Jul 14, 2018 11:22 AM
خاص

"على حزب الله العودة من الساحات العربية درءا للخطر عن لبنان"
فوشيه: تأخير تشكيل الحكومة ليس لمصلحة لبنان ولا ضغط خارجيا
ماكرون يزور بيروت قبل نهاية العام والاصلاحات ضرورية لسيدر

المركزية- بنشوة انتصار مزدوج، ممزوجة ما بين ذكرى العيد الوطني وتأهل منتخب بلاده الى نهائيات كأس العالم في كرة القدم، على امل في أن يتوج على عرش البطولة خلال ساعات، يستقبل سفير فرنسا في لبنان برونو فوشيه مجموعة صغيرة من الاعلاميين القريبين من قصر الصنوبر حيث تحلو الجلسة الهادئة بعيدا من صخب العاصمة التي تحتضنه، ليتحدث في السياسة والاقتصاد والاجتماع ويتنقل بين ملفات لبنان والاقليم من الفها الى يائها.

الديبلوماسي المخضرم (57 عاما) صاحب الخبرة في شؤون منطقة الشرق الأوسط عموما والعالِم بخبايا وخفايا الواقع اللبناني المعقد وازماته المتناسلة، ولئن كان يدرك تمام المعرفة اسباب وخلفيات العقد والعقبات التي تحول دون تشكيل الحكومة في لبنان، يحاذر الدخول في التفاصيل والمسببات، ملتزما اصول وادبيات الديبلوماسية الراقية، بعيدا من توجيه الانتقاد للطبقة السياسية. ومع انه ينفي وجود عقبات ناجمة عن ضغوط خارجية تحول دون الانتقال الى مرحلة المخاض الاخير قبل ولادة الحكومة الحريرية الثالثة، يدعو اللبنانيين الى النأي بأنفسهم عن الخارج وصراعاته وصب اهتمامهم على كيفية الانتقال الى مربع التشكيل الاخير، خصوصا ان الانتخابات النيابية انتجت مجلسا جديدا، لان الاستمرار في سياسة الفرص الضائعة ليس لمصلحتهم. لا يمكن للبنان ان يمضي في هدر الوقت والتلهي بالخلافات والحصص المصلحية، غير عابئ بالتحديات الداهمة التي تواجه اقتصاده الرازح تحت شتى انواع الضغوط والمهدد بالانهيار فيما لو لم يستدرك المسؤولون الوضع ويتلقفوا كرة النار التي تتهدده ويبدأوا برنامج الاصلاحات الجذرية في اقصى سرعة. يقول فوشيه "على لبنان ان يستفيد من موجة الدعم الدولي غير المسبوقة التي جسدتها مؤتمرات الدعم من روما-2 الى "سيدر" فبروكسل حيث تجلى في شكل واضح مدى الحرص الذي يبديه المجتمع الدولي على استقرار وسيادة لبنان، النموذج الفريد في التعايش بين الطوائف والاديان والتعددية على المستويات كافة. على اللبنانيين ان يقتنعوا ان مؤتمر "سيدر" الذي وفّر للبنان مشاريع قيّمة وبالغة الاهمية لانعاش اقتصاده مشروط بتنفيذ الاصلاحات، وقد حرصت فرنسا على اطلاق تسمية مؤتمر "سيدر" عليه لانه لا يشبه ابدا مؤتمرات باريس1 و2 و3 . انه نموذج جديد يوجب التعاطي معه بمقاربات مختلفة، ذلك ان تنفيذ الاصلاحات المطلوبة لا سيما في مجالات سد مزاريب الهدر ووقف الفساد في الادارة والانطلاق في المسار الاصلاحي عموما سيخضع لعملية مراقبة دقيقة من المجتمع الدولي، لاننا امام حالة هي مثابة عقد موقع بين لبنان ودول الدعم  يتوجب عليه الالتزام بخريطة الطريق المرسومة فيه والتي تشكل حاجة ملحة وضرورة لمساعدته على تحسين وضعه المالي، عبر برامج ستوفر على خزينة الدولة مبالغ طائلة خصوصا في مجال معالجة ازمات الكهرباء والنفايات والمياه. ويكشف في السياق، عن عرض قدمته شركة اميركية لتأمين حاجة لبنان من الكهرباء بكلفة متدنية خلال ثمانية اشهر متحدثا عن تجارب مماثلة لشركات فرنسية في دول عدة وفرت الطاقة خلال عشرة اشهر لا اكثر. يبقى على الدولة اللبنانية ان تتخذ القرار في هذا المجال.

اما لجنة متابعة تنفيذ مقررات "سيدر" فهي لم تشكل حتى الساعة، ولا تم اختيار رئيسها، علما انها ستضم عددا محدودا جدا من ممثلي الدول الداعمة، يقول فوشيه، نافيا وجود مواعيد او مهل معينة للبنان لتنفيذ الاصلاحات المنصوص عليها في المؤتمر.

