Mar 20, 2023 4:54 PM
خاص

ادوار دولية واقليمية لروسيا تتظهر في الاتفاقات...ماذا بعد؟

يولا هاشم

المركزية – وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى روسيا للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وتأتي هذه الزيارة بعد عشرة أيام من رعاية الصين للاتفاق السعودي –الايراني وبعد أيام على زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى موسكو. فما هو الدور الذي تلعبه روسيا في المنطقة؟  

مصادر مطلعة على الوضع الروسي عن كثب، تؤكد لـ"المركزية" ان "روسيا لعبت دورا مهما في تطوير الاتفاق الايراني -السعودي وكانت على تواصل مع الطرفين وعلى علم بكل الأمور التي تجري وتنسق مع الصين، وهذا ما أكّده وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف. علماً أن روسيا تؤكد منذ زمن  ضرورة التفاهم في الخليج، خاصة بين ايران والسعودية، وكانت لديها خطة دائمة تقوم على حماية "أمن الخليج".  

وتشير المصادر الى ان روسيا تلعب دورا مهما في موضوع التقارب بين السعودية والحوثيين لا سيما وقف إطلاق النار الدائم في اليمن. وروسيا على تواصل مع الحوثيين والمسؤولين اليمنيين خاصة فيما كان يسمى اليمن الجنوبي سابقا. ومع ايران أيضاً، حيث كانت هناك زيارة لبوغدانوف الى مسقط منذ فترة حيث أجرى لقاءات عدة بهذا الاتجاه، كما زارت وفود حوثية وسعودية في الوقت عينه موسكو حيث تم البحث في الموضوع نفسه في سبيل التوصل الى وقف دائم لإطلاق النار وإلى حلّ في اليمن. 

وتؤكد المصادر ان موسكو في الوقت نفسه، لعبت دورا في عملية التقارب السوري –العربي وعودة سوريا الى الحضن العربي، وهي مرتاحة جداً الى عودة هذه العلاقات وزيارة الوفود الدائمة لسوريا. وكان لموسكو دور في التواصل بين السعودية وسوريا لترتيب لقاءات بين الأجهزة الأمنية السعودية والسورية.  

اليوم، وبحسب المصادر، تعتبر روسيا أننا أصبحنا في عالم متعدّد الاقطاب، وتأثيره بات واضحا وقد برز ذلك من خلال الاتفاق السعودي – الايراني في بكين وبدعم روسي. وسيكون للصين وروسيا دور جديد وصفحة جديدة في الشرق الاوسط بشكل أساسي، نتيجة الوضع الجديد والعالم المتعدد الأقطاب مقابل تراجع احادية القطب الاميركي وتأثيره. من هنا، يعتبر الروس ان الهدف الاساسي من الحرب الاوكرانية ضرب عالم القطب الواحد هذا والانتقال الى عالم متعدد الأقطاب وهذا ما بدأ يبرز ميدانياً.  

حتى في موضوع التقارب السوري – التركي لعبت روسيا، وفق المصادر، دورا اساسيا وما زالت، من خلال لقاء وزراء الدفاع ومسؤولي المخابرات، وما زالت مستمرة في العمل للتحضير لاجتماع وزراء الخارجية الاربعة (روسيا – تركيا – ايران – سوريا). حاول بشار الأسد وضع شروط على هذا اللقاء، لكن روسيا تعتبر ان لا حاجة للشروط، لأن اللقاء تبحث فيه كل الأمور، ولذلك ما زالت التحضيرات مستمرة لعقد اللقاء الرباعي، الذي سيبدأ باجتماع نواب وزراء الخارجية، يتبعه وزراء خارجية الدول الأربع، يليه لقاء قمة يجمع الرؤساء الايراني ابراهيم رئيسي والروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان والسوري بشار الاسد.  

