May 26, 2022 4:26 PM
خاص

الصندوق السيادي ليس سيد نفسه...كبار المودعين يستعيدون اموالهم وصغارهم على ايداعاتهم السلام!

المركزية- في وقت يعيش اللبنانيون أتعس أيام حياتهم في ظل الإنهيار الإقتصادي غير المسبوق والذي يهدد بدخول لبنان في دوامة الأزمات وصولا ربما إلى الإنفجار الإجتماعي الكبير، تدور النقاشات حول إنشاء الصندوق السيادي علما أن خريطة الطريق القانونية لقيامه دونها عقبات، عدا العوائق التقنية والتشريعية. وفي غياب أي توزيع عادل للخسائر وتغييب أي شرح واضح للمودعين عن أي خطة مستقبلية تنوي الدولة السير بها لإنقاذ البلاد من الأزمة المالية التي تعاني منها وما هو أفضل الممكن، هل يكون الصندوق السيادي أحد الحلول الناجعة للأزمة المالية؟ وهل من مخاطر للسير به؟

يشكّل السير بالصندوق السيادي الوارد ضمن خطة المصارف للتعافي موضع تجاذب بين رافض ومؤيّد له. فالصيغة المقترحة حالياً تساهم بأفضل الاحوال في سدّ جزء من الدين العام وبأسوأ الأحوال تكون مصدراً للمحسوبية والفساد.

يتألف اقتراح قانون الصندوق السيادي اللبناني من ثمانية فصول و25 مادة. أهمها ما ورد في الفصلين الثالث والسادس وما بينهما والذي يتحدّث عن حوكمة الصندوق وهيكليته، والقواعد المالية، واستثمارات الصندوق والمساءلة والشفافية. إلا أن ثمة إشكاليات تكمن في هذه المواد.

وفي هيكلية وادارة الصندوق، أيضا إشكالية متعلّقة بالجهة المعنية بتعيين أعضاء الهيئة الإدارية إذ يفترض أن يعيّن مجلس الوزراء اعضاء الهيئة بينما تقتصر مهام وزارة المالية على سلطة الوصاية. وفي السياق يطرح فعل الـ"تعيين" تساؤلات عديدة حول استقلالية الاعضاء. أضف إلى ذلك ان مواد اقتراح القانون لا تحدد آلية اختيار أعضاء الهيئة الإدارية ومؤهلاتهم العلمية والعملية.

بالتوازي، دعت المصارف في خطتها المقترحة إلى إنشاء صندوق يستثمر ولا يتملّك بعض موجودات الدولة وحقوقها، ليعيد الى المودعين حقوقهم وإن على المديين المتوسط والبعيد، انطلاقاً من ضرورة ان تساهم الدولة بالخسائر إلى جانب مصرف لبنان، حتى لا يتم تحميلها حصرا إلى المصارف والمودعين، وفق ما يظهر جلياً في خطة التعافي الاقتصادي التي اعدّتها الحكومة، والتي تقترح فيها حلّ المصارف غير القابلة للاستمرار، وحماية صغار المودعين الى أقصى حدّ ممكن، في مقابل إلغاء جزء كبير من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تجاه المصارف. وقد أعادت رسملتها جزئياً بسندات سيادية على أن تُلغى الخسائر السلبية في رأس المال تدريجاً على مدى 5 سنوات.

إذا بين مؤيّد لإنشاء الصندوق ورافض لأي خطة تساهم في تعويم المصارف تعدّدت وجهات النظر. لكن الأساس يبقى في اعتماد معايير الشفافية والتدقيق الخارجي وهما غير مطروحين في اقتراح القانون لا بل شبه مغيبين. وفي العودة إلى اقتراح القانون يتبين أنه لا ينص على نشر قائمة بموجودات الصندوق ومن المسؤول عنها او من يديرها. كما ان الرقابة الخارجية المنصوص عليها، في المادتين 19 و21، غير كافية للاطلاع على حسن إدارة الصندوق وامواله، إذ لا تفرض اية شروط للإفصاح بشكل علني عن التدقيق الخارجي الكامل للحسابات إنما تقدم ما يُعرف بالتقرير السنوي المحرّر ومن الممكن أن لا يكشف البرلمان على معلومات وافية عن سلوك مدراء الصندوق وقراراتهم.

كل هذا يؤشر إلى نتيجة واحدة، استحداث بؤرة جديدة للفساد والمحسوبية، وتسديد فوائد الدين من دون أن يكون هناك أي ادخار يذكر. والأخطر غياب أي قواعد واضحة لإيداع الأموال وسحبها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى قواعد الاستثمار. والسؤال الذي يطرح: من يقوم بالسحب؟ ولأية أهداف وما هي القيمة المحددة؟ أين سيتم استثمار هذه الأموال في الداخل أم الخارج؟ ومن يضمن عدم امكانية الإستثمار في شركات وهمية تابعة لسياسيين أو مدراء ومسؤولين في الصندوق السيادي في ظل غياب قواعد الإستثمار ومعايير تضارب المصالح؟

ثمة من يقول اليوم "راح البلد" والنقاش يدور حول صندوق سيادي للبنان. صحيح لكن في لبنان تحديداً تعودنا العيش على قاعدة إشتدي أزمة تنفرجي". واليوم تخطينا مفهوم الأزمة ودخلنا آتون الإستنزاف والنزاع الأخير. وإذا كانت ثمة طاقة أمل فالمطلوب البحث جديا في خطة تعاف مستقبلية،إلا إذا صح أن صندوق النقد الدولي لا يحبذ إنشاء صندوق سيادي كونه سيحمل الأجيال أعباء الدين الناتج عن فساد المسؤولين.

مصدران أساسيان يُعتمد عليهما لتمويل الصناديق السياديّة في العالم وهما: فائض احتياطات النقد الأجنبي، الناتجة عن عائدات الخصخصة، وفوائض الموازنة، والتبرّعات وأيضا من عائدات التصدير، لا سيما الموارد الطبيعيّة كالنفط والغاز والمعادن النادرة.

أمّا في لبنان، فبمجرد طرح فكرة إنشاء صندوق سيادي بعد الإنهيار المالي نهاية العام 2019 ، هذا يعني أن ثمة هدفا واحدا وهو التعويض على المودعين الذين خسروا أموالهم في المصارف اللبنانيّة، من خلال بيع أو "استثمار" بعض الأراضي المشاعات على أن تذهب مداخيل هذه "التصفية" إلى صندوق سيادي يعوّض على المودعين أموالهم لا إلى خزينة الدولة. وبذلك يضمن كبار المودعين حقوقهم وتتم تصفية أملاك الدولة. اما صغار المودعين، فعلى جنى عمرهم ألف سلام!

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o