Mar 20, 2023 2:08 PM
خاص

ما بعد انهيار SVB ليس كما ما قبله!

 

خاص - "المركزية"

يواجه العالم اليوم أزمة مالية قلبت أسواق المال رأساً على عقب، فاهتزّ معها النظام المالي العالمي الذي سارع أركانه لاحتواء تلك الكارثة المتقاطعة مع تداعيات الحرب الروسيّة – الأوكرانيّة السياسية والاقتصادية من جهة، وخلط الأوراق التحالفية بين السعودية وإيران، وجولات الرئيس السوري العربية، وما قد يخلف كل ذلك من تداعيات على الساحة الدولية.
وتوازياً مع انكباب السلطات الأميركية على التخفيف من الضغوط عن النظام المالي في أعقاب انهيار "بنك سيليكون فالي" إذ بلغت قيمة القروض التي مَنَحها الاحتياطي الفدرالي للمصارف الأميركية بموجب برنامج جديد بما يفوق الـ12 مليار دولار حتى الآن، سجّلت أسهم المصارف العالمية اليوم تراجعاً لافتاً مع انحسار الهدوء الذي أعقب صفقة تاريخية مدعومة من السلطات السويسرية لإنقاذ بنك "كريدي سويس" المتعثر من جانب منافسه مجموعة "يو.بي.أس" UBS وبروز مخاوف جديدة من مخاطر الديون مرتفعة العائد التي أصدرتها المصارف الكبرى.

هذه التطورات الدراماتيكية، استدعت لقاءً طارئاً لحكّام البنوك المركزية لأكبر دول العالم عبر تقنيّة "زوم"، للتنسيق في ما بينهم بحثاً عن حلول موحَّدة عاجلة لدرء المزيد من الانعكاسات السلبية على سائر المصارف وأسواق المال والأسهم والحدّ من توسّع رقعة الانهيار...

المشهديّة العالميّة "المسؤولة" نجدها مغايِرة تماماً لمشهديّة المنظومة السياسية المحلية "الرّخوة" في مواجهة الواقع المالي والمصرفي المأسوي اللبناني! فهنا لا اجتماعات طارئة، ولا تدابير أو إجراءات حكوميّة وتشريعيّة عاجلة، ولا حتى أي بحث عن حلّ رسمي قريب أو متوسّط أو طويل الأمد يَقي المودِعين شبح الخسارة المحتَّمة، ويُبعِد عن المصارف كأس الإفلاس المرّ، ويُزيل عن مصرف لبنان حِمل الحلول الآنية "من طرفٍ واحد"... 

"الدولة منذ ثلاث سنوات وحتى اللحظة في غيبوبة ليس عما يجري حولها، بل عما يُمكن اجتراحه من حلول ومعالجات مفترَضة! في حين أنها تستفيق وتستعيد وعيَها الكامل عند تنفيذ "أجندة" القضاء على ما تبقى من القطاع المصرفي حتى اليوم" بحسب مصدر مالي لـ"المركزية"، "في حين أن المصارف لا تزال إلى جانب مصرف لبنان، الداعم الوحيد للدولة في الوقت الراهن والساعِد الذي يمدّها بالصمود لجبه التحديات المختلفة على أشدّها. فالمصارف هي مَن تموِّل الدولة إلى اليوم، إذ أنها تغطّي كلفة الدعم لاستيراد المواد الأساسية للمواطن، كما أنها تؤمّن دولارات منصّة "صيرفة"...إلخ، وكل ذلك من أموال المودِعين". 

ويقول إن "الدولة المسؤولة تبحث عن الحلول والمعالجات، أما الدولة غير المسؤولة فتقضي على ما تبقى من مقوّمات الصمود، حيث القضاء يدّعي على مصارف بتهمة تلقيها المساعدة من مصرف لبنان، بدل المطالبة بمدّها بالمساعدة من أطراف أخرى لدرئها عن خطر الإقفال والانهيار الذي يؤدّي بالبلاد والعِباد إلى ما لا يُحمَد عقباه". 

وإذ يتساءل المصدر في السياق، "متى سَيَعي اللبنانيون أن تفجير هامَ غضبهم يجب أن يكون في المكان الصحّ وليس في المكان الخطأ؟!"، يرى أن "تحرّك حكومات وسلطات دول العالم عقب أعقاب انهيار "بنك سيليكون فالي"،  كشف المستور عن الدولة اللبنانية التي حاولت طوال أعوام خلت التبرّؤ من إنفاقها غير المجدي من أموال المودِعين، والنأي بنفسها عن أي مسؤولية حيالهم كي تغطي الهدر والفساد اللذين طالما تحكّما بمفاصل إداراتها ومؤسساتها... فأهدرت احتياطي مصرف لبنان الذي يضمّ الأموال المودَعة من المصارف لديه والتي هي بدورها أموال المودِعين لا أموال المصارف!". 

ويتابع: إذاً، فيما السلطات الأميركية تعاقب إدارات المصارف المتعثّرة لأنها أخطأت في مجالات استثماراتها، فعلى الشعب اللبناني محاكمة دولته التي أفسدت وأهدرت أمواله من دون أن يرفّ لها جَفن، وها هي تتلطّى اليوم خلف حقوق المودِعين. 
ولم يغفل المصدر المالي المفارقة ما بين قوّة القطاعين العالمي واللبناني، ويشير إلى أن "تعثّر عدد من المصارف الأميركية أثار هلع المودِعين لسحب ودائعهم منها ما تسبّب بتخوّف المصارف الأخرى، بينما واجهت المصارف العاملة في لبنان كلها دفعة واحدة وفي الوقت عينه، هلع المودِعين واقتحام مقارّاتها للمطالبة بودائعهم بالتهديد والوعيد والتخريب... وفي ظل هذا الضغط اللامتناهي منذ ثلاث سنوات حتى اليوم، بقيت المصارف اللبنانية صامدة "بأعجوبة" تقاوم باللحم الحيّ وتلبّي احتياجات المواطنين بأكبر قدر من المسؤولية وإن لم يكن أداؤها بالمستوى المطلوب، لكن أياً من المصارف أقفل أبوابه ورمى مفتاحه في وجه عملائه ومضى... وعلى رغم ذلك، لا يزال بعض الجهات النافذة يصوّب سهامه على القطاع المصرفي لمَحوِه من الوجود عنوةً، بهدف استقطاب المصارف الخمسة الموعودة!

ويخلص إلى القول: إذا كان الإضراب القائم والذي سيستمر طالما أن لا حل استجدّ حتى اللحظة، لم يخلق الوعي المطلوب لدى المسؤولين في الدولة، علّ التطورات الدراماتيكية التي تشهدها الولايات المتحدة وسويسرا وغيرهما، تحثّهم على وعي خطورة الوضع واستعادة صوابهم لتلقّف الحلول المطروحة أمامهم، والإسراع إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة... وإلا على لبنان السلام.  


* * *

 
  

  

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o