ويستغرب الديبلوماسي الفرنسي كيف تلاشى الاهتمام ببدء برنامج الاصلاحات والانطلاق سريعا في تشكيل الحكومة، لينتقل بعدما كان في ذروته ابان مرحلة الانتخابات النيابية الى مرحلة من التلكؤ عن التشكيل. ويوضح ان سلسلة زيارات لمسؤولين فرنسيين الى لبنان كان يفترض ان تتم الا انها ارجئت بفعل غياب حكومة اصيلة، فوزيرة الدفاع فلورانس بارلي كانت تعتزم الحضور الى بيروت مطلع الشهر الجاري لكنها عدلت كون الملفات التي ترغب في مناقشتها تستوجب وجود وزير دفاع كامل الصلاحيات، كما ان  المبعوث المنتدب لشؤون المتوسط السفير بيار دوكان كان ادرج لبنان في جدول محطاته للخارج بيد انه ارجأ للعلة نفسها.

وهل ينسحب السبب نفسه على زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون الموعودة؟ ينفي السفير فوشيه، ويشرح ان للرئيس رغبة حقيقية في المجيء للبنان لكن اجندة مواعيده المزدحمة بين الداخل والخارج تحول حتى الساعة دون ترجمة هذه الرغبة. ويكشف انه سيزور لبنان خلال الاشهر الثمانية المقبلة وعلى الارجح نهاية العام.

وبعدما غاص طويلا في الحديث عن برامج "سيدر" والاصرار على انجاحه خصوصا انه عكس مدى الاهتمام الرئاسي الفرنسي بلبنان واستقراره، تنقل بين الملفات السياسية وتلك الحساسة من بينها لا سيما وضع حزب الله، مجددا التأكيد ان فرنسا تعتبره احد المكونات السياسية اللبنانية وتتعاطى معه كما سائر الافرقاء، خصوصا انه ممثل في البرلمان والحكومة، لكن ذلك لا يعني انها توافق على وجوده وممارساته في الخارج. وسأل في هذا المجال ماذا يفعل الحزب في سوريا والعراق واليمن ولمصلحة من يقحم لبنان في صراعات الخارج؟ على لبنان النأي بنفسه عن ازمات دول الجوار لان الخطر عليه موجود وحقيقي.

وعن تأثير العقوبات الاميركية على حزب الله ومدى تأثيرها على تنفيذ مقررات "سيدر" يقول فوشيه لا تأثير ولا ارتباط بين الموضوعين، ذلك ان مشاريع سيدر تنفذ بين الشركات الاجنبية  ومؤسسات الدولة الرسمية والوزارات . وفيما لم يبد اعتراضا على اسناد وزارة الصحة الى حزب الله، اكد انه ينتظر كما سائر اللبنانيين  مبادرة حزب الله لاعادة النازحين السوريين الى بلادهم والاطلاع على خطته للعودة ،لابداء الرأي.

نقدر للبنان كثيرا الاستضافة المليونية للنازحين السوريين، وتجلى هذا التقدير في برامج المساعدات الدولية التي جسدها مؤتمر بروكسيل، يضيف سفير فرنسا، كما نقدر خياره وقراره في اعادتهم ولا نربط بين هذه العودة والحل السياسي الجاري اعداده دوليا، لكن العودة يجب ان تراعي المعايير الانسانية بطرق آمنة .

ماذا عن دور فرنسا في اعادة احياء الهبة السعودية للجيش اللبناني وما مصير السلاح الذي تصنعه شركة "اوداس" الفرنسية بناء على طلب قيادة الجيش اللبناني. يؤكد السفير فوشيه ان الهبة مجمدة، شارحا ان الرئيس ماكرون بذل جهودا جبارة في سبيل اقناع دول الخليج بعدم التخلي عن لبنان وتمكن من اقناع المملكة العربية السعودية بالمشاركة في مؤتمر روما 2 ولاحقا بتقديم مشاريع بمليار دولار في مؤتمر سيدر.

ولا تفوت الديبلوماسي الفرنسي الاشارة ختاما الى ان لا علاقة لفرنسا بأزمة المدارس في لبنان بما فيها تلك التي تتبع المنهج الفرنسي، بفعل القانون 46 وتداعياته على الادارات والاهالي، موضحا ان الرئيس ماكرون بحث الملف بدقة مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ابان زيارته الى الاليزيه ووعد بتقديم المساعدة حيث يلزم . واشار الى ان رئيس الجمهورية كلف شارل برسوناز متابعة الملف التربوي في دول منطقة الشرق الاوسط ، مشددا على وجوب تعزيز الفرنكوفونية في لبنان والمنطقة.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o