Jan 27, 2022 3:39 PM
خاص

التجنيد الداعشي في طرابلس...هكذا تواجهه الاجهزة الامنية والفاعليات الروحية!‏

المركزية- ليس بقاء الرئيس سعد الحريري وتياره المستقبلي داخل الحياة السياسية او تعليق المشاركة فيها همّ الطرابلسيين ولا من يرث البيت الحريري او يملأ فراغ الزعامة السنية، على اهميتها. هناك في أحياء وأزقة  أبو سمراء والبداوي والقبة والتبانة والمنكوبين حيث الاسم على مسمّى، ثمة هواجس أبعد بأشواط وقلق يقض مضاجع الاباء والامهات والشباب عنوانه الاوحد الذل والقهر والفقر والجوع والبطالة المستشرية التي تشرّع الابواب على شتى انواع الآفات التي لا يسلم منها الا من يُوفق في الهجرة او الاستزلام لزعيم، والا فالسرقات وتعاطي المخدرات وما ينتج عنها من اجرام والانضمام الى جماعات متطرفة  تنمو في بيئات مماثلة والوقوع  في افخاخ دجالي قوارب الموت، في المرصاد.

في هذه الأحياء، حيث الارض الخصبة لاصطياد القاصرين، تضرب التنظيمات الارهابية ضرباتها، مستفيدة من "اختفاء" الدولة وما يتصل بها من اهتمام بمواطنيها ومتابعة اوضاعهم وحاجاتهم، ولو اختفوا. وهم بالفعل يختفون وهي عنهم غافلة، الا إن ابلغ عنهم اهلهم متوسلين الاجهزة الامنية مذهم بمعلومة تطمئن قلوبهم ولا تجدها، فعجلات مراكب الارهاب تدور اسرع من مركبات اجهزة الامن التي غالبا ما لا تتوافر لها المحروقات لتشغيلها في الدولة المهترئة.

روايات كثيرة نُسِجت حول عودة "داعشية" قوية الى بيئة طرابلس الفقيرة المنسية، تأكد بعضها على لسان وزير الداخلية، فيما تبين تضخيم بعضها الآخر، غير ان التضخيم مفيد علّ الدولة النائمة تستفيق قبل فوات الاوان وتتحرك لدعم الاجهزة الامنية والعسكرية التي تناضل باللحم الحي من اجل حماية طرابلس وابنائها من براثن "داعش" واخواتها ومنع التحاق المزيد منهم بمشرعها الشيطاني الذي عاد لينشط اخيرا في العراق وسوريا مقابل حفنة من الدولارات تقي عائلاتهم الفقيرة الجوع والموت فيضحون بأنفسهم عن جهل لإنقاذ اهلهم بعد اخضاعهم لعمليات غسل ادمغة تتم اما بالمباشر او عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

الظاهرة القديمة المتجددة، عادت الى الضوء بقوة بعدما كشفت النقاب عنها مخابرات الجيش على اثر توقيف اثنين من اعضاء خلية داعشية اغتالت "ابو زياد مراد" واسمه الحقيقي احمد مراد، وهو مؤهل متقاعد في الجيش، في آب الفائت، وضبطت في هواتف في حوزتهم صورا وافلاما لتنظيم داعش وامورا دينية متشددة من ثقافة التنظيم واعترفوا بتجهيز انفسهم واخرين للجهاد في ارض العراق وسوريا مقابل الفي دولار اميركي شهريا، في حين هرب اربعة من اصل ستة كانوا يشكلون نواة لتجنيد الشبان واعتقدوا انهم باغتيال "ابو زياد" يتمكنون من تأسيس مربع امني خاص بهم فيفرضون سطوتهم، الا ان المخابرات باغتتهم واحبطت مشروعهم. على الاثر، تحركت الاتصالات بشبان قاصرين من المدينة على صلة بالاربعة الذين هربوا الى الخارج والتحقوا بالتنظيم، وتمكنوا من تأمين مغادرة العشرات منهم، ترجح المصادر الامنية عددهم بين 40 و45 شابا من بينهم من خرج حديثا من سجن رومية الذي تاخذ المصادر على الدولة اهماله لدرجة تحوله الى منبع للارهاب والتكفير اذ عوض تأهيل المساجين تتركهم فريسة لتنامي موجات المخدرات والارهاب المنتشرة بكثرة في ما بينهم. من هنا تتوسع دائرة التواصل بينهم وبين الخارج من شبان طرابلس الفقراء، لا سيما من بعض المطلوبين او من في حقهم مذكرات توقيف يتم ترهيبهم بالاجهزة الامنية واقناعهم بأن مصيرهم المحتم السجن والتعذيب اذا ما تم توقيفهم، فيجدون في "داعش" الملاذ الآمن والاغراء المادي.

المصادر الامنية، تؤكد لـ"المركزية" تواصلها الدائم والمفتوح مع القيادات الروحية  والمشايخ في طرابلس المشرفين على هذه القضية، كاشفة عن تسليمهم خمسة قاصرين اوقفوا كانوا يستعدون للمغادرة والانضمام الى التنظيم كبادرة حسن نية وليشكلوا عبرة للآخرين تبدد هاجس القلق من الاجهزة الامنية اللبنانية. واكدت استمرار الجهود والتنسيق التام بين الاجهزة لا سيما مخابرات الجيش ومفتي طرابلس والشيخ نبيل رحيّم لاحتضان هؤلاء ومحاولة نزع الافكار الداعشية عنهم وطمأنتهم عبر تقديم ضمانات بعدم التعرض لهم، علما ان من غادروا باتت عودتهم شبه مستحيلة في ضوء المعلوم عن التنظيم وسلوكياته.

التعويل راهنا، تختم المصادر على امرين ،التعاون الوثيق بين أئمة المساجد ودار الفتوى والفاعليات، لقطع طريق التجنيد في المدينة وخارجها، والرصد الامني الدقيق لاي تحرك مشبوه في البيئات التي تشهد تطرفا دينياً، على امل ان تستفيق الدولة على واقع مدينة مهمّشة وعاصمة ثانية هي الاشدّ فقرا تضم للمفارقة اغنى اغنياء لبنان.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o