May 21, 2018 3:16 PM
خاص

مجلس 2009 وداعاً... احجـــــــام جديدة في 2018
بين الأرباح والخسائر نافذة "نسبية" للمستقلين والمجتمع المدني

المركزية-  صحيح أن الانتخابات النيابية الأخيرة أطلقت مرحلة سياسية جديدة في البلاد، بعد تمديد ثلاثي للمجلس المنتخب في 7 حزيران2009 علما أن في سجل هذا الأخير قانونا انتخابيا جديدا، وانتخاب رئيس للجمهورية، وإنجاز موازنتين، بغض النظر عن المخالفات الدستورية التي قفزت كل الكتل النيابية فوقها لتتيح ولادتهما، لكن الصحيح أيضا أن الاستحقاق النيابي أفرز توازنات وأحجاما سياسية جديدة سيوظفها الجميع في مرحلة تشكيل ما يسميها المقربون من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون "حكومة العهد الأولى"، وقبلها في استحقاقي انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه وهيئة مكتب المجلس، بعد أقل من 48 ساعة. وهو ما كان التيار الوطني الحر قد أعطى إشارة قوية إليه على لسان عدد من نوابه المنتخبين، معتبرين أن منصب نائب رئيس مجلس النواب من حقه باعتباره صاحب الكتلة النيابية الأكبر عددا. ذلك أن التيار كسب رهانه على النسبية التي نادى بها طويلا تحت شعار "استعادة حقوق المسيحيين"، وأتاح للمسيحيين ايصال عدد من نوابهم بأصواتهم، ما أدى إلى ارتفاع عدد أعضاء التكتل العوني الذي يحمل اليوم اسم "تكتل لبنان القوي" من 27 إلى 29، وهم من النواب العونيين الفائزين في انتخابات 6 أيار، إضافة إلى نواب حزب الطاشناق الذي تحالف معه التيار في بيروت الأولى والمتن وزحلة، فكان أن تمكن الحزب من رفع عدد أعضاء كتلته من 2 إلى 3، بعد إنضمام النائبين المنتخبين عن بيروت الأولى ألكسندر ماطوسيان وأغوب تريزيان إلى النائب المتني أغوب بقرادونيان. على أن يضم هذا التكتل أيضا النائب المنتخب طلال إرسلان طبقا للإتفاق المبرم بينه وبين الوزير جبران باسيل، قبل الانتخابات.

على أن التيار الذي كان يضم عددا من الشخصيات المستقلة إلى تكتله النيابي القديم، سيخسر أعضاء كتلة المردة التي حافظت على أعضائها الثلاثة، مع فارق خروج النائب سليمان فرنجية من الصورة لصالح ابنه طوني، وحلول النائب المنتخب فايز غصن مكان زميله النائب سليم كرم. ذلك أن اتصالات سياسية واسعة أجراها تيار المردة أفضت إلى انضمامه إلى الكتلة التي عمل عليها طويلا حليف المردة التقليدي النائب السابق فريد هيكل الخازن، الذي أعاده ناخبو كسروان- جبيل إلى مجلس النواب، بعدما خاض المعركة إلى جانب النائب المنتخب مصطفى الحسيني، الذي سيكون هو الآخر في عداد هذه الكتلة ، علما أن الحسيني هو النائب الشيعي الوحيد الذي يغرد خارج سرب ثنائية أمل- حزب الله، بعدما أطاح مرشح الحزب عن المقعد الشيعي في جبيل الشيخ حسين زعيتر بـ 256 صوتا تفضيليا فقط.

غير أن إحدى أهم المفاجآت التي خرجت بها صناديق اقتراع 6 أيار تكمن في نجاح القوات اللبنانية في مضاعفة عدد ممثليها في الندوة البرلمانية من 8 في المجلس السابق إلى 15، بينهم 10 كوادر حزبيين، علما أن القنبلة الانتخابية المدوية التي فجرتها معراب في وجه خصومها وحلفائها على السواء تكمن في نجاحها في كسر الاحتكار البرتقالي لدائرة جبيل- كسروان من خلال مقعدي النائبين المنتخبين شوقي الدكاش (كسروان) وزياد الحواط (جبيل)، إضافة إلى نجاحها في ولوج دائرة المتن الشمالي بمقعد ماروني يشغله القيادي إدي أبي اللمع. أمام هذه الصورة، وجدت القوات أيضا أن من حقها خوض استحقاق نيابة رئاسة مجلس النواب من خلال تأييد ترشيح النائب المنتخب أنيس نصار، في مواجهة مباشرة مع التيار تنطلق أولا من الحضور العددي للطرفين في الندوة البرلمانية الجديدة.  

