Mar 04, 2022 6:05 AM
صحف

الترسيم: "جواب" لبنان بيد "حزب الله"!

غداة تسلمّ لبنان "عرضاً مكتوباً" من الوسيط الأميركي يرسم الأسس التفاوضية لعملية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، بات جلياً أنّ السفير آموس هوكشتاين تقصّد وقف "بازار" التفاوض الشفهي وإنهاء تلاطم المواقف اللبنانية على ضفاف خطوط الترسيم، فأنجز ما طُلب منه عبر تقديم طرحه الخطي "ليحصل في المقابل على جواب نهائي وخطي أيضاً من الجانب اللبناني"، حسبما عبّرت مصادر مواكبة للملف لـ"نداء الوطن"، مشيرةً إلى أنّ "الوسيط الأميركي رمى الكرة في الملعب اللبناني وينتظر راهناً الجواب الرسمي من لبنان، فإذا أتى إيجابياً أو قابلاً للتعمق فيه فسيدفعه ذلك إلى زيارة لبنان في وقت قريب، أما إذا كان الجواب سلبياً أو غير حاسم فسيصرف النظر عن القيام بهذه الزيارة".

وإذ نوهت بكون الرسالة الأميركية التي نقلتها السفيرة دوروثي شيا إلى كل من رئيسي الجمهورية والحكومة، ميشال عون ونجيب ميقاتي، تقضي بالسير في "خط متعرج يعتمد إحداثيات الخط 23، بمعنى الانطلاق من هذا الخط ثم يتعرّج ليمنح لبنان حقل قانا كاملاً، قبل أن يعود للاستقامة فيحصل لبنان بنتيجته على مساحة بحرية بحدود860 كيلومتراً"، رأت المصادر في المقابل أنّ "الهجوم الشرس الذي شنه "حزب الله" في مواجهة الوساطة الأميركية يؤكد أنّه قرر سحب زمام المبادرة والمناورة من يد الدولة والتصدي بنفسه لمهمة تحديد الموقف اللبناني من عملية الترسيم، فأصبح عملياً "جواب" لبنان المرتقب على الطرح الأميركي بيد "حزب الله" أكثر مما هو بيد عون أو ميقاتي".

وفي هذا السياق، لفتت المصادر إلى أنّ "ذلك لا يعني أنّ قيادة "حزب الله" كانت غائبة أو مغيّبة عن دائرة النقاشات الرئاسية التي دارت مع الوسيط الأميركي في الفترات السابقة، بل على العكس من ذلك كان "الحزب" هو من أمّن الغطاء لهذه النقاشات، وقد أعطى رئيس الجمهورية تطمينات واضحة للأميركيين بهذا الخصوص، لكنّ مجريات الأمور على الساحتين الإقليمية والدولية أعادت خلط الأوراق في حسابات "حزب الله" فحتّمت عليه مصالحه الاستراتيجية "فرملة" الموضوع بانتظار انقشاع الرؤية في اتجاه المسارات على خطي مفاوضات "جنيف" ومعارك "كييف" لإعادة تقويم الموقف في ما يتصل بمصير ملف الترسيم"، مشيرةً إلى أنّ "حزب الله" ورغم أنه يدرك تمام الإدراك "مدى حاجة رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل إلى مجاراة المطالب الأميركية في هذا الملف على أمل بأن يسهم ذلك في رفع العقوبات عنه، ولا يمانع "الحزب" بمساعدته في تحقيق غايته هذه، لكنه في المقابل لن يفرّط بسهولة بورقة ترسيم الحدود مع إسرائيل ولن يقدّمها مجاناً للأميركيين، لا سيما وأنّ "حزب الله" يرى تسرعاً رئاسياً واستعجالاً لتقديم تنازلات في هذا الموضوع من دون تلقي أي مقابل وازن وملموس حتى الساعة".

أما "الاخبار" فاعتبرت ان ليس صدفة، في خضمّ الغليان الذي يعيشه العالم في ضوء الحرب الروسية ــــ الأوكرانية، أن تُعطي الولايات المتحدة إشارات على استمرار اهتمامها بملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة. فالضجّة المثارة حول الملف سياسياً وإعلامياً في العلن، و«التخبيص» في إدارته سراً لأسباب لا يُستطاع التستّر عليها وانشغال الجميع بمخاطر الحرب شرق القارة الأوروبية، أوحى بإمكانية تجميد الملف في الوقت الراهن. إلا أن الرسالة التي حملتها السفيرة الأميركية دورثي شيا إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أول من أمس، وتضمّنت عرضاً مكتوباً ترجمة للعرض الشفهي الذي حمله كبير المفاوضين في وزارة الطاقة الأميركية غاموس هوكشتين، بناءً على طلب لبنان، بدّد التساؤلات مؤقتاً.

هذه الخطوة، بحسب مصادر معنية بالملف، هي «رسالة تؤكّد في الشكل قبل المضمون أن الأميركيين مستمرون في عملية التفاوض»، ويؤكد ذلك، تطرق مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية فكتوريا نولاند إلى الملف في اتصال مع عون أخيراً، علماً بأن الأميركيين استعاضوا بهذه الرسالة عن الزيارة التي كانت مقررة لهوكشتين إلى بيروت قريباً. إذ أكدت المصادر أن «التصعيد الذي حصلَ أخيراً في ما خص ملف الترسيم والخطين 23 و29، والكلام عن صفقات مشبوهة ستؤدي الى تخلّي لبنان عن جزء من ثروته النفطية»، فضلاً عن الموقف الأخير لرئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، كلها دفعت إلى تأجيل الزيارة وتسليم الرسالة كنوع من «جس النبض»، وإذا تعامل لبنان معها بإيجابية فسيحدد الوسيط الأميركي موعداً جديداً للزيارة، وإلا فإنه «لن يُضيّع وقته».
وتؤكد المصادر أن ما يريده هوكشتين هو «جواب نهائي على العرض الذي يقترح حصول لبنان على الخط 23 مشوّهاً». ماذا يعني ذلك؟ يعني أن تكون حصة لبنان الخط 23، ينحرف صعوداً عند البلوكين 8 و10، فيكونان هما والجزء الخارجي من حقل قانا مع العدو الإسرائيلي»، إضافة إلى عرض آخر يتضمّن أن تقوم شركة «توتال» من الجانب اللبناني وشركة «هاليبرتون» من الجانب الآخر بإدارة الحقول المشتركة، على أن يتم العمل على الحدود برعاية قطرية.

ووفقَ مطّلعين على جو الاتصالات، فإن «الأميركيين مصرّون على أن يكون البلوك الرقم 8 من حصة العدو الإسرائيلي من دون توضيح الأسباب»، مرجحة أن «يكون العدو قد أجرى مسوحات أظهرت وجود كمية كبيرة من الثروة فيه، أو أنه يريد أن يضمن عدم المس بحقل كاريش، وأن يكون هذا البلوك ممراً لخط الغاز الممتدّ من إسرائيل إلى قبرص، وصولاً إلى تركيا».
مصادر بعبدا قالت إن «الرسالة هي مرحلة من مراحل التفاوض، وهي وثّقت فقط محاضر الاجتماعات التي عقدها الوسيط الأميركي في زيارته الأخيرة»، مشيرة إلى أن «لا خلاصات نهائية لدى الجانب اللبناني وأن العرض لا يزال يخضع للدراسة عند الرؤساء الثلاثة».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o