وتلفت المصادر الى ان الرئيس السوري حاول أثناء زيارته لموسكو، ألا يتكلّم نهائياً في لقاءاته الصحافية عن التسوية السياسية في سوريا، ووضع شروطا للقائه الرئيس التركي، وهذا الأمر لم يرح الروس لأن لا بدّ من حلّ سياسي في سوريا برأيهم بناء على قرار الأمم المتحدة 2254، لذلك تستمر موسكو بالتحضير للقاء الرباعي، لأن هذا يريح الوضع في المنطقة برأيهم، كما يريح لبنان أيضاً. كما ان التقارب العربي -السوري والسعودي- الايراني يريح لبنان وهذا ما سيترك نتائجه في المستقبل على المنطقة بشكل عام وعلى لبنان أيضا في الفترة القريبة. كل هذه المعادلات تترك تأثيرها على الوضع وبدأت نتائجها تظهر. وقد سمعنا اليوم انه تم الاتفاق على تبادل الاسرى في جنيف بين الحوثيين واليمنيين، وهذه أيضاً خطوة جاءت نتيجة الاتفاق السعودي –الايراني.  

بالنسبة لزيارة الاسد الى موسكو، فقد أكدت الزيارة على الوجود الشرعي للقوات الروسية بطلب من الاسد. كما طلب الرئيس السوري مساعدات اقتصادية لأن سوريا تمرّ بوضع اقتصادي صعب، لكن روسيا لن تعطي سوريا مساعدات مجانية، وهي تطلب في المقابل ان يذهب النظام السوري باتجاه الحلّ السياسي والتقارب مع الدول العربية ومع تركيا، لأن هذا الامر ضروري جدا برأيهم. 

وكشفت المصادر أن موسكو لم تكن مرتاحة للتصريحات التي أدلى بها الاسد، لأن الحديث في الاجتماعات كان شيئا، وما ادلى به من تصريحات كان شيئا آخر. لكن بشكل عام تم الاتفاق على عقد الاجتماع الرباعي وعلى التقارب السوري –العربي، ومن شأن كل ذلك ان يترك تأثيراته على المنطقة. هناك صفحة جديدة بطبيعة العلاقات الصينية -العربية والروسية -العربية، بدأت معالم العالم الجديد تظهر وبدأت المنطقة معه تشهد انسحابا اميركيا مقابل تعزيز الوجود الروسي والصيني. 

وتعتبر المصادر ان زيارة الرئيس الصيني الى موسكو مهمة جدا، لأن التقارب الصيني -الروسي يلعب دورا اساسيا اليوم في تحوّل العالم الى متعدد الأقطاب، وهذا ما يريح روسيا في الحرب مع اوكرانيا. فالموقف الصيني والهندي والتركي والعربي خاصة الخليجي داعم لروسيا، ويدلّ على أننا في عالم جديد. وزيارة الرئيس الصيني الى روسيا بعد انتخابه لخمس سنوات جديدة، وهي زيارته الأولى الى موسكو ولها مؤشرات جد مهمة، إذ تدلّ على ان التفاهم الصيني -الروسي يتطور بشكل كبير، اضافة الى العلاقات التجارية بين البلدين، حيث زاد التبادل التجاري بنحو 50 في المئة. زيارة مهمة وستكون نتائجها مهمة والتفاهم الروسي -الصيني يتوطد اكثر فأكثر، ويبرز خاصة في الموقف الصيني من العقوبات الاحادية والتدخلات الخارجية والدعم لاوكرانيا. 

ماذا عن واشنطن، هل ستقف مكتوفة الأيدي؟ هنا تؤكد المصادر ان واشنطن مهتمة بشكل اساسي بالتهدئة واستتباب الأمن والاستقرار في العالم كله، والتركيز على روسيا والصين والحرب الاوكرانية. وبالتوازي، تستمر المباحثات بين الولايات المتحدة وايران مباشرة عبر مسقط (عُمان) للبحث في الاتفاق النووي، والدليل على ذلك ان واشنطن ستسمح لطهران بالحصول على 7 مليارات دولار من الأموال المجمدة مقابل إطلاق سراح عدد غير محدد من الأميركيين المحتجزين بتهمة التجسس في إيران. 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o