قائمة، ولا يزال السوق يستعملها. فالقطاع المصرفي في لبنان وخارج لبنان، إذا لم يكن لديه مصارف في الخارج تعمل معه يتعطّل، ونظام الامتثال الذي وضعناه لاقى قبولاً وارتياحاً عند المصارف المماثلة. وثمة رزمة مالية لمصرف لبنان لم تحدّد قيمتها بعد، فنحن سنبقى داعمين للوضع الاقتصادي، وهذا من ضمن سياستنا لضخّ السيولة، وسنرى في ضوء موازنة الدولة للعام 2019 كم يمكننا ضخ سيولة من دون أن تخلق تضخماً.

وتابع: القضية تعود إلى الإمكانات، ونتمنى ان يكون لكل لبناني منزل خاص به، ومن خلال الدعم الذي قدمناه لقطاع الإسكان، وُجد 130 ألف منزل للبنانيين، وكل ذلك حصل من خلال السياسة النقدية التي قمنا بها، وفي الأشهر الـ13 الأخيرة تم دعم ما يساوي مليارين و300 مليون دولار من القروض السكنية. مصرف لبنان لا "يدير ظهره" لهذا الموضوع، بل هو موجود ولكن عليه ان يكون منطقياً مع نفسه ومع حماية الصورة المالية الأكبر. فالعملية تحتاج الى انضباط في هذا القطاع ومقاربة واقعية اكثر من ناحية الفوائد. استطعنا إيجاد الآليات المناسبة التي لا تضرّ لبنان ولا اللبنانيين وتتوافق مع القوانين التي تصدر خارج لبنان من قوانين عقوبات وغيرها، وبهذه الطريقة استطعنا ان نحافظ ليبقى لبنان منخرطاً في الصيرفة العالمية. وانتم تعرفون اليوم أنه عمل يتطلب جهداً كبيراً، والضغوطات المالية والاقتصادية هي التي تقرّر الحرب الحقيقية، وبالرغم من كل هذه الصعوبات استطاع لبنان بفضل هذا النظام الامتثالي الموجود وبشهادة الجميع، ان يبقى مستمراً.

ولفت إلى أن "ثمة مؤسسات دولية تتابع وضع لبنان وتعطي رأيها ونظرتها المستقبلية للبنان، وتقول إن الوضع ثابت وتعلل ذلك الثبات بوجود وضع نقدي متين، وتطالب بإصلاحات حتى يكون لدينا وضع مالي متين، ومن هنا نقول إن ليس مصرف لبنان فقط مَن يؤكد متانة الوضع المالي، بل المؤسسات الخارجية أيضاً.

وعن دور الإعلام لفت سلامة، الى انه "أساسي ويساهم في تكوين نظرة الرأي العام وتدعيم الثقة بالبلد، والمواضيع الاخرى لا يمكنني ان اتطرق اليها حتى لا ندخل في التجاذبات الموجودة في لبنان، وأحد أعمدة قوة مصرف لبنان هو بُعده عن السياسة وعن أي كلام في أي موضوع يتم تفسيره على اننا نتدخل في الامور السياسية". أضاف: نحن نعمل لمصلحة كل اللبنانيين، وهيئة التحقيق الخاصة بمكافحة تبييض الاموال تكافح الفساد عندما يمرّ في القطاع المصرفي، واتُخذت مبادرات من جانب مصرف لبنان منها إلغاء مصارف وتجميد حسابات لمصارف مشتبه بها. نحن لا نتجاهل هذا الوضع، وهذا من ضمن ما تكلمنا عنه، أي نظام الامتثال الذي وضعناه والذي يأخذ في الاعتبار موضوع الفساد، وإذا أردنا الحفاظ على الاستقرار التسليفي والتحويلات، يجب أن نأخذ ذلك في الاعتبار. ونحن نعتبر مؤتمر "سادر" مفيداً للبنان، لأنه وضع اموالاً بكلفة منخفضة من أجل إعادة تكوين البنية التحتية، فبدون بنية تحتية لا اقتصاد منتجًا ولا نمو اقتصادياً.

وأشار الى أن "دور مصرف لبنان غير محدد بالنسبة الى المؤتمر، والدور الاساسي للحكومة اللبنانية، اذا كانت الحكومة تريد لمصرف لبنان ان يقوم بأي دور، فهي مَن يحدّد ذلك. وإذا نظرنا الى الدين الموجود في السوق، نرى أن ما يحكى عنه رسميا هو في حدود 80 مليار دولار، لكن الدين السوقي يجب ان تحسموا منه ما هو خارج السوق، فيكون دين لبنان اقل من هذه القيمة، وربما يصل الى 50 ملياراً، كما ان الناتج المحلي في لبنان لا يعبّر تمامًا عن النشاط الاقتصادي لانه لا تخضع الاعمال كلها للفوترة. فالناتج المحلي هو أكثر من 53 مليار دولار، وثمة تقديرات تراوح بين 60 و70 مليار دولار، واذا حافظنا على جوّ من الثقة فتتدنى الفوائد.

وختم مؤكدا أن "لبنان يستطيع تمويل نفسه ولكن بكلفة أعلى، وليس هناك انهيار، بل المطلوب حسن الإدارة لمصلحة لبنان".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o