Nov 29, 2022 7:09 AM
متفرقات

العام الدراسي يدخل مرحلة الخطر

يدخل العام الدراسي مرحلة الخطر مع أول تحرّك هذا العام، مع إعلان روابط التعليم في المدارس الرّسمية الإقفال اليوم وغداً، والتهديد بـ»تقليص الدوام ليومين أسبوعياً، على قدر الراتب». إلا أنّ هذا التحرّك يأتي «على استحياء»، وببيانات ضبابية لا تؤمن الغطاء النقابي للأساتذة، بل تطلب منهم «الذهاب إلى مركز العمل، والتوقف عن التعليم هناك»، على الرغم من أنّ جزءاً لا يستهان به من المشكلة يكمن في عدم قدرة الأساتذة على الوصول إلى المدارس بعدما أصبح الراتب يساوي ثمن 3 صفائح بنزين. لذا، لم يبدُ التحرّك مقنعاً لكثيرين قرروا عدم الالتزام، وبالتالي لن يعمّ الإقفال كلّ المناطق اللبنانية. سيكون التعليم عادياً في أكثر من منطقة، أو بمن حضر من الأساتذة في الملاك والمتعاقدين، أو لصفوف الشهادات فقط، كبعض مدارس الجنوب وجبل لبنان والمتن.

ما يجري في المدارس الرّسمية، بحسب "الاخبار"، ليس إضراباً، ولا تعطيلاً، ولا انقطاعاً عن العمل. حارت رابطة الثانوي ودارت لتخرج باسمٍ جديدٍ في بيانٍ صدر يوم الجمعة الماضي، وبعد اجتماعات أُجريت عن بعد لعدم القدرة على «قطع مسافات طويلة». فالرسالة التي أوصلتها الروابط إلى المدارس مفادها «لا إضراب»، ولكن «سنبرّر عدم حضوركم... مع خشية أن يؤثر ذلك على احتساب أيام الحضور»، وما يستتبع ذلك من عدم احتساب للحوافز في حال إقرارها للدفع، بمعنى آخر «تعا ولا تجي».

ويأتي التحرّك اليوم على قاعدة «أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً»، فبعد نفاد صبر الأساتذة وأموالهم، واضطرارهم إلى المفاضلة بين الذهاب إلى العمل أو إطعام أولادهم، وتراجع وزير التربية عن وعوده بدفع الحوافز الاجتماعية (130$ شهرياً) مع انطلاقة العام الدراسي، وتأخر صرف الرواتب على أساس موازنة العام 2022 (راتبين إضافيين إلى الراتب الأساسي)، تقفل المدارس ليومين آخر الشهر بانتظار قبض رواتب شهر كانون الأول، من دون خطة تصعيد واضحة.

إلى ذلك، تبدأ فروع رابطة الثانوي بـ«الخروج من تحت العباءة»، والتلويح بوجه كلّ من يعنيه الأمر أنّها «لن تنتظر إجماع الهيئة الإدارية لأن الأحزاب لم تستطع الإمساك بأعضائها». وبالفعل، قرّر عدد منها الدعوة إلى اجتماعات عامة للأساتذة على مستوى المنطقة للتباحث في «سبل أخذ القرار المستقلّ». وفي فرع بعلبك - الهرمل يذهب الأساتذة أبعد من ذلك، فيؤكّد علي خليل الطفيلي، رئيس الفرع، «الانفصال التام عن الهيئة الإدارية بعد رفض إعادة فرز أصوات الأساتذة في الجمعيات العمومية» التي ترتّب على نتيجتها انطلاقة العام الدراسي الحالي.

أما وزير التربية، فخرج أول من أمس ليضع المشكلة في ملعب الأساتذة، ويؤلّب المتعاقد على الملاك محمّلاً الأخير مسؤولية لقمة عيش الأول في حال التوجه نحو الإضراب، ويبرّئ وزارته وإدارته من أيّ تقصير، موحياً للرأي العام بأنّ «الأستاذ سيحصل على ثلاثة رواتب شهرياً»، كما أنّ الشهر المقبل يحمل معه «ستة رواتب للأساتذة، ودفع بدلات النقل». إلا أنّ ما لم يقله الوزير هو قيمة هذه الرواتب، ومنذ أيّ شهر لم تقبض بدلات النقل. فالرواتب الثلاثة تتراوح قيمتها بين 7 و10 ملايين ليرة، وبدلات النقل مكسورة عن العام 2022 كلّه. كما أنّ الوزير لم يتطرّق إلى كلامه شخصياً مطلع العام الدراسي الحالي حين وعد الجهاز التعليمي بتقديمات تناهز الـ 17 مليون ليرة بين رواتب مضاعفة وحوافز مالية (130$ شهرياً)، لم يتحقق منها شيء.