وفي مقابل الأرباح الإنتخابية، سجل كثير من الكتل الكبيرة والوازنة تراجعا. وفي هذا الاطار، يبقى تيار المستقبل مضرب المثل، حيث اعترف الرئيس سعد الحريري في 7 أيار الجاري بأن التيار الأزرق خسر ثلث نوابه، بدليل أن الكتلة الزرقاء تقلصت من 32 نائبا إلى 21، وهي خسارة تحمل تأويلات وتفسيرات كثيرة، تتفاوت بين من يفضل التركيز على كون الحريري نجح في امتحان تكريس زعامته السنية (بغض النظر عن خرقين سجلهما النائبان المنتخبان فؤاد مخزومي ونجيب ميقاتي)، ومن يعتبر أن الحريري فقد بعضا من تنوع ميز كتلته بدليل أن ميقاتي نجح في حصد المقعدين المسيحيين في طرابلس بفوز النائبين المنتخبين جان عبيد ونقولا نحاس، علما أن رئيس الحكومة السابق سيؤلف كتلة تضمه إلى عبيد ونحاس، والنائب العلوي المنتخب علي درويش.

وفي ما يتعلق بالمختارة، تمكن الحزب التقدمي الاشتراكي من تكريس زعامته الدرزية في الجبل، وإن كان مقعد النائب طلال إرسلان محسوما. غير أن هذا لا ينفي أن الكتلة الجنبلاطية تراجعت من 11 إلى 9، بفعل ثلاثة أهداف انتخابية سجلها العونيون أولا في مرمى تحالف جنبلاط- القوات- المستقبل، من خلال النواب المنتخبين سيزار أبي خليل، فريد البستاني وماريو عون، مع الاشارة إلى أن جنبلاط تمكن من الابقاء على المقعد الدرزي في بيروت الثانية (الذي انتقل من غازي العريضي إلى فيصل الصايغ)، وخسر المقعد الارثوذكسي في البقاع الغربي، والذي يشغله اليوم النائب المنتخب هنري شديد، بدلا من النائب أنطوان سعد.   

وفي معرض تشريح نتائج انتخابات أيار 2018، تجدر الاشارة إلى أن كتلة حزب الكتائب تراجعت من  5 نواب إلى ثلاثة بعد خروج النائبين ايلي ماروني وفادي الهبر من صفوفها، علما أنها المرة الأولى التي تتمثل فيها الكتائب بنائبين في المتن الشمالي الذي يعد أهم معاقلها الشعبية على الاطلاق (سامي الجميل والياس حنكش)، في معركة استطاع النائب نديم الجميل الخروج منها منتصرا، بالحفاظ على مقعده الماروني في بيروت، وإن كان كثيرون يشيرون إلى أن الصيفي خاضت المعركة وحيدة من موقعها المعارض، وإن كانت دوائر زحلة وبيروت الأولى والشمال الثالثة قد شذت عن هذه القاعدة، حيث نسج الكتائبيون والقواتيون تحالفات انتخابية صبت لمصلحة معراب أولا.

أما على خط الثنائي الشيعي، فقد حافظ على احتكاره التمثيل الشيعي، ما خلا دائرة كسروان جبيل، ورفع عدد ممثليه في مجلس النواب من 25 (13 لحركة أمل و12 لـ حزب الله)، إلى 31، بعد انضمام عدد من المستقلين إلى الثنائية، أبرزهم النائب المنتخب اللواء جميل السيد. غير أن هذا لا ينفي أن جهود الحزب لم تحل دون وصول المرشج القواتي أنطوان حبشي إلى مجلس النواب ممثلا دائرة بعلبك الهرمل، التي لطالما اعتبرها الحزب حصنه المنيع الذي لا يخرق.

وفي وقت نجح الحزب السوري القومي الاجتماعي في ايصال ثلاثة نواب إلى المجلس (سليم سعادة، أسعد حردان وألبير منصور)، بعدما كان تمثيله مقتصرا على حردان والنائب مروان فارس ، ترك ناخبو 6 أيار مكانا للنواب المستقلين على رأسهم رئيس السن النائب ميشال المر الذي خسر كثيرون رهانهم على نهاية وشيكة للظاهرة السياسية التي شكلها على مدى عقود في المتن، والزميلة بولا يعقوبيان التي من المفترض أن تنقل تجربة المجتمع المدني إلى مجلس النواب، في سابقة هي الأولى من نوعها وقد تكون احدى أهم فوائد القانون النسبي الجديد... على رغم نكهته "الأكثرية" التفضيلية...

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o