وفي السياق عينه، أشارت "نداء الوطن" الى ان المساعي السياسية والتربوية والنقابية فشلت في تأمين عام دراسي ناجح منذ انطلاقه، وهو ما زال يترنّح تحت وطأة تداعيات الأزمة الإقتصادية التي أصابت كلّ قطاعات الدولة بما فيها التعليم الرسمي. فالمعلّمون غير قادرين على الاستمرار في التدريس لأنّ رواتبهم لا تكفي أجرة الإنتقال إلى المدارس، بعدما تخلّفت الدولة عن دفع الزيادة التي وعدتهم بها.

تجلّيات الأزمة ظهرت بوضوح في الإضراب التحذيري ليوم واحد الذي أعلنه مديرو ومعلّمو المدارس الرسمية في صيدا وجوارها وقد وصفوه بـ»التعطيل قسراً» بسبب الظروف الإقتصادية الصعبة التي يمرّ بها الجميع، لا سيّما المعلّمين الذين يجدون أنفسهم عاجزين عن الحضور إلى مراكز عملهم، أو تحمّل كلفة النقل فضلاً عن تأمين أبسط حقوقهم الإنسانية.

وقالت أوساط تربوية «إنّ التعطيل القسري هو بمثابة ناقوس خطر للأسوأ القادم، بل هو صوت المعاناة علّه يصل إلى من يعنيهم الأمر»، مشيرة إلى أنّ «رابطة التعليم الأساسي في لبنان أبلغت المعلّمين بإمكانية عدم حضورهم الى مدارسهم ثلاثة أيام في الأسبوع (الإثنين والثلاثاء والأربعاء) بسبب كلفة أجرة النقل، ولكنّهم فضّلوا المضيّ قدماً في التحذير وصولاً إلى التعطيل القسري ثلاثة أيام ثم الإضراب المفتوح حتى تستجيب وزارة التربية والتعليم لمطالبهم المحقّة».

وعُلم أنّ قرار التعطيل ليوم واحد اتّخذ بعد تشاور بين مديري مدارس صيدا الذين إتفقوا على إصدار بيان تفادياً لحصول أي إرباك بين المدارس نفسها من جهة، ومع الطلاب من جهة أخرى، وصولاً إلى توفير دفع أجرة نقل على ذويهم من دون أن يتعلّموا، والخطوة التالية تتّجه نحو التعطيل مجدداً ليوم واحد ثم لثلاثة أيام.

وفيما إلتزمت مدارس صيدا ومنطقتها بالتعطيل، أقفلت الصفوف وغاب المعلّمون وحضر المديرون وبعض أفراد الهيئة الإدارية ولازم الطلاب منازلهم.

ويقول رئيس رابطة معلّمي التعليم الأساسي في لبنان حسين جواد لـ»نداء الوطن»: «يجب التمييز بين الإضراب الذي يكون عاماً وشاملاً وبين التوقّف القسري وسببه عدم قدرة الأساتذة على الوصول إلى مدارسهم، لأنهم تقاضوا هذا الشهر راتباً واحداً يتراوح بين مليون و800 ألف كحد أدنى ومليونين و800 ألف كحد أقصى. وأمام هذا الواقع وعدم القدرة على الوصول إلى المدارس قرّرنا التوقف القسري لأننا غير قادرين على تحمّل دفع أجرة التنقّل، والتوقف القسري هو بمثابة رسالة واضحة إلى المسؤولين بأننا لا نريد إقفال المدارس، بل نريد الوصول اليها، عبر الاستجابة لمطالبنا المحقّة وأولى خطواتها دفع متأخّرات بدل النقل كما وُعدنا يوم الأربعاء المقبل بحيث يتقاضى كلّ أستاذ نحو أربعة ملايين ليرة ما يمكّنهم من الوصول إلى مدارسهم».

وأوضح جواد «أنّ دفع ثلاثة رواتب (أي دفع الراتب مضاعفاً ثلاث مرّات) بحدّ ذاته لا يكفي للحضور إلى المدارس أربعة أيام أسبوعياً نحن بحاجة الى حوافز متمّمة لذلك، وهي ما أعلن عنها وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي ومقدارها 130 دولاراً أميركياً، وإذا لم تكن هناك حوافز فيجب أن يُعاد النظر بأيام الدوام ما يعني أننا ذاهبون إلى تقييم جديد وسننتظر 15 يوماً مهلة الوزير الحلبي وإلّا ليقل كلمته ويعلن أنّه غير قادر على دفع الحوافز إلا لأشهر قليلة، وعندها على روابط التعليم الأساسي والثانوي والمهني تحديد موقفها وما إذا كانت لديها القدرة على الاستمرار أم لا وتقليص أيام التدريس